بهدوء..عن (مهرجان القدس) والإساءة للقدس!!

منذ أيام ونحن نسمع ونقرأ من خلال الصحف والنشرات والإعلانات المدفوعة كلاماً كبيراً وشعاراتياً عن (مهرجان القدس للموسيقى)، وان المهرجان المذكور (سيحيي القدس) و(يدافع عن عروبة القدس وعظمة القدس).... الجميع يعرف أن المهرجان يقام برعاية فرنسية، وهو بالأحرى مهرجان فرنسي ينفّذ من خلال مؤسسة محلية، وهو إن ساهم في دعم هوية ما: فهي الهوية الفرنكفونية وليس الهوية العربية. سواء توجهاته وضيوفه ومكان إقامته في (مقبرة تاريخية) تمتلكها فرنسا حيث السفارة الفرنسية تستجلب التصاريح للفنانين من الاحتلال الذي يتخذ موقفاً محايداً من النشاطات الأجنبية. لكن ما لا تذكره كل النشرات- التي يدبجها غالباً أشخاص تستأجرهم المؤسسة التي تقيم المهرجان- أن هذا المهرجان يقام بدعم لوجستي إسرائيلي، حيث تقوم شركة إسرائيلية إسمها (عيتسوف بما) بتجهيز المدرجات الخاصة للمهرجان! وهي نفس الشركة التي تنصب المهرجانات الإسرائيلية في القدس التي تقيمها بلدية الاحتلال والمؤسسات العبرية الأخرى الممعنة في تهويد المدينة وإلغاء ثقافتها العربية! هل يجوز أن يتم صرف جزء كبير من الميزانية التي تتلقاها (مؤسسة يبوس) باسم (صمود القدس) من أجل زيادة أرباح الشركات الإسرائيلية، في حين لا يكف أصحاب (يبوس) عن تصدير شعارات وطنية مجانية وتخالف سياستهم الحقيقية؟ في العام الماضي 2007 نصبت الشركة الإسرائيلية المنصات تحت جنح الظلام وهذا ما فعلته أيضاً هذه السنة 2008 دون أن تتم محاسبة هذه المؤسسة التي ترتكب خطأ لا يغتفر وتناقض شعاراتها الوطنجية.
أما لو سألنا عن توجهات (مهرجان يبوس) وما هي أهدافه... وإذا كان أحد أهدافه الشعاراتية (إحياء القدس ودعم المواطن المقدسي)، فأين المواطن من نشرات المهرجان الدعائية وهي في غالبها باللغة الانكليزية وموجهة للسفارات الأجنبية.. وأين فعاليات المهرجان من الجمهور المقدسي؟
من الواضح أن القائمين على هذا المهرجان لا يهمهم الجمهور المقدسي ولا يتوجهون إليه، الجمهور الذي جلبوا كل الدعم والتمويل باسمه، المواطن الغلبان في البلدة القديمة وأحياء الثوري والطور وسلوان وراس العمود. أين البلدة القديمة مثلاً من مواقع إقامة الفعاليات؟! وهل موقع برج اللقلق (المعرّض لأطماع المستوطنين على سبيل المثال) لا يلبي المقام، وهو المكان الأجدر بنا دعمه ودعم صموده. مكان فسيح يستوعب اكبر المهرجانات الفنية، وأهل البلدة القديمة وأهل القدس يستحقون مهرجاناً يحترمهم، (فهم مستهدفون اليوم على أكثر من جهة بين مطرقة الاحتلال ومؤسسات الارتزاق المحلية).. أم أن هذا المهرجان مصمم على الطراز الأوروبي، لكي يستمر في إرضاء الممول والمشاهد الرئيسي ونقصد البعثات الأجنبية والسفارات الأجنبية وكل من أحب أن يتقرب من هؤلاء أو يتبرجز. والأدهى أننا نكتشف أثناء عقد المهرجان أن جميع التذاكر الخاصة بالمهرجان مباعة(بالأحرى محجوزة للأجانب) عدا عن التكلفة الباهظة لأسعار الدخول إن توفرت البطاقات. فبأي حق يسمونه مهرجان القدس، بل أين القدس من هذا المهرجان؟!
ناهيك عن إقامة المهرجان في موقع اثري يدعى (قبور السلاطين) تملكه الحكومة الفرنسية، فعن أي سلاطين يتحدثون؟ أليس المكان إحدى مقابر ملوك الفرنجة أيام (مملكة أورشليم) إبان الاحتلال الصليبي للقدس؟! هذه الحقيقة التي يسكت عنها الجميع ضمن حقائق كثيرة مخجلة.. وآخرها حكاية الشركة الإسرائيلية التي تجهّز المهرجان.. لا نستغرب أن يردوا علينا بأن شركة (عيتسوف بما) هي أيضاً تشارك (مؤسسة يبوس) في (إحياء القدس ودعم عروبتها)!!

إسماعيل الدباغ
* فنان فلسطيني من القدس.