وفسر ابن كثير الآية 8 من سورة الجن : (وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا) والآية 9 : (وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا) والآية 10 : (وَأَنَّا لاَ نَدْرِىۤ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِى الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً ).


يخبر تعالى عن الجن حين بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه القرآن، وكان من حفظه له أن السماء ملئت حرساً شديداً، وحفت من سائر أرجائها، وطردت الشياطين عن مقاعدها التي كانت تقعد فيها قبل ذلك لئلا يسترقوا شيئاً من القرآن، فيلقوه على ألسنة الكهنة، فيلتبس الأمر ويختلط، ولا يدرى من الصادق، وهذا من لطف الله تعالى بخلقه، ورحمته بعباده، وحفظه لكتابه العزيز، ولهذا قال الجن: ( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَآءَ فَوَجَدْنَـٰهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَـٰعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الأَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً ) أي: من يروم أن يسترق السمع، يجد له شهاباً مرصداً له، لا يتخطاه ولا

تفاسير غير مقبولة

يتعداه، بل يمحقه ويهلكه. ( وَأَنَّا لاَ نَدْرِىۤ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِى الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً ) أي: ما ندري هذا الأمر الذي قد حدث في السماء، لا ندري أشر أريد بمن في الأرض، أم أراد بهم ربهم رشداً؟ وهذا من أدبهم في العبارة، حيث أسندوا الشر إلى غير فاعل، والخير أضافوه إلى الله عزّ وجل.
فزعت الشياطين في تلك الليلة، فأتوا إبليس فحدثوه بالذي كان من أمرهم، فقال : ائتوني من كل أرض بقبضة من تراب أشمها، فأتوه فشم، فقال: صاحبكم بمكة، فبعث سبعة نفر من جن نصيبين، فقدموا مكة، فوجدوا نبي الله صلى الله عليه وسلم قائماً يصلي في المسجد الحرام يقرأ القرآن، فدنوا منه حرصاً على القرآن، حتى كادت كلاكلهم تصيبه، ثم أسلموا، فأنزل الله تعالى أمرهم على رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا هذا الفصل مستقصى في أول البعث من (كتاب السيرة) المطول، والله أعلم، ولله الحمد والمنة. انتهى

((أقول: التفسير عجيب غريب، وخاصة القسم الثانى وما ذكر فيه من شم ابليس للتراب فعرف من الرائحة أن النبي (ص) بمكة !!))

وفسر ابن كثير الآية 18 من سورة الكهف :
( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً )
ذكر بعض أهل العلم : أنهم لما ضرب الله على آذانهم بالنوم، لم تنطبق ؛ لئلا يسرع إليها البلى، فإذا بقيت ظاهرة للهواء، كان أبقى لها، ولهذا قال تعالى: ( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ) وقد ذكر عن الذئب أنه ينام فيطبق عيناً، ويفتح عيناً، ثم يفتح هذه، ويطبق هذه وهو راقد، كما قال الشاعر:
يَنامُ بِإِحْدَى مُقْلَتَيْهِ وَيَتَّقِي**********بِأُخْرَى الرّزايا فَهْوَ يَقْظانُ نائِمُ

((وانى أتساءل عن من هم أهل العلم الذين عرفوا ان الله لم يطبق آذانهم لئلا يسرع اليها البلى، والذئب ينام بعين واحدة مغمضة والأخرى مفتحة بالتناوب!!!))

وقال ابن كثير : وقوله تعالى: ( وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ) قال بعض السلف: يقلبون في العام مرتين. قال ابن عباس: لو لم يقلبوا، لأكلتهم الأرض. قوله : ( وَكَلْبُهُمْ بَـٰسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ ) قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة: الوصيد : الفناء، وقال ابن عباس: بالباب. وقيل : بالصعيد، وهو التراب، والصحيح أنه بالفناء، وهو الباب، ومنه قوله تعالى:
( إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ )
أي: مطبقة مغلقة، ويقال : وصيد وأصيد، ربض كلبهم على الباب ؛ كما جرت به عادة الكلاب، قال ابن جريج: يحرس عليهم الباب، وهذا من سجيته وطبيعته، حيث يربض ببابهم كأنه يحرسهم، وكان جلوسه خارج الباب ؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب، كما ورد في الصحيح، ولا صورة، ولا جنب، ولا كافر؛ كما ورد به الحديث الحسن، وشملت كلبهم بركتهم، فأصابه ما أصابهم من النوم على تلك الحال، وهذا فائدة صحبة الأخيار، فإنه صار لهذا الكلب ذكر وخبر وشأن. وقد قيل: إنه كان كلب صيد لأحدهم، وهو الأشبه، وقيل : كلب طباخ الملك، وقد كان وافقهم على الدين، وصحبه كلبه، فالله أعلم.

