التقيت امس صدفة صحفي بريطاني من المتعاطفين مع القضية الفلسطينية اثناء احد النشاطات الاجتماعية التي تشهدها العاصمة البريطانية اثناء عطل اعياد الميلاد.

وكما كان متوقعا دار الحديث حول الحملة العسكرية الاسرائيلية ضد غزة. اتفقنا على العديد من النقاط ومنها طبيعة اسرائيل العدوانية وسياستها التوسعية وعدم اكتراثها لحياة الانسان الفلسطيني وانتهاكها للقوانين الدولية.

واتفقنا انه منذ تأسيسها ارتكبت اسرائيل عشرات من المجازر وقتلت آلاف الفلسطينين بسبب او بدون سبب. ارتكبت اسرائيل جرائم حرب ومارست التطهير العرقي وهربت من العقاب بسبب الدعم الأميركي والضعف العربي.. يمكن كتابة مجلدات عن جرائم اسرائيل وانتهاكتها لحقوق الانسان الفلسطيني. اسرائيل الآن تنتقم من حماس ويتنافس القادة الاسرائيليون فيما بينهم حول أيهم اكثر قسوة وعنفا ضد الفلسطينين لاسباب داخلية انتخابية.

أسئلة محرجة من الصحفي توم
تساءل الصحفي واسمه الأول توم اختصارا لثوماس لماذا لا يتدخل العرب لايقاف الاعتداء؟ سؤال وجيه وهام.
بحثنا موقف دول الاعتدال العربي وكيف ان هذه الدول حسمت امرها وتبنت استراتيجية السلام منذ المبادرة العربية (السعودية) عام 2002 وخارطة الطريق ومبدأ الدولتين الخ. وادركت هذه الدول ان موازين القوى لا تسمح برفع شعارات التحرير والعنتريات المعهودة. لذا لا نتوقع الكثير من هذا المعسكر باستثناء تجميد العلاقات مع اسرائيل والتنديد الشفهي وما الى ذلك.

ولكن السؤال الصعب أين حلفاء حماس؟
وقال توم فهمنا ذلك ولكن اين حلفاء حماس الاقوياء الذين يعرفوا جماعيا بمعسكر الممانعة والرفض ماذا فعلوا.؟
قلت له للأسف لم اسمع سوى خطابات وشعارات معادية لمصر ودول الاعتدال ولكن لم أرى اي دعم حقيقي.
قال توم مستغربا أليست هذه فرصة تاريخية لحلفاء حماس في سوريا وايران ولبنان ان يتحركوا؟.
قلت له كيف.؟

قال لماذا لا يستغل حزب الله الفرصة المتاحة الآن لتحرير مزارع شبعا ويخفف الضغط على حماس.؟ وبالمثل لماذا لا تغتنم سوريا فرصة انشغال اسرائيل بغزة وتقوم بهجوم كاسح مفاجيء وتحرر الجولان وهذه فرصة ذهبية.؟
قلت له كلامك صحيح ولكنه حلم غير قابل للترجمة. قال لماذا؟
قلت له لا أحد يعرف هوية مزارع شبعا. البعض يقول انها لبنانية والآخرون يقولوا انها سورية. وآخرون يصفوها بمسمار جحا.
أما الجولان فالهدؤ يخيم عليها لمدة 40 عام ولا نتوقع ان يتغير هذا الوضع.

وتساءل وماذا عن ايران؟
قلت له ماذا عن ايران؟. ايران تقدم دعم معنوي لحماس وتزود حماس بالمال والاسلحة المهربة من خلال الانفاق ناهيك عن الدعم الشفهي ألا يكفي ذلك؟.
قال ما أعنيه ان ايران هددت مرارا بازالة اسرائيل من الخارطة أليست هذه هي الفرصة المثالية لتفعيل هذا التهديد؟ قلت له لا تحلم يا توم. هذا سوف لا يحدث. قال لماذا؟ قلت يا استاذ توم ايران لن تضرب اسرائيل للدفاع عن العرب.

ازداد توم ارتباكا وقال بحزن يا للعار اذا حلفاء حماس خذلوها في اللحظة الحاسمة فماذا نتوقع من الآخرين. وأضاف بصراحة علينا ان نشكر حماس على فضح عجز وفشل ونفاق معسكر الممانعة.

قلت له لا تقلق يا توم مهما يحدث ستفشل اسرائيل وستعلن حماس النصر.
قبل اسبوعين احتفل العالم العربي بانتصار الحذاء وستحتفل حماس قريبا بالنصر بعد ان تدمر اسرائيل غزة تدميرا كاملا.

ضحك توم وأضاف قائلا حماس ستبقى وسوف لا تختفي من الساحة لأن الاستراتيجية الاسرائيلية تريد بقاء حماس في المجتمع الفلسطيني كأداة تخدم الأمن الوطني الاسرائيلي. قلت له هل هذا معقول.
قال توم نعم يا سيدي الاستيلاء على غزة بالقوة في صيف 2007 والانقسام الفلسطيني خدم اسرائيل.

قلت له أجزم لك أن قادة حماس سيخرجوا من مخابئهم الآمنة بعد أن تتوقف العمليات العسكرية ليعلنوا النصر ويحتفلوا بهزيمة اسرائيل بحجة ان اسرائيل فشلت في القضاء على حماس واسقاطها كليا من السلطة.

وهز توم رأسه متسائلا لماذا تستدرج حماس اسرائيل الى حرب خاسرة يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني لوحده. ولمصلحة من؟ قلت له من متابعاتي للوضع وقرأتي للمجريات ومطالعتي للعديد من الصحف والمواقع الأليكترونية استنتجت ان حماس تريد ارضاء طهران واحراج محمود عباس ومصر. بعد سماع ذلك قرر الصحفي توم ان يغادر لارتباط آخر ووعد ان نلتقي اوائل عام 2009 لنراجع المستجدات على الساحة.

لا يسعني في هذه المناسبة المؤلمة سوى تكرير ما قاله توم علينا ان نتقدم بالشكر العميق لحماس على فضح وتعرية معسكر الممانعة والصمود والرفض الذي اثبت انه عاجز وفاشل وليس لديه سوى الشعارات والخطابات الجوفاء بينما اسرائيل تسرح وتمرح تقتل وتدمر ولا نسمع منهم سوى التهديدات الشفهية.

وكل عام وفلسطين بخير.

نهاد اسماعيل

لندن