تعوَدَ من في العراق على انتخابات المبايعة الدورية في النظام السابق، فالكل يبايعون مادام المنتخب هو واحد لا يتغير.والنتيجة كما هو معروف 100% ان لم تكن اكثر،لان المُبايع مضمون من الرعية،وهو قريب من العرش المقدس له الحزب و اضافة الاصدقاء، فمكانته مربوطة بعرش السماء الحافظ لها من كل اذى.هكذا تعودنا على مدى اكثر من عشرين سنة من عمر الزمن دوع اعتراض.

فالخلافة له والدستور له والقانون له.وما يتحدث به ليلا سواءً كان ثملا او صاحيا يصبح نهارا قانونا على العراقيين، ألم يقُل يوما في احدى جلساته الوعظية الطويلة quot;ان ما اقوله هو القانونquot;،وتاريخه يذكرني بالحاكم بامر الله الفاطمي في مصر حينما اجبر المصريين على النوم في النهار والعمل في الليل.تلك التخيلات التي جرت الوبال على المصريين والعراقيين معاً.ورغم ان المُبايع السابق كان يدعي انه قرأ التاريخ ونظرية التحدي والاستجابة واصدر كتيبا في قراءة التاريخ لا زلت أحتفظ به،لكنه ظهر انه هو الوحيد الذي لم يقرأ التاريخ ولا نظرية التحدي والاستجابة،،ولو قرأ التاريخ بتمعن لما وقع في فخ التاريخ.فهل اخترع صدام حسين معنىًٍ جديدا للتاريخ وافاقا جديدة للحضارة؟

لقد اخطأ هذا الرجل حين قرََن دراسة التاريخ بالماضي وحده،هذا مفهوم قديم لم يعد يأخذبه احد من اهل التاريخ، لان نظرية التاريخ الحديثة تقول ان التاريخ هو الحركة للكون والارض والاحياء والناس والتغيير الدائم شكلا ومضمونا.فالتاريخ هو مجرى الماء في النهر الذي لا يجف ولا ينقطع كنهري دجلة والفرات والنيل الحبيب، والباحث في التاريخ لا يبحث في سجلات الماضي البعيد بل يبحث في الانسان والتجربة الانسانية على الارض.لذا فالانسان هو الصورة التي وصل اليها الماضي في سيره مع الزمان.وقد قال بعض العلماء ان التاريخ هو سياسة الماضي لسبر اغوار الحاضر،اذن هو المعرفة والتخطيط والسياسة وتحري الدقة في امور الناس والدولة،فهل فهمها الرجل السابق على هذا الاساس ام على اساس التراث الجامد المغنى به دون تجديد؟

هل قرأ الرئيس تاريخ الامم والملوك، اوقل تاريخ تدهور الدولة الرومانية العظيمة وسقوطها،وهل سيقرأ حكام العراق الجدد هذا التاريخ؟ لا اعتقد في صدام ذلك فلو قرأه لعرف كيف كانت الحياة تجري في اعظم دولة خلقت على الارض مقيدُ امبراطورها بقانون ودستور ومجلس امة وصلاحيات كل منهم فاعل مايريد؟فاذا كانت الدولة الرومانية بهذا المستوى العالي من التظيم القانوني والاداري،أذن لماذا ضعفت وانهارت وسقطت؟ الدول لا تسقط بالزمن كما قالها ابن خلدون في دورة العمران،لان الكائن الحي متجدد لا ينتهي بالوقت او الزمن، لكنها تسقط حينما تفقد الجانب الشرعي من تكوينها،والجانب الشرعي هو العدالة الاجتماعية المكلف بها صاحب الرعية، ولان الانسان كان يعيش تحت سيطرة اباطرة مستبدين لاقيمة للانسان عندهم ولا يسمعون شكوى من احد، فقد الهتهم تجارتهم عن كل شيء،واصبح مستشاروهم لا ينقلون لهم الحقيقة ماهو كائن في مجتمعاتهم،فأسدلوا بينهم وبين الحقيقة حجاب لا يرون من خلفه من شيء، فاصبحت العدالة عندهم لا معنى لها،يقتلون وينهبون ويخربون ويعتبرون الناس عبيدا ما داموا هم محصنون خلف اعمدة المرمر المزركش في روما يسكنون.

وعلى الرغم مما يقال عن عظمة القانون الروماني الذي لازال يدرس في الجامعات كنموذج للقانون،فان الانسان الروماني كان يعيش بلا قانون،لان سيده المحصن ورجاله وحمايته واهله محصنون مثله فوق القانون،مثلما كانت قوانين العراق القديم التي خدمت الالهة دون الناس،فانهارت القيم الانسانية وكل سلطان الضمير عندهم فصاروا يعيشون همجا من الناحية المعنوية وان كانوا يعيشون في اطار حضاري متقدم،واذا انهارت القيم وسادت الفوضى تنهار الدولة بالتدريج وتسقط ومن يقرا تاريخ الدولة الرومانية والاموية والعباسية يجد ذلك واضحا عنده،فهل يتعض اليوم من يحكمون
.
فهل تشابه حاكم النظام السابق في العراق معهم وعاش في تيهاً رغم ادعائه بمعرفة التاريخ والقانون؟أظن ذلك صحيحا.
ولنعد لموضوعنا في عراق التغيير الذي يستعد لقراءة التاريخ بروح الواقعية والتقدم ويجري انتخابات جديدة لا ندري كيف ستكون، انتخابات القائمة المغلقة والاسماء الوهمية كما جرت في السابق وولدت لنا المآسي والتخلف،ام انتخاب الاشخاص الذين تتوفر فيهم أهلية الكفاءة والاخلاص وأمانة الوطن،وفي الوطن العراقي وخارجه منهم الكثير،هنا عليهم ان يقرأوا التاريخ على عكس ما قرأه السابقون،والا سيقعون بذات الاشكالية التاريخية التي ما نجت منها دولة من السابقين؟ حتى لا يستذل الشعب وتتحطم كبرياؤه، لنتحدث قليلا عن انتخابات جديدة لمجالس المحافظات،نأمل ان ترعاها لجانا ليست كالجان الاولى لنخرج بنتيجة للوطن والمواطن،بنواب يستطيعون ان يحضروا الاجتماعات وليس في رؤوسهم المال والمنصب والهبات والعطايا والامتيازات المالية والمعنوية التي عودتهم عليها اصحاب المصالح الشخصية ليبنوا لهم ما لا يبنى للوطن والمواطنين. علنا نضع ايدينا معهم لنبني من جديد، العراق الجديد كما يسموه اليوم.
.
واليوم تأتي فرصتهم الثانية لانتخابات جديدة شملت كل العراقيين في محافظات الداخل تحت ادراة هيئة الانتخابات المستقلة المختارة والتي نرجو لها ان تكون مختارة بصح وصحيح،لاننا لازلنا نضع علامات الاستفهام عليها لتكرار الاسماء الرمادية فيها،،لتأتي بكل جديد فكانت انتخابات الخارج التي عاصرناها والتي ما انصفت العراق والعراقيين،عدلا ومواطنة،حين اختارت لجانها كلها من الائتلاف الموحد لتنفرد بالصوت والمال دون الاخرين والمحصنة الا من تبذير الاموال لتأخذها من افواه العراقيين.

واليوم نامل ان الحكومة قد حفظت الدرس واستوعبت الماضي لتجعل من الانتخابات الحالية للمحافظات العراقية نقطة الانطلاق نحو التصيح الكبير لتأتي برجال يعرفون الله والعراق وحقوق الاخرين.يقول الامام علي في معرض رده على الولاة(ايها الناس لا تقبلوا واليا لا يعدل بينكم،فمن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق).

نحن ندعوا الهيئة العامة للانتخابات الى التزام جانب الحياد في تعيين اللجان القادمة بانتخابات المحافظات وان يكون ممثليهم منهم يختارونهم بحرية الارادة ونقاء الضمير بعد ان شبعنا قهرا وظلما وتحيزا للاخرين. وان تكون الانتخابات على الشخص لا على القائمة لتخرجوا نوابا يمثلون الشعب لا يمثلون انفسهم والاتباع فتفشل ريحهم كما فشلت مع السابقين، ًفاياكم والاستئثاربما الناس فيه اسوة.،فأن الله لن يسمح باختراق حقوقه ابدا.يقول الحق(فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمدالله رب العالمين،الانعام 45).
نطالبكم بلجنة انتخابية مستقلة حيادية التصرف والهوى،وان انتخابات المحافظات يجب ان تفرز نوابا منهم يمثلونهم في برلمان محافظاتهم لا كما ادخلتم غيرهم من الاخرين، الذين نصفهم اليوم من الهاربين ومتكئينَ على سرائر اموال الشعب ظالمين في عمان ودبي ولندن مستقرين،تدفع جراياتهم لهم ظلما بالمظاريف وهم عن الشعب ومعاناته معرضون،والاسوف لن تجنوا الا الخسران المبين اذا تجاوزتم حقوق المواطنين.

لقد استقر الامن اليوم نسبيا ولا اغالي ان اقول ان الجهود الحالية المبذولة من قبل الحكومة قد اجدت نفعها وخاصة وزارة الداخلية مشكورة بعد ان هذبت وشذبت كل فصائل الادغال التي حشرت في منتسبيها حشرا بغفلة الزمن بعيدا عن ارادة المخلصين،،املنا في السيد وزير الداخلية ان يكثف جهوده لانتزاع كل اشواك الدرن التي لازالت عالقة هنا وهناك املا باصلاح الوطن وحماية المواطنين.

ان الامانة التي يكلف بها من يكن مسئولا عن الناس ودفاعا عن حقوق الاوطان، هي لا تفيد القائمين بها من شيء،ان لم تكن تفيد بالمحافظة على الحقوق والكرامة لكل المواطنين،فماذا يبقى للانسان اذا استذلت كرامته وتحطمت كبرياؤه،على الجميع ان يفهوا نظرية الحكم في الاسلام وفي دستور المدينة بالذات الذي ضمن حقوق المواطنين بالتساوي مع حكامهم وكل المسئولين والذي اغفلته الكُثر ممن يدعون، كما اغفلته الدولة الاموية والعباسية خوفا على خلفائها وملوكها، لكن النتيجة كانت واحدة هي الخسران المبين.

نريد تنظيما لقوائم الناخبين وتحقيقا لشخصيات الناخبين ومجالا وامانا للناخبين حتى لا يخيفهم احد ولا يخشون احد،فاذا نجحت هذه الانتخابات وافرزت المخلصين ستكون هي البداية لمعركة المستقبل الشرسة مع الناكثين والناجحة ضد كل خطأ جاء من القاصدين.الاعمال ليست مجرد كلام يقال او مدون في الكتب بل هي تجارب،والتجارب تبقى حية بثمراتها دون ان يكون هناك شاهدا عليها بالضرورة. ليتخلص الوطن من فوضى المستغلين.
أجتهد يا مالكي اليوم لعلك تصل الى ما وصل اليه الاخرون، ساعتها سنصفق لك ونقول انتصر الصادقون،ولا نبقى نلوم كل حاكم جديد يأتي كما تعودنا على السابقين،كفانا فقد قتلتنا الردة والمرتدين. فهل سنرى صدق ما تدعون.نحن نريد التغير لكل الذي حدث ولا نبقى نلوم انفسنا لاننا نحن ايضا من المقصرين.

يقول القرآن الكريم( ان الله يعلم مافي السموات ومافي الارض،يعلم سركم وجهركم و يعلم ماتكسبون،الانعام 3).وأنتم بالقرآن من المفسرين.

د.عبد الجبارالعبيدي
[email protected]