قَدمَ العراق على مذبح الحرية ألاف الشهداء من المثقفين والعامة دون تمييز،أملا باليوم الموعود، وهو عودة الوطن الى احضان شعبه المحروم،سيادة وحقوقا.ولقد تم له ذلك في التاسع من ابريل عام 2003.بعد مخاضٍ دام اكثر من ثلاثين سنة معتمدا على من رفعوا له راية الحرية والعدالة الاجتماعية. ذاق الشعب فيها الويلات قتلا وتشريدا والغاءً للحقوق الفردية وتبذيرا للثروة الوطنية وتدميرا للشخصية والارض العراقية.

كان في مقدمة تلك الحقوق المهدورة اختراق الثوابت الوطنية في الحقوق والواجبات للمواطنة وهو اكبر خرق قانوني تعرض له المواطن العراقي اثناء العهد السابق لم يتعرض له من قبل،حين هُجر المواطن من وطنه غصباً، وانتزعت منه حقوقه الوطنية رغماً. وزج الوطن والمواطن بحروب عبثية لرغبة شخصية، وبيعت الارض العراقية للاخرين دون رضاه،وقد راينا بأم أعيننا كيف ان دول الجوارقد هرولت لتغيير حدودها وتنتقص من ارض العراقيين فبدلت الخرائط القديمة باخرى جديدة لكنهم كتبوا عليها ممنوع النشر خوفا من الفضيحة املا بتقادم الزمن ونسيان ارض الوطن،لكنهم مادروا ان الحق القديم لا يبطله شيء والعقل مضطر لقبول الحق،فأية عروبة وجيرة تقبل سرقة ارض المجاورين،حين اصبح الحاكم الظالم يكتب القانون ليلا ويمحوه نهاراً،ألم يقل الحاكم السابق في احدى جلساته الطويلة المملة (ماهو القانون،نحن الذين نكتبه ونحن نلغيه،ألم يلغي معاهدة 1975 بيدة وهو الذي وقعها،فجرت علينا الويلات والحروب).

ألم ترافقه أنانية فردية من مؤيديه الحزبيين تصفق وتؤيد لمصلحة ذاتية،فضاعت منظومة المبادىء القيمية.وتم الاستيلاء على مقدرات الثروة القومية دون قانون يحاسب او ضمير يراقب، ففصلنا من جامعاتنا دون ذنب جنيناهُ ونحن في قمة العطاء.فاصبح المواطن غريبا في وطنه، والغريب مواطنا فيه،هل سننسى تجربة المصريين معنا،ولا احد يجرأ على الاعتراض بعد ان اصبح السيف والنطع هو البديل.فضاعت الحقوق ودمرت القيم وساد الظلم والظالمين في دولة لا تعرف الا قوانين المتغطرسين.

ثم مارست سلطة الدولة حركة افساد الضمائر للمواطنين الذين تربوا بمدارس البعث العبثية ليصبح المواطن جزءً من الخطأ وليس ممارسةً للخطأ حسب،وما ندوات التثقيف الحزبية الا مثالاً..فكان هُبل العراق يجمع اليه الناس من كل فج عميق ليقدمون له صلواتهم وقرابينهم تقربا وتزلفا ليرضى عنهم لا عن أقتناع. والذي يحز في القلوب ان من تزعم حركة التزلف هذه هم المثقفون والعلماء الذين طغى عليهم حب الشهوات من الصحفيين واساتذة الجامعات والاخرين،فراحوا يفبركون الخطأ ليجعلوه صحاً حقاً وحقيقة والكذب قولا وصدقاً،وهنا ينطبق عليهم قول الرسول الكريم(ص):( ان أشر أمتي العلماء اذا فسدوا). ولانه كان أغبى منهم فراح يصدقهم من حيث يعلم ويعلمون.فتحولت الوزارة الى تجارة والشرف الى منقصة والحكمة الى جهل والقلم الى رصاصة،والرحمة الى سكين والاخلاق الى رشوة ومحسوبية الفاسدين،فحل بالمجتمع فساد الذمة ومنقصة الوجدان حتى هيأ الله له من يعلمه درس السنين.
في وسط هذا الاضطراب الاجتماعي والروحي،بعث التغييرظناً منا بأنه جاء الحق ليظهره على الناس كله ولو كره الكافرون. وقلنا لقد قامت الحجة واستيقظ العقل،وأذعنا بين الناس ان سلطانا جديدا قد حل بالوطن المغدور.فيا سواعد شمري،ويا أمهات الشهداء زغردي فقد جاء وعد الصادقين.

اعتقدنا، جاء عهد ما فيه دينٍُ يُفرقنا،ولا مذهبُ يُباعدنا،ولا قومية ُتباغضنا. يبني ولا يَهدم،يحابب ولا يُباغض،يقرب ولا يباعد،فقلنا يا آلهي هل جاءت راية العدل والتوحيد التي نادى بها المخلصون واصبحت قرآننا الذي لا ينازع. قال المنادي: من بعيد نعم جاء المخلصون وكل الاخرين، وقلنا وان تعددت الاسماء لكن المعاني والاهداف ستبقى واحدة. فهل جاء خطاب المؤمنين بالله والشعب ليُحي الفطرة وينميها ويقويها ويصلح ما اعتراها من فساد السنين وهل سيديرون الدولة على هذا الاساس.فالمخلصون نظريات لا تتعامل مع الفروض بل تتعامل مع الواقع ففرحوا وكبروا يا عراقيون.فهل تحقق الوعد المبين؟

دخلت علينا مرحلة التنفيذ فبهرت عقولنا بالتغيير الذي ما حسبناه يوما نراه بعيوننا يصبح يقين لجمال اسلوبه ومعسول كلامه ووعوده وما تضمنه من معانٍٍ جديدة وافكار في التوحيد لا عهد لنا بها من قبل. وما هي الا ايام قليلة حتى صحونا على صبح الواعدين، فرأينا نعال ابو تحسين يضربنا على وجوهنا لا يضرب عهد المتجبرين.فرأينا اول حاكم للعراق بعباءته الصفراء واصبعه البنفسجي المرفوع اول الهاربين.،فقلنا هل استغفلونا وكلمونا على قدر عقولنا فكنا من الغافلين ام من المغفلين؟

لم تمضِ الا ايام حتى دب الخلاف بينهم وراح كل منهم يلتمس الادلة لينتصر على الاخرين،فكأنهم ما جاؤا من بيت واحد به اجتروا القوت مع المحرومين.حتى اصبح الدين عندهم اديان والسيرة النبوية العطرة سِير والدولة دول،فدخلوا حلبة الصراع الفكري والمادي مؤيدين بأقلام الفقهاء المقربين،فصحنا بأعلى اصواتنا ياعمر يا علي ألم تردعوهم عن كفر الكافرين،فلا من مجيب.قالوا ما لكم ؟الم نخلصكم من حكم فرعون والمتجبرين، وهذه فرصتنا التي بها نحكم ونتحكم ونقتل ونفرق ونجني ثمار فقر المكافحين،فماذا انتم بنا صانعون؟قلنا لهم أجئتم تنقذونا من فرعون أم انتم الفرعون الجديد.فظهر القصرالانيق بحدائقه الغناء بجانب الكوخ الفقير، وموائدهم الحمراء بجانب جوع الجائعين المهجرين، والسيارة الفارهة بجانب عربة حمارالساكتين، والكهرباء والثريات المنورة بجانب اللمبة والفانوس والنفط اللعين، والرصيد العالي بجانب قوت المنتظرين على شبابيك بنوك الاثرياء المتبطرين، وشعب العراق بين مهجر وشريد ذليل على ابواب دوائر الهجرة يستجدي المعقدين المتغطرسين، بين معذب وقتيل بين منتهك عرضة حتى الاصيل. أكان هذا هو وعد الواعدين؟ فيا عