انطلقت حملات التضامن مع الزيدي، في أمكنة عديدة من عالمنا الخردة وسوف تكون مناسبة ثمينة للكثيرين الذين اعتادوا المزايدات واستغلال الظروف مهما كانت. وستنفخ البغدادية في هذه الحملات اكثر لزيادة رصيدها الخاص على حساب الزيدي ومستقبله الصحافي هذا اذا كان يؤمن اصلا بمستقبله الصحافي. وسيستمر الصديق عبد الحميد الصائح بقراءة بياناته الاستنكارية ومطالبة الحكومة العراقية باطلاق سراح مراسلها. الذي لم يدرك حدود عمله واخلاقياته، واعتقد ان الديمقراطية تعني قذف الرئيس بالحذاء. وربما ستعرض علينا البغدادية في حال استمرار اعتقال المراسل، صورا من المعركة تماشيا مع لغة البيانات العراقية، وبطريقة القراءة التي تذكر بالراحل رشدي عبد الصاحب وزيادة شحنة الحماسة لدى الجمهور الجاهز اصلا للحماسة بالاغاني الوطنية، من قبيل quot;هي يا اهل العمارةquot; وquot;احنا مشينا للحربquot; وربما ستعيد البغدادية بهذه المناسبة طبع ديوان الحماسة وتوزيعه مجانا. ويبدو ان البغدادية كانت تتوق الى مثل هذا الحدث، وقد جاءت الفرصة الذهبية على يد بطل سيذكره التاريخ بالكثير من الاعجاب لدى الشعوب الخردة والموتورة والكسولة اكثر من خروشوف الذي اكتفى بوضع حذائه على الطاولة امام الامريكيين.

هناك مهارتان تفصح عنهما حادثة quot;حذاء الامسquot; يجب التنويه عنهما، الاولى هي مهارة السيد الزيدي في قذف حذائه باتجاه الهدف، والواضح انه تمرن على ذلك جيدا، ولا يمكنني ان اقول ان الفعل قد تم تنسيقه مع قناة البغدادية، كما المح الى ذلك احد الزملاء فليس من شاننا التشكيك ولا نميل الى تفسير الاحداث باعتبارها مؤامرات تحاك في الظلام. لكن ما نراه هو ان الزيدي لم يكن يعي خطوره مهنته ووجوده في القاعة بوصفه صحافيا ممثلا لقناة تلفزيونية، وليس بصفته الشخصية التي لن يحلم ان يدعى الى تلك القاعة لشخصه. ليتسنى له الاعلان عن نفسه بالطريقة الفريدة التي تمت وعلى حساب من على حساب جورج بوش.


المهارة الثانية هي مهارة السيد جورج بوش في تحاشي سيل الاحذية الذي تساقط عليه في لحظة لم تكن بالحسبان ابدا وهذا دليل على ان السيد بوش استفاد تماما من تمارينه التي خضع لها قبل تسنمه رئاسة الدولة الاكبر في العالم، في تحاشي الطماطم والبيض الفاسد، غير انه اثبت انه قادر على المناورة حتى لو كانت شحنة المقذوفات من الاحذية وفي لحظة لم تكن بالحسبان، في قاعة مؤتمرات. ولكن مهلا فقد ارتكب السيد بوش جريمة بحق وطنه امريكا، ففي لحظة انشغاله بتلافي سيل الاحذية، كان الحذاء في طريقه الى العلم الامريكي وهي نقطة تسجل لمنتظر الزيدي الذي عرف كيف يحتل المكان المناسب لقذف حمولته، وهو بالتاكيد حسب حسابا لامكانية ان يتمكن السيد بوش من المناورة وتجنب الهجوم، لكنه لامحالة سيخرج من المعركة وخلفه علم بلاده مهانا.

احمد الله على انه لم يمنح السيد جورج بوش أي جين عراقي فلو كان الامر كذلك، لاستمات بوش في نبش قبر صدام من اجل نفخ الروح فيه واعادته رئيسا على منتظر الزيدي، والحالمين ببطولته، ولسان حاله يقول quot;جاحدينquot;. كما اشك في ان منتظر الزيدي قد رفع عينه يوما في وجه رجل امن قبل 9 نيسان 2003. اما ان يقذف رئيس اقوى دولة في العالم فهذا قمة الرومانسية الثورية، التي لم يجرؤ على ممارستها الزيدي بل لم يجرؤ على التفكير فيها. او هو كما قال الدكتور عبد الحسين شعبان quot;تربى على المثل العالية في اتحاد الطلبةquot; العراقيين ايام ما قبل الديمقراطية الامريكة التي سولت لمنتظر ارتكاب رومانسية، وصفها، احد المعترضين على عملية quot;القذفquot;، بالمدفوعة الثمن. كنا نتمنى على منتظر ان يقذف السيد جورج بوش بسؤال محرج يكون اقسى عليه من الحذاء، غير انني التمس العذر له فقد التبس امر الديمقراطية عليه فخلط بين الشخصي والمهني. وبدورنا نطالب الحكومة الامريكية والحكومة العراقية باعادة حذاء الزيدي اليه ونطالب باطلاق سراحه، نظرا لفهمه المشوش للديمقراطية.

حميد حداد