تحتل الإعلانات حيزاً كبيراً من إهتمام الناس من مختلف الأعمار والأجناس لتترك تأثيرها السلبي على افكارهم وشخصيتهم وتنعكس على حياتهم وتصرفاتهم.. وخصوصاً حين تتناول الإعلانات التلفزيونية صورة المرأة وشخصيتها فتظهرها بشكل مشوه وبعيد كل البعد عن الواقع سواء من ناحية شخصيتها الإنسانية وتصرفاتها، أو من ناحية القضايا الهامة والأساسية التي تواجهها المرأة في مجتمعها وحياتها اليومية..

فتجد أن هناك كثيراً من الدعايات الإعلانية تستغل صورة المرأة وتصورها للمشاهد على أنها ليست سوى أداة للجذب الجنسي أو وسيلة لتشجيع المنتج وزيادة أرباح الإستهلاك..

لتظهر لنا المرأة التي هي الأم أولاً والمنشئة للأجيال والرجال والمثقفة والمكافحة والمناضلة في مسيرة حياتها، على أنها سلعة تشترى وتباع في سوق الإعلان وتعرض كنموذج منحرف يشوه حقيقتها الشرقية المتأصلة بالقيم والأخلاق، فيشبهونها لنا بالمرأة الغربية المعروضة للإثارة وجذب أنظار المشاهدين إليها، وبدل أن تعامل المرأة على أنها مواطنة محترمة تتمتع بحقوقها الوطنية والإجتماعية تترك في مجال الإعلان مباحة للمشاهد، لتجرد من إنسانيتها وهدفها السامي في الحياة الإجتماعية والعملية والثقافية..
وهنا ليس للإعلان من همّ سوى توصيل فكرة المنتج والمستثمر مهما أنزل من قدر المرأة فيجعل منها مرة أداة مسيرة للأزياء والزينة والإغراء ومرة حقل تجارب للمظاهر السطحية التي لا تفيد المشاهد سوى للترفيه والتسلية على حساب هوية المرأة الأصلية!!

فتنطلق صورة المرأة عبر الإعلانات لتحاكي المشاهدين بإعلانات منافية للأخلاق والحشمة وتجعل كثيرا من المشاهدين ينفر ويشمئز ويخجل من عرضها لأنها تبتعد بها عن أخلاقنا وقيمنا العربية الأصيلة التي تفتخر وتتميز بالحياء والحشمة كخمار للمرأة وإن ذهب حياؤها ذهبت قيمتها وإنسانيتها في مجتمعها..

فتعتمد بعض المؤسسات التجارية المستثمرة في الإعلانات التلفزيونية التضليل لتغير واقع المرأة وحقيقتها فتسلبها وتجردها من كرامتها وإنسانيتها وتحط من قدرها في الصور المقززة التي تعرضها للمشاهد، وتنزل بقيمتها في بعض الدعايات لمنتج مضاد للتعرق (ديودورانت) معروف إلى مستوى مكب النفايات فيصورون لك أن المرأة من دون ذلك المنتج تكون رائحتها كالقمامة لينفر منها كل من حولها، فيضللون المشاهد عن الحقيقة!!

والمعروف منذ خلق البشرية أن المرأة ليست بحاجة لأي منتج حتى تتمتع بالنظافة والرائحة الطيبة والجمال، لأن همها الأول وما زال إظهار أجمل صورة لها أمام الرجل لأنها أمور طبيعية تخلق مع المرأة وليست بحاجة لعرضها على شاشات التلفزة لتكسب الجمال والنظافة فهي المعروفة بالنسيم العليل الذي يتنشقه الرجل في حياته اليومية من دون أي معطر أو مطيب..

ويعتبر بعض المستثمرين أن الحرية الكاملة عندما تخرج المرأة من حيائها ومن قفصها البدائي بنظرهم، لتكشف للملأ عن ما فيها من عيوب وإثارة عارضيها على أنها فارغة وسطحية لتتأثر أفكار المشاهد بما يرى من صورة مشوهة لحقيقة المرأة وتتغير نظرة المجتمع لها ويعتبرون أنها لم تخلق إلا للملذات الدنيوية والترفيهية، فيهملون هويتها وتاريخها الحضاري والثقافي والإنساني، ليساهم ذلك بتدمير الكيان الأسري والإجتماعي...

أما الإعلام فإن له دورا كبيرا في تقدم المرأة نحو التطور الحضاري من خلال التركيز على محور حياتها الثقافية والإجتماعية المساوية للرجل والتي تماشيه في حياته اليومية العملية والإجتماعية..

من هنا يجب على الإعلام المرئي أن ينصف المرأة في الإعلانات وأن يقوي الوعي الإجتماعي نحوها ونحو القيم والمفاهيم الثقافية التي تتمتع بها، ليبث للمشاهد حقيقة المرأة العربية القومية الأصيلة والمكافحة والمناضلة التي تماشي التطور العالمي لتحقق هدفها وتوجهاتها في الحياة...

حنان سحمراني
http://hananhanan.maktoobblog.com/