على الرغم من إن البابا بينديكيت السادس عشر ُيعد كرمز ديني كبير عالميا،إلا انه يعترف بأكبر ملحد على الإطلاق وهو كارل ماركس،يصف البابا ماركس على إنه ( أعظم محلل للأزمة المالية العالمية الحالية )،بينما يتوحد جميع الخبراء الاقتصاديين الغربيين لدراسة كتاب (رأس المال ) لكارل ماركس، والأعجب ان الرئيس الفرنسي ساركوزي يعكف على دراسة الكتاب كذلك المستشارة الألمانية،بينما نشرت الصحف العربية أراء لكتاب غربيين ينظرون الى ماركس وكأنه رجل خارق في التوقعات،ولد ماركس عام 1812 وتوفي عام 1883 وأكد في مخلص نظريته على إن الجشع الإنساني لا حد له وعلى الدول تحديده،ولا يزال زوار قبره في لندن يتجاوزون الأربعين ألف يوميا في ازدياد.

الماركسية شوهتها عند العرب وشعوب الشرق الأوسط الشيوعية ورجال الدين، أو بالأصح المجتمعات العربية هي التي شوهت الماركسية وأنتجت شيوعيات واشتراكيات عربية حسب العنصرية والقومية والتخلف الاجتماعي السائر،وعلى سبيل المثال فكارل ماركس لم ينطق بشعار واحد مختصر مثل ( الدين أفيون الشعوب )،بل كتب مقالا جاء في ضمنه مايلي (إن العذاب الديني هو تعبير عن العذاب الواقعي، وهو في الوقت ذاته احتجاج على هذا العذاب الواقعي. فالدين هو زفرة المخلوق المضطهد، وهو بمثابة القلب في عالم بلا قلب، والروح في أوضاع خلت من الروح. إنه أفيون الشعب )،والمعنى واضح لدى البُصراء فالمظلومين الذين بلا قوة وخيار يذهبون الى الدين لكي يخدرهم عن نيل المطالب وهذا ما جرى ويجري أليس كذلك؟.

لم يتنازل كل من القرضاوي أو السيستاني كونهما أبرز رجال الدين من السنة والشيعة (حسب الفضائيات ) أو سواهما للتعبير عما يجري في العالم من ركود اقتصادي مخيف،يحدق بالبشرية جمعاء وليس في العالم الرأسمالي الغربي والشرقي الياباني والكوري والهندي والصيني،بل اكتفى الشيخ يوسف القرضاوي بالهجوم على الشيعة وتحذير السنة من سلطانهم المتوسع، واكتفى السيستاني بالصمت كونه زاهد لا يحب الحياة الدنيا،ولعله لم يسمع بالقرضاوي، لكنه يظهر من خلال ستار فقط في الانتخابات العراقية كلما تجري ولا يتدخل شرعيا في انتخابات إيران وهو إيراني المولد،طبعا لا القرضاوي ولا السيستاني لديهما الحكمة الإنسانية في النظر بما يجري وما يؤدي الى إفقار ملايين البشر و تجويعهم وحرمان أجيالهم من التعليم والصحة والحياة الكريمة، ومحاولة فهم عملية دوران الاقتصاد العالمي وترابطه المتين وتأثيراته المستقبلية على نمو الشعوب والبلدان، فهم يفكرون في الآخرة وليس الدنيا، على عكس البابا المتشدد بالنسبة للكثير من الطوائف المسيحية والدينية، فهو يقرأ كارل ماركس ويعترف بفضله.

الغرب الرأسمالي كشف عن كل قبحه في هذه الأزمة المصيرية، تسعة عشر ألف أميركي سوف يحكم عليهم بالسجن لأن لديهم أموال تقدر بحوالي 18 مليار دولار مودعة في بنك سويسري رئيسي هو USB الشهير المختص بالحسابات السرية تم تهريبها دون ضرائب شرعية، والبنك نفسه خسر 44 مليار دولار، كيف يعلن البنك عن خسائر الأميركيين الجشعين،ولا يعلن عن خسائر زبائنه من العرب وقادتهم..؟؟،الجواب والسؤال ليس لدى البنك السويسري،بل لدى الصحافة العربية الحرة مثل قناة الجزيرة القطرية المعارضة!!.

المضحك في الأمر ان وزير المالية العراقي الحالي يقول ( ان تخلف اقتصادنا وبنوكنا جعلنا في منأى عن الأزمة المالية العالمية )، وهو من أتباع السيستاني،وهذه إشارة مردها الى أن التخلف العراقي أصبح ظاهرة إيجابية،كون الاقتصاد العراقي لاوجود له في العالم،وأن النفط هو الجوهر في كل التعاملات،فالنفط ينبع تلقائيا ً من الأرض، ونسى الوزير تخلفه وشعبه في السياسة والدين والعقائد والمجتمع والتربية والبيئة والحزبية والطائفية والعشائرية..،وعلى جانب آخر يقول الحماسي الفلسطيني إسماعيل هنية ان الأزمة المالية هي عبارة عن عقوبة ربانية لأميركا، لأنها غمطت حق الفلسطينيين، والفلسطينيون يعرفون من غمط حقهم من السياسيين والثوار،ففلسطين ومنذ الستينات أصبحت مقاولة سياسية على مشروع بناء سوف لن ينتهي.

نتمشى أنا وصديق تعبان وسط مركز كبير للتسوق في سيدني، يسألني الصديق هل سوف يكون مثل هذا الصرح في العراق، أجبته لا لن سوف يكون، لماذا بادرني الصديق، قلت بسخرية لأنهم سوف يختلفون على كيف تكون التواليت شرقية أم غربية !!.

واصف شنون