بدون مقدمات.
1.في أولى جلسات مجلس الشعب المصري، بعد أجازة العيد وأكلهم لحمة الأضاحي المباركة، تشاجر مجموعة من الأعضاء بين بعضهم البعض وتشابكوا بالأيدي وتصارعوا، وكانت أهم القضايا التي بدأها المجلس في جلساته هي قضية حصار أخوتنا في غزة.


2.ترتيب نشرة الأخبار في أغلب القنوات الرئيسية للتليفزيون المصري كالتالي: أخبار أخوتنا في غزة، أخبار الصراع العراقي العراقي، أخبار الصراع الهندي الباكستاني، أخبار الصراع الأفغانستاني الأمريكي، أخبار الصراع السوداني السوداني، أخبار الصراع اليوناني اليوناني، وأخيراً على استحياء خبر مصرع أكثر من خمسين راكباً غرقى في الترعة الإبراهيمية في محافظة المنيا بصعيد مصر، وإصابة حوالي 15 شخصاً آخرين. هذا ولم يمر أسبوع واحد على مصرع وإصابة عشرات الأشخاص قبلهم من نفس المحافظة على طريق الصعيد الصحراوي.


3.أغلب الجرائد المحلية الناطقة بلسان الحكومة لم تختلف كثيراً في ترتيب أولوياتها عن قنوات التليفزيون الرسمية.
4.زيارات معظم كبار المسئولين لمشروعات داخل حدود القاهرة الكبرى، وإن تمت زيارات لخارج القاهرة الكبرى ففي الأغلب تكون من أجل تجميل الصورة العامة للحكومة، أو مزيداً من التشجيع والدعم للسادة المرشحين الحكوميين.

هذا يا سادة يا كرام، أهم ما في الصورة الإعلامية المصرية الرسمية. هذه صورة ـ ربما لا تبدو محايدة على المدى العام ـ لمجلس الشعب المفترض أنه يعبر عمن رشحه للتعبير عنه في البرلمان.

زيارات السادة المسئولين
كل فترة يخرج علينا أحد السادة المسئولين بزيارة مفاجئة لمنطقة من مناطق صعيد مصر. أغلبها زيارات تفقد لاستعراض الوجود واثبات تبعية الصعيد لمصر. وتخرج الجرائد الحكومية والمعارضة الحزبية والمستقلة كلها في لسان واحد لتعظيم المسئول الزائر: تعطيه التفخيم والعظمة والسلطان. إنه حقا ً على كل شيء قدير. معظم زيارات المسئولين بلا سبب له قيمة أو عديمة الجدوى، إلا تأكيداً على الاحتلال القاهري (نسبة إلى القاهرة) والاحتلال quot;الشرم شيخيquot; (نسبة إلى شرم الشيخ).

معظم الزيارات التي يذهب فيها أي مسئول من كبار القوم إلى الصعيد خلال عشرات السنوات الماضية يقول نفس الكلام المكرر والمعاد: اهتمامنا الفترة القادمة بصعيد مصر. بعدها مباشرة لابد أن تجد كارثة بشرية تحل بكل الصعيد. خذ مثلاً قطار الصعيد وآلاف الصعايدة الذين ذهبوا هباءً نتيجة الإهمال والفساد المتفشي في كل قطاع السكة الحديد في العصر الحالي، ويزداد ويتواصل الإهمال في قطارات الصعيد.


معظم الزيارات التي يطل المسئول الزائر بطلعته البهية وتعطيله للمصالح في إحدى الزيارات ويتحدث ويُسهب في الحديث عن الإصلاحات القادمة في مناطق الصعيد، بعدها تجد الضيق الشديد واستحالة العيش للشباب الخريجين فيهاجرون إلى القاهرة المفتقدة أساساً للخدمات الإنسانية، أو تجد الشباب الصعيدي المُحتل من quot;القاهريينquot; وquot;الشرم شيخيينquot; يهاجر هجرة غير شرعية إلى الدول الأجنبية ويغامر ويقامر بحياته، التي لم يجد لها معنى في صعيد مصر.
رجاء للمسئولين، لا تقولوا إن شاء الله.


ربما يذهب أحد المسئولين إلى الصعيد بعد كارثة عظمى من تلك الكوارث التي تتسبب فيها سياساتهم العمياء. وما أكثر مشاكل مصر الحقيقية التي يتسبب فيها مسئولي القاهرة. وقتها يُعلن المسئول كالمعتاد، بكل ملل، إن شاء الله سنهتم بتنمية صعيد مصر. ويعلنها وابتسامته الصفراء تملأ وجهه قائلاً: إن شاء الله سنحل كل مشاكل الصعيد في الفترة القادمة.

آه، يا عزيزي القارئ،
bull;كم من مشاكل الصعيد المتزايدة الخاصة بالفتنة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين التي زرعها وسقاها ورعاها جيداً هؤلاء المسئولين حتى يُلهوا ويُغيبوا الشعب المنهوبة كل حقوقه عن مشاكلهم الحقيقية مع النظام الفاشل وكثير من رجاله الذين أختارهم هو وحده؟
bull;أية مشاكل هي الموجودة في صعيد مصر، غير مشكلة واحدة هي أن يرحل مسئولي القاهرة المباركين؟

يا مسئولي القاهرة، لا تقولوا إن شاء الله. لأنكم أنتم الذين وضعتم ذاتكم آلهة على هذا الشعب المسروق والمنهوب. إنكم أنتم الذين قتلتم إله المصريين الواحد الأحد وجلستم مكانه يعبدكم الشعب المصري ليل نهار ويسبحون باسمكم ليحصلوا على قوت يومهم.

معظم المصريون في صلاتهم ودعائهم كل يوم يقولوا: يا آل القاهرة، ارزقونا رغيف العيش وكفانا هذا خبز اليوم. حتى الكثير من رجال الدين بصمتهم يؤمنون (يقولون آمين) على هذه الطلبات قائلين: الحمد والتسبيح والتعظيم لكم يا آلهتنا المباركين الكرام على نعمة رغيف العيش.

كفى سرقة ونهب في مدخرات الصعيد. كفى قتلاً وتفرقة بين أبناء الصعيد الواحد.كفى فتنة طائفية.

يا سادة
مَن المسئول عن الصعيد؟
مع كل ألمي.


أيمن رمزي نخلة
[email protected]