الكشف الأمني الأخير لجهاز الأمن الوطني البحريني لمجموعة إرهابية لا يعني أبدا بأن تلك القضية قد أسدلت ستائر النهاية على النشاطات الإرهابية المحتملة و القادمة، كما أنها لا تعني أيضا بأن كل الخلايا النائمة أو المنومة أو حتى المخدرة قد إنكشفت و بانت أوراقها؟ ما حصل في البحرين هو خطوة بسيطة في طريق طويل و شاق ووعر من التحديات الأمنية لنشاطات سياسية ذات طابع عقائدي محض إمتد طيلة سنوات طويلة سابقة وتحديدا منذ حقبة السبعينيات من القرن الماضي، وكنت في مقال سابق لي عن الإرهاب في مملكة البحرين قد أشرت إلى خطورة تعامل جهاز المخابرات السوري مع الجماعات الإرهابية المرتبطة بالمشروع الإيراني في المنطقة فكتب لي العديد من الأخوة بعضهم ينتقدني و يصفني بالطائفية البحتة، فيما إكتفى البعض الآخر بلفت إنتباهي إلى كوني قد إستعجلت في الحكم على الأمور كما إتهمني بأنني لا أعرف بالضبط حقيقة و خلفيات الوضع في البحرين!!

و من أجل البحث عن الحقيقة المطلقة التي هي رائد الجميع فإنني أقول و بصراحة من أن أنباء المؤامرة الأخيرة في البحرين لم تعلن كل حقائقها و أسرارها على الملأ؟ كما أنها ليست فبركة أو مؤامرة خيالية كما حاولت بعض الأطراف أن تشيع إستنادا لتجارب سابقة لم يعد لها وجود حاليا بل أنني أستطيع التأكيد ووفقا لمعلومات و ليس لتكهنات إعلامية أو صحفية بأن كل ما قيل أو نشر من حقائق لا تتعدى نسبته العشرة بالمائة من حجم التغلغل الإستخباري للخلايا النائمة في أجهزة مخابرات العديد من الأنظمة العربية و الخليجية على وجه التحديد و التخصيص، فالنظام الإيراني صاحب المشروع التبشيري الطائفي الطموح قد نجح نجاحا مذهلا في تجنيد العديد من العملاء و الوكلاء و بعضهم يصنف ضمن الخانة الطائفية الأخرى في مواقع أمنية و إقتصادية و سياسية حساسة لا بل أن عدد الخلايا النائمة أكبر بكثير مما يعتقده البعض و هنا يلعب النظام السوري من خلال بواباته الإستخبارية وواجهاته السياسية و أذرعه العديدة الممتدة في ثنايا الجماعات الدينية و صفوف حزب الله اللبناني دورا كبيرا للغاية في عملية التعبئة و الحشد و التجنيد و التدريب و كل عناصر الدعم اللوجستي المطلوب، فعن طريق التحالف الستراتيجي الإيراني / السوري رغم إختلاف طبيعتي النظامين المتحالفين تم بناء منظومة أمنية قوية و محكمة للغاية تمتد طوليا و عرضيا لتتغلغل في النخاع الحيوي لبعض أجهزة الأمن في العالم العربي!

و كل ما نشر من إعترافات لا يتضمن الوقائع الحقيقية للأسماء و للمناصب الخطيرة التي كان يشغلها وكلاء النظام الإيراني الذين يجمعون معلوماتيا كل شاردة وواردة عن أدق التفاصيل الحياتية و السياسية و المعلوماتية للدول الخليجية و من مواقع أمنية و سياسية سيادية و حساسة، لا أضرب في الرمال و لا أمارس السحر و الشعوذة لكي أؤكد أن ما سيكتشف خلال الأيام القادمة سيكون مفاجأة حقيقية و بداية مهمة جدا لنهاية النفوذ و التسلل و التلصلص الإيراني في دول المنطقة، الخليج العربي مقبل على متغيرات حقيقية و ستنقلب الصورة الستراتيجية و سنشهد نهايات حقيقية لمواقف و سياسات ملتبسة ظلت طيلة عقود تشغل المنطقة و أهلها، نهاية شبكة الإرهاب البحرينية ستكون البداية الفعلية لإنهيار المنظومة الأمنية الإيرانية السرية و لخلاياها النائمة في المنطقة... و ما على المتشكك سوى الإنتظار...!.

داود البصري

[email protected]