فوجئت کثيرا بعملية إختطاف المتسلقين الالمان الثلاثة في ترکيا من قبل مقاتلي حزب العمال الکوردستاني، وفوجئت أکثر بإستخدام هؤلاء الابرياء الذين لا علاقة لهم البتة بکل مجريات السياسة و دروبها الملتوية لا في بلادهم و لافي العالم، کأداة لفرض شروط محددة على الحکومة الالمانية لتغيير مواقف معينة لها من حزب العمال الکوردستاني و کذلك قضية منع قناة روج تیفی المقربة من حزب العمال الکوردستاني من على الاراضي الالمانية.

صحيح جدا ان موقف وزارة الداخلية الالمانية لم يکن منصفا أبدا من القناة المذکورة، کما ان موقف الحکومة الالمانية ذاتها من الحزب المذکور أيضا لم يکن خاضعا أبدا لأبجديات العقلية الديمقراطية الالمانية التي تتميز بفضاء حريتها الواسعة و مرونتها في تقبل الآخر، لکن کل ذلك لن يکون أبدا مبررا لکي يلجأ مقاتلوا الحزب الى خطف من لاحول و لاقوة لهم و إرعابهم نفسيا و حتى إرهاقهم جسديا من أجل أهداف و غايات سياسية معينة ليست هنالك أية جدوى من خلفها سوى تشويه سمعة و تأريخ الحزب و الاساءة للشعب الکوردي، ولعل تأريخ الحرکة التحررية الکوردية في جنوب و شرق کوردستان بشکل خاص وشمال کوردستان بشکل عام، لم يشهد أبدا و منذا بدايات القرن الماضي أية عملية تتسم بطابع إرهابي أو حتى غير عادي، إذ قاتلوا الجيوش و المرتزقة برجولة و لم يلجئوا يوما الى تفجير حافلة نقل رکاب أو أطفال أو مطعم أو حتى الى خطف أناس أبرياء لإستخدامهم کأداة ضغط من أجل الوصول الى أهداف محددة. ومن أجل ذلك، لم أجد هنالك أية مبررات أو مسوغات بإمکانها إقناعي لتنفيذ هکذا عملية مرفوضة من أولها الى آخرها وأعتقد أن أفضل و أجدى شئ بمقدور الاخوة في حزب العمال الکوردستاني أن يقومون به هو المبادرة الى إطلاق سراح هؤلاء و إنهاء هذه المأساة من دون الاستمرار بها لفترات أخرى سوف تثبت الايام سقمها و عدم جدواها، لأن حزب العمال الکوردستاني لو إستمر في حجز هؤلاء الابرياء فإنه سيضع نفسه في نفس السلة التي توجد فيها تنظيمات و حرکات سياسية موسومة بالارهاب من قبيل القاعدة و حزب الله اللبناني و حماس و من کان على شاکلتهم وهو أمر سيکون کارثيا و محبطا لکل انسان کوردي. کما من الضروري جدا أن يبادر الحزب الى إحترام الرأي العام الالماني خصوصا وأن الاستفتاء الاخير الذي أجرته قناة (سات1)الالمانية بخصوص موقف الالمان من قضية غلق قناة من على الاراضي الالمانية، قد جاء مؤيدا للمطالب الکوردية حيث صوت أکثر من 72% من الذين أدلوا بأصواتهم ضد قضية غلق القناة فيما کان هنالك 22% من الاصوات المؤيدة للغلق مما يؤکد بأن الاراضي الالمانية بمثابة سند للقضية الکوردية وليست عدوة لها حتى يتم معاملة رعاياها بالخطف.


لازال هنالك متسع من الوقت ليبادر الحزب الى إطلاق هؤلاء الابرياء الثلاثة و يعمل في إتجاه کسب المزيد من الآراء في الشارع الالماني وحتى ان لم تکن هنالك أية بوادر لکسب ولو رأي الماني واحد الى جانب القضية الکوردية، فإن حزب العمال الکوردستاني و بسبب من خلفيته النضالية الانسانية مدعو بقوة الى إطلاق سراح هؤلاء المتسلقين و تقديم إعتذار رسمي لهم، إنه المنطق وليس هنالك شئ بمقدوره أن يقف ضد المنطق!

نزار جاف
[email protected]