عندما سألتني صديقتي السعودية المهاجرة الى دبي quot;أدفع عمري وأعرف ما الذي تحبينه في الرياض quot;؟،لم أحاول أن أفتش لها عن أسباب (موضوعية )حول أنها مدينة مريحة للسكن ونظيفة ومدينة خدمات وتوفرلي كل ماأريد وفيها أهلي وأصدقائي وطفولتي وذكرياتي ولم أتحدث عن جمال نجومها ورمال صحرائها وسعادتي عندما تطأ قدمي أرض مطارها وعن اقتناعي بأنها (ما مثلها بها الدنيا بلد )، انما قلت لها ببساطة: الرياض أمي والانسان لا يحتاج الى أسباب موضوعية ومنطقية كي يحب أمه ويعشقها ويتعلق بها ولا يشترط عليها أن تكون طويلة الشعرملفوفة القوام عسلية العينين، انه يحبها لأنها أمه وكفى.

*******

في السابق عندما كنت أسمع الحديث عن السياحة في السعودية كنت أعتبر أن الأمر نكتة لطيفة، وطموح جيد لكنه غيرواقعي ،حتى قضيت هذا العام اجازتي الصيفية في جدة لظروف عائلية ،ومن خلال تجربة شخصية توصلت الى أن شعارسياحة جدة بأنها (غير)هو قريب من الحقيقة فللأولاد ليس هناك شيء يفعلونه في الخارج لا توفره لهم جدة من المنتزهات والمطاعم وأنشطة البحرفهي تفسدهم بالخيارات ،الى جانب روح جدة وأهلها المنفتحة التي اعتادت على فتح بابها وقلبها لملايين الحجاج كل عام.

واذا خرجت من الرياض وتوجهت الى جدة ستلمس الفرق الذي تلعب فيه طراوة البحرمقابل جفاف الصحراء دورا كبيرا.

ستلحظ أن الأسوار العالية التي تحيط ببيوت الرياض وقصورها قد قصرت في جدة لتظهر خلفها جمال المنازل وأشجارها وياسمينها،ستلحظ اختفاء الحواجزو(البارتيشنز )عن مطاعمها وستجلس في جو طبيعي دون أن يضايقك أحد -حدث مرة أن جئت من مكة متأخرة وكان عشاء البيت قد فاتني فدخلت أحد المطاعم في منتصف الليل يقودني جوعي وجلست في المطعم امرأة وحدي دون أن يكون ذلك مستغربا وكنت محاطة بجو أليف من العوائل السعودية التي لم ترمقني حتى بنظرة.

أيضا ستجد ميادين جدة التي أبدعت فيها أيدي الفنانين وحولتها الى متحف مفتوح مقابل مباني الدوائر الحكومية والوزارات التي توحي بالتجهم والجدية في الرياض العاصمة ،سترى رقصة أمواج بحرجدة وغنجها (ألم تلقب بعروس البحر الأحمر)؟،مقابل غبارالرياض وجفافه وصراعك اليومي معهينتابك شعوربأن الرياض رجل وجدة امرأة.

ريم الصالح

reemalsaleh.blogspot.com
[email protected]