((أقول اذن الملائكة لن تدخل بيوتنا مطلقا، لندرة البيوت التى لا توجد فيها صورة. والأمر الثاني ما شغل الملائكة ببيوتنا حتى يدخلوها أو لا يدخلوها؟)(

وفى تفسير الرازي : قال أبو هريرة : كان لهم في كل عام تقليبتان. وقيل : في كل سنة مرة. وقال مجاهد : في كل سبع سنين مرة. وقالت فرقة : إنما قُلبوا في التسع الأواخر، وأما في الثلثمائة فلا. وظاهر كلام المفسرين أن التقليب كان من فعل الله، ويجوز أن يكون من مَلَك بأمر الله، فيضاف إلى الله تعالى.
وفى تفسير ابن الجوزي: قال ابن عباس : كانوا يُقلَّبون في كل عام مرتين، ستة أشهر على هذا الجنب، وستة أشهر على هذا الجنب، لئلا تأكل الأرض لحومهم. وقال مجاهد: كانوا ثلاثمائة عام على شِقّ واحد، ثم قُلِّبوا تسع سنين.


وجاء فى تفسير القرطبي : قوله تعالى: ( وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ ) فيه أربع مسائل:
الأولى : قوله تعالى : ( وَكَلْبُهُمْ... ) قال عمرو بن دينار: إن مما أخذ على العقرب ألا تضر أحداً (قال) في ليله أو في نهاره : صلّى الله على نوح. وإن مما أخذ على الكلب ألا يضر من حَمَل عليه (إذا قال) : وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد.

(( يجب أن أوضح ما قاله عمرو بن دينار: انه يقصد ان من يقول فى الليل أو النهار: (صلى الله على نوح) لاتلدغه عقرب. واذا قال : (وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) لا يهجم عليه كلب !!!!!
هل يجرأ أحد ممن يقبلون هذا التفسير على مسك عقرب بيده، أو يقترب من كلب شرس؟)).

وقال القرطبي أيضا : أكثر المفسرين قالوا على أنه كلب حقيقةً، وكان لصيد أحدهم أو لزرعه أو غنمه ؛ على ما قال مقاتل. واختلف في لونه اختلافاً كثيرا ً، ذكره الثعلبيّ. تحصيله : أيّ لون ذكرت أصبت ؛ حتى قيل لون الحجر وقيل لون السماء. واختلف أيضاً في اسمه؛ فعن عليّ : ريان. ابن عباس : قطمير. الأوزاعي : مشير. عبد الله بن سلام : بسيط. كعب : صهيا. وهب : نقيا. وقيل : قطفير؛ ذكره الثعلبي. وكان اقتناء الكلب جائزاً في وقتهم، كما هو عندنا اليوم جائز في شرعنا. وقال ابن عباس : هربوا ليلاً، وكانوا سبعة فمرّوا براع معه كلب فاتبعهم على دينهم. وقال كعب : مرّوا بكلب فنبح لهم فطردوه فعاد فطردوه مرارا ً، فقام الكلب على رجليه ورفع يديه إلى السماء كهيئة الداعي، فنطق فقال: لا تخافوا مني ! أنا أحبّ أحبّاء الله تعالى فناموا حتى أحرسكم.

((أتساءل: هل يوجد أمر أغرب من هذا؟ كلب ينطق بالعربية الفصحى؟ ومن هم المفسرون الذين قال عنهم القرطبي انهم قالوا هذا القول؟ وما هوالمصدر الذى استندوا عليه؟ )).

عاطف العزي