بصرف النظر عن جرعة الحقد غير المبررة فى مقالة أ/عادل حزين على القائد السياسى البارز جورج حبش، فأن ما طرحه حول عمليات خطف الطائرات وبأعتبارها عمل ارهابى،والذى سبق وان تناولته قناة العربية فى برنامج شاركت فيه ليلى خالد وهى من ابرز ابطال عمليات الجبهة الشعبية امر يستحق المناقشة.


ولعل أ/عادل حزين وبقية الزملاء الذين يقطعون بأن هذه العمليات كانت ارهابية(وانا لأ ادافع عن هذا الأسلوب من العمليات)يتجاهلون عدة عوامل أساسية لابد من مراعاتها عند بحث اساليب التحرر الوطنى فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى:


1-المرحلة التاريخية
2-مستوى وعى ونوعيه المنظمات التى تصدت لمهمة التحرير
3-مستوى تعامل المجتمع الدولى مع القضية الفلسطينية
4-طبيعة تعامل اسرائيل فى الفلسطينيين داخل اراضيهم و خارجها.
وعوامل اخرى لن اتناولها،وذلك حتى لا نتوصل فى نهاية الحوار إلى ان المقاومة الشعبية فى بورسعيد وعمليات المقاومة الفلسطينية ضد مواقع الأسرائيليين كانت ارهابا.


ما يثير دهشتى أن أ/عادل حزين يحرص على أدانه ما اعتبره أرهاب فلسطينى بشدة،دون التنويه لأسبابه التى تتمثل فى عمليات الأرهاب الأسرائيلية التى بلغت ذروتها فى الستينيات ليس فقط ضد الفلسطينيين وانما ايضا ضد المصريين(قصف مدرسة بحر البقر) ولابد أن أ/ عادل حزين بأعتباره مقيم فى الولايات المتحدة فهو رجل يؤمن بالعلم واكتشافاته،ويعلم انه يوجد قانون فى العلوم يدرس فى المدارس يؤكد (انه لكل فعل رد فعل مساوى له ومضاد فى الأتجاه) يعنى عندما يشتد الأرهاب الأسرائيلى من دير ياسين إلى بحر البقر،فلابد أن يولد هذا رد فعل مساوى لوحشية ما يحدث ومضاد له فى الأتجاه،فيتم خطف الطائرات واحتجاز الرياضيين الأسرائيليين وهجوم مطار اللد...المسألة يا أ/استاذ عادل لا علاقة لها بالأخلاق الحميدة، انها قوانين تحكم حركة العالم.لذا ولدت مذابح صبرا وشاتيلا و قانا...الخ الأنتحاريين الذين يفجرون أنفسهم فى مطاعم المدن الأسرائيلية ومحطات الباص...


اضافة لذلك يوجد مفهوم نفسى يطلق عليه تسمية (اليأس) يعنى فقدان الأمل، يعنى انت تذبح وتقتل و تسحل، ولا يرفضون فقط منحك قطعة ارض من وطنك او منحك اى شئ وانما يرفضون الأعتراف.. مجرد الأعتراف بحقك فى الحياة المستقلة!!هذا اليأس سيؤدى للأحباط من اى اساليب سوية فى التواجد من خلال هويتك الوطنية، وبالتالى سيولد رد فعل مدمر بعد أن سيطر الأحساس بالدمار على صاحبه.


ويأتى أ/عادل حزين ليوزع الأتهامات على الفلسطينيين بالأرهاب،وقد اتفق معه فى أن قيام الأخوان بحرق القاهرة كان ارهابا،ولكن كيف يمكن أن اتفق معك بأن عمليات اسر الجنود الأسرائيليين ارهاب،انهم جنود وعندما لايتواجدون فى قواعدهم فهم أذا يقومون بأعمال عسكرية، انهم ليسوا فتيات أو فتيان حتى يخطفون!!


واريد أن اقول لك يا أ/عادل ان القبطى المتشدد لا يختلف عن الأخونجى المتطرف،انهما وجهان لعملة واحدة، لأن كلاهما يرسم مصير الوطن استناد لمنهجه الدينى الطائفى،ويقيم ويصنف البشر وفق أنتماءتهم الدينية والطائفية، المسألة ليست اسلاميين فقط، انها مسألة منطق دينى وطائفى متشدد ان كان مسيحيا او اسلاميا أو يهوديا، ولعلنا نذكر أن التشدد اليهودى قد ادى لقيام هؤلاء المتشددين بأغتيالات فى صفوف القادة الصهاينة بأعتبارهم باعوا القضية؟؟


كما انه لايحق للأسلاميين فرض قانونهم على مصر، لايحق لك ايضا محاربة شعارات وطنية لشعوب اخرى بدعوى انها تهدد مصر!! لماذا تهدد مصر؟ لانهم يتكاثرون بشكل متسارع ولهم سند اسلامى فى مصر!!!! منطق عبثى وهزلى،وكأن المصريون لايتكثرون بسرعة أكبر،وكأن السند الذى تتحدث عنه لن يؤثر على نتاجات تكاثر المصريين،ثم لم افهم..كيف تتعاطى مع حقوق شعب فى ارضه بمنظور ديمغرافى،وتمارس عمليه اضطهاد عرقى!! ثم تتحدث عن مخاطر الأضطهاد الدينى والعرقى.


ومما لاشك فيه أن مقالك حول د.جورج حبش لا يحتاج إلى اى رد او تقييم، ليس فقط لأنه يتهجم على واحد من ابرز القيادرات السياسية العربية فى مرحلة التحرر الوطنى أكبر من أن ندافع عنه،وانما لأن المنطق الذى يناقش به أ/عادل ليس أكثر من منطق سمك-لبن- تمر هندى،منطق مصطبة السادات،فيضع حبش وبن لادن فى سلة واحدة متجاهلا عن عمد أن الفارق بين ما هو وطنى وما هو دينى طائفى،متجاهلا معاناة شعب وتداعياتها، واخيرا متجاهلا ايضا أن اطفال بحر البقر وصبرا وشاتيلا ودير ياسين...الخ.ولا أدرى هل يعرف أ/عادل حزين الفارق بين ماذا يريد الفلسطينيون(دولة ووطن وحق تقرير المصير) وماذا يريد بن لادن.واذا كان لا فرق بالنسبة له بين هذه الأهداف وتلك فهذا يعنى انه لا جدوى من الحوار ولا معنى له.ودعونى فى هذه الحالة اطرح سؤال على هيئة تحرير أيلاف..هل وصل بهم الأمر إلى درجة نشر مواضيع لا يفرق كتابها بين مفهوم وأهداف التحرر الوطنى وحقوق الشعوب من جهة،وبين مساعى القوى الطائفية الظلامية التى تدمر كل ما هو حضارى وأنسانى من جهة أخرى.

مازن عباس

موسكو