مواقف جبهة التوافق وهي أحد أضلاع المثلث الطائفي الذي يٌسًير الأوضاع في العراق بمجملها مواقف غير واضحة وضبابية عدا بعض المواقف الفردية غير الرسمية، وخاصة فيما يتعلق بالتجاوزات والأنتهاكات التي تمارس على مدن كركوك والموصل وديالى وصلاح الدين وهي مواقف أقل ما توصف بأنها خجولة ومجاملة غايتها الحصول على مكاسب سياسية محدودة على حساب وحدة العراق ومصالح شعبه، فجبهة التوافق مع تحفظنا عليها وعلى كل المكونات الطائفية والعرقية الأخرى التي تدير هذه العملية المشوهة، تناست أو كادت تنسى أدعاءاتها وشعاراتها حول شرط دخولها العملية السياسيه بأنه مقرون بالأصلاح وتعديل الدستور وخاصة بأنها كانت السباقة في أضافة المادة 142 التي تبحث في تعديل مواد هذا الدستور المختلف عليها،وعلى أساس ذلك قبلت هذه الجبهة بالدستور والعملية السياسية أملآ في الأصلاح حسب ما يدعي قادتها، لكن تفعيل هذه الماده في تعديل الدستور وشكل الدولة يصطدم بمواد أخرى مقيده لعمل هذه الماده فهناك بنود من الدستور تنسف هذه الماده جملة وتفصيلآ منها أذا رفضت ثلاث محافظات أي تعديل أو تغيير في بنود الدستور فسوف يبقى على علاته هكذا يحوي الكثير من القنابل الموقوته التي سوف تتفجر عند كل محاولة لتصحيح الأمور،، فهل أدركت الجبهة كل تلك الأمور؟لقد عمل القائمون على هذا الدستور على الموافقة على الماده 142 لأشراك كل شرائح المجتمع العراقي للحصول على أكبر شرعية ممكنة لكنهم وفي نفس الوقت طوقوها وافرغوها من محتواها بمواد أخرى وبهذا فقدت جبهة التوافق وغيرها من الكتل أي فرصة في تعديل أو تقويم هذا الدستور وتصويبه في المحافظة على وحدة العراق.


البعض يقول بأن جبهة التوافق صححت كثير من الأمور لكن في أطار طائفي ضيق فالأعتراضات التي كانت تقوم بها والأنسحابات المتكررة من الحكومة كانت تهدف الى الحصول على بعض المزايا والمكاسسب السياسية وليست لها أي علاقة بعموم الوضع العراقي ويضيف هؤلاء المشككون في سياسة الجبهة بأن دليلهم على ذلك هو أن هذه الجبهة لا يكاد يسمع لها صوت أو موقف صريح مما يحدث في كركوك ونينوى وديالى وهي التي تدعي بأن لها نفوذآ في هذه المحافظات بل ربمايرى اخرون انها تغض الطرف وربما تتواطئ على التفريط بأجزاء واسعة من العراق.


لقد تفائل كثير من العراقيين بتصريحات رئيس الوزراء الأخيرة ومواقفه الصلبه وأعترافه الصريح بأن العملية السياسية مكبلة بدستور يساعد على تقسيم العراق ومناداته بحكومة مركزية قوية تسندها كافة شرائح المجتمع العراقي ومطالبته المستمرة بتشكيل مجالس أسناد وخاصة في المحافظات الشمالية، وقد توقع هؤلاء المتفائلون بأن تبادر جبهة التوافق الى مساندة هذه التوجهات والطروحات الوطنية بقوة خاصة وأنها مطالب وطنية طالما تشدقت بها جبهة التوافق ورفعتها شعارآ، لكن رد الجبهة الغير مبالي وغير المكترث على دعوات المالكي جعل الكثيرين يرتابون وتساورهم الشكوك من أن مواقف جبهة التوافق هي فقط زوبعة في فنجان وضجيج أعلامي ليس له أي تطبيق واقعي على الأرض.


أن التصريحات الأخيره التي أدلى بها السيد طارق الهاشمي القطب البارز في جبهة التوافق ضد مفهوم المحاصصة وأستعداد الجبهة للتنازل عن مواقعها وحصصها الوزارية في الحكومة هي مواقف جيده تستحق الأشادة والتقدير. ولكنها غير كافية مالم يتم معها وضع آليات ملموسة وخطة طريق واضحة للتطبيق، فالتيار الصدري قام بهذه الخطوة مسبقآ وسرعه وسحب وزراءه بدون أي آلية وأتفاق بين الجميع على ألغاء المحاصصة وبتجرد تام لكن الأمور لم تتغير لأنها كانت خطوة عاطفية أنفعالية غير مدروسة بعناية من قبل التيار الصدري لكنه مع ذلك يبقى أيثارآ، الكل يحدوه الأمل الآن أن تكون تصريحات السيد الهاشمي أيضآ نابعة من شعور وطني لكنها مدروسة بعناية لأنتشال العراق من مصطلح المحاصصه المقيت المطبق في العراق، وليست هذه التصريحات للمزايدة، وقطع الطريق على أي موقف وطني، وأفراغ مواقف رئيس الوزراء الأخيرة من محتواها.


نعم لا زال الكثير من العراقيين ينتظرون من جبهة التوافق الكثير من المواقف الواضحة والجريئة، منها موقف واضح وصريح وغير مجامل لما تتعرض له محافظات كركوك والموصل وديالى، ومطلوب من جبهة التوافق موقف جرئ من نظام الأقاليم والدولة الفيدرالية خصوصآ بعد أن سربت بعض وسائل الأعلام في مدينة الكويت بأن جبهة التوافق وخصوصآ الحزب الأسلامي وافق على تشكيل أقليم للسنة في وسط العراق، ومطلوب من جبهة التوافق الأنفتاح على الآخرين ذو الأجندات الوطنية والأبتعاد عن الطائفية وموآزرة مواقف السيد رئيس الوزراء الأخيرة ليس لشخصه لكن بصفته المسؤول الأول عن السلطة التنفيذيه في العراق وتدعيم مواقفه بخصوص شكل الدولة وتعديل الدستور وتشكيل مجالس الأسناد وتسليحها لتكون رديفآ في حفظ الأمن والأستقرار والدفاع عن العراق، والأبتعاد عن أنتهاز الفرص وأقتناصها فالوضع العراقي لا يحتمل المناورات والألاعيب السياسية.


حيدر مفتن جارالله الساعدي
[email protected]