عرفت البشرية عبر تاريخها الطويل محاكمات عديدة من كل الاشكال والانواع لحكام ظلموا شعوبهم او خانوا الامانة والمسئولية او حكام غدر بهم مساعديهم او المحيطين بهم وانقلبوا عليهم ولكن لم نسمع ولو مرة واحدة منذ بداية الخليقة وحتى يومنا هذا ان تعرض شعب باكملة من شعوب الارض الى المحاكمة ومواجهة اتهامات خطيرة مثل السكوت على ظلم الحاكم وفساد المحيطين بة اوتملقة اوالتقصير فى الدفاع عن حقوقة والاصرار عليها.


ولكن بعد محاكمة صدام حسين واعدامة والمطالبة حديثا بمحاكمة الرئيس السودانى عمر البشير بتهمة او تهم ارتكاب جرائم ضد البشرية سألت نفسى قائلا: لماذا يقدم الملوك او الرؤساء وحدهم للمحاكمات والمحاسبة والبهدلة؟؟ ولماذا لا يقدم الشعوب ايضا للمحاكمات لانهم ايضا بنفس القدر مسئولين اما طريق المشاركة فى صنع هؤلاء الحكام الطغاة او بمجرد السكوت عن ظلمهم والخضوع لهم؟؟


على سبيل المثال فى بداية حكم الرئيس مبارك لمصر كان الرجل لا يطيق النفاق او التملق لدرجة انة كان يرفض ويطالب بعدم نشر اعلانات فى الصحف المصرية لتهنئتة او شكره او مجاملتة فى اى مناسبة من المناسبات. وكان الرجل يضرب بيد قوية على الفساد والمفسدين كما انة كان يتمسك بمبدأ الطهارة والشفافية والابتعاد عن المحسوبية والشللية ولكن بمرور الوقت وتوالى السنوت فى مقعد الرئاسة بدات الامور تتغير والصورة تتبدل والحماس يفتر والمبادىء والمثاليات تذهب ادراج الرياح!! فمالذى حدث ولماذا وكيف؟؟
وكيف تبدل الحال وانقلب الوضع راسا على عقب فبعد ان كان رمز الحكم فى مصر الطهارة والشفافية صار الفساد والمجاملات والمحسوبية من اكثر الامور والقضايا التى صارت تشغل احاديث ابناء مصر سواء فى بيوتهم او صحفهم او جلساتهم فى الاندية والمقاهى؟؟!!


وبعد ان كان الرئيس لا يطيق النفاق ومسح الجوخ صار نفاقة وتملقة سمة رئيسية تشترك فيها فى معظم الصحف الحكومية وبرامج الاذاعة والتلفزيون المصرى بل واصبح كبار الصحفيين المسؤولين عن الصحف الكبرى فى مصر لا شاغل او هم لهم سوى كتابة مقالات طويلة مملة للغاية تنافق الرئيس مبارك او ابنة وتدافع عنة وعن نظام حكمة بمناسبة او غير مناسبة. لقد صارت مقالات النفاق التى تنشر يوميا فى صحف المحروسة هى صناعة ومهنة عدد من كبار الصحفيين المصريين ومصدر دخل كبير لهم وطريقهم للحصول على امتيازات كبرى لا حصر لها!!


بكل تاكيد اننى ارى ان محاسبة الرئيس مبارك وحدة عن ماحدث او يحدث فى مصر ليس من العدل بل يجب محاسبة كل مصرى على ارضها وبصفة خاصة الافراد الذين وضعوا فى مكانة تعطيهم الحق للدفاع او التحدث نيابة عن الاخريين مثل رئيس الوزراء والوزراء والمحافظين ورجال التعليم ورجال الدين وفى مقدمتهم شيخ الازهر وبابا الاقباط ورجال الاعلام المصرى والقضاة ورؤساء الاحزاب السياسية وكبار رجال الامن والشرطة والبوليس واصحاب الاعمال الكبيرة وغيرهم.


ترى هل سياتى الوقت الذى نرى فية الحكام ومعهم شعوبهم ايضا او على الاقل ممثلين عن هذة الشعوب يقدمون للمحاكمة والمسائلة والمحاسبة ام ان حال البشر سوف يستمر على ماهو علية ويظل التاريخ يعيد ويكرر نفسة بدون ان نتعلم او نستفيد من دروسة وعظاتة؟؟

صبحى فؤاد
استراليا
الاحد 31اغسطس 2008
[email protected]