كانت هونغ كونغ تحت التاج البريطاني لعشرات السنين وكانت الصين تطالب طيلة تلك السنوات بإعادتها الى الإمبراطورية الصينية، وعندما عادت سمح لأهلها بامتلاك الجنسية البريطانية والهجرة الى بريطانيا (المستعمِرة)، فذهب غالبية اهالي هونغ كونغ الى بريطانيا، واستقروا فيها، قسم آخر منهم ذهب وحصل على الجنسية البريطانية وعاد الى هونغ كونغ (بلده الأصلي ) ليعيش كبريطاني وليس كصيني رغم ان هونغ كونغ عادت للبلد الأم !.

وعندما استقلت ( سورينام ) التي كانت تعرف باسم غويانا الهولندية من الدولة المستعمرة ( هولندا) هاجر أكثر أهاليها الى هولندا وتركوا بلادهم المستقلة ليعيشوا في هولندا ! وفضل أهالي جبل طارق وهي منطقة تابعة للتاج البريطاني، فضلوا باستفتاء شعبي البقاء تحت التاج البريطاني !.

اغلب الدول العربية ودول الجوار العراقي لها اتفاقيات أمنية مع الولايات المتحدة كقطر والسعودية والإمارات والبحرين ومصر العروبة والأردن وتركيا وهذه الاتفاقيات مبرمة منذ مدة وهناك قواعد عسكرية في بلادها كقطر والبحرين، وللولايات المتحدة اتفاقيات سرية مع البعض الآخر منها وتعاون امني مع البقية من الدول العربية.

ولكن متابعة دقيقة لتصريحات بعض المسؤولين في الدول المجاورة ومن خلال متابعة وسائل الإعلام الحكومية او شبه الرسمية في تلك الدول نتوصل الى نتيجة ان الاتفاقيات الأمنية بين الدول العربية والولايات المتحدة كلها حلال، بينما الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة حرام، وذلك حسب البرامج اليومية والأسبوعية في فضائيات دول الجوار، فضلا عن بعض كتاب المقالات في بعض الصحف الرسمية او الأهلية في نفس تلك الدول العربية التي فيها قواعد اميركية ولها تحالفات أمنية مع الولايات المتحدة

ولأننا نريد ان نبقى ونعيش في الوطن ( العراق) او لا نريد ان نتغرب مرة أخرى او نبدأ هجرة جديدة كما فعل أهالي هونغ كونغ وسورينام وغيرهما فعلى سياسيينا وقادة كتلنا وبرلماننا وحكومتنا العراقية توقيع الاتفاقية بعيدا عن الشعارات والمزايدات والهتافات التي جوعت الشعب وأشبعت الحكومات التي حكمت العراق، نعم عليهم ان لا يكرروا أخطاء من سبقهم. لان الاتفاقية بتفاصيلها المعلنة (على الأقل) هي لصالح الشعب العراقي من جميع النواحي، فبعد توقيعها يصبح العراق عضوا في منظمة التجارة العالمية فيتحسن اقتصادنا وعضوا في الناتو( حلف شمال الاطلسي ) فنشعر بان هناك من يدافع عنا مقابل التهديدات والتدخلات او الهجومات على بعض حدودنا ! وبتوقيعها سيذهب طلبتنا للدراسات العليا في جامعات اعظم دولة علميا (أميركا) ولا ينتظر مسافرونا كثيرا في المطارات او في الحدود بل سيعاملون باحترام، وبتوقيعها يعترف الطرف الثاني ( أميركا ) بالطرف الأول ( العراق ) ويخرج العراق من طائلة البند السابع وتتحقق السيادة التي تكررت على لسان بعض سياسيينا بعدد المرات التي جاء ذكرها بالاتفاقية، ولابد للعراق من حلفاء ستراتيجيين سيجدهم في الدول الحليفة والصديقة القوية والمستقرة والمتقدمة علميا والمتطورة تكنولوجيا كالولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، كما فعلت الدول الخليجية وذلك بعيدا عن الدول الدكتاتورية الضعيفة والشعاراتية كسوريا وليبيا والسودان وغيرها

ليس للعراقيين الا ان يوقعوا الاتفاقية لان بعض المعترضين يعبرون عن رؤى لدول إقليمية ومجاورة لا تريد للعراق ان يوقع الاتفاقية لان تلك الدول ( المعترضة ) ستخسر كثيرا، ببساطة لان العراق سيتحول الى دولة قوية اقتصاديا ومتقدمة علميا وتكنولوجيا ومستقرة امنيا

محمد الطائي

[email protected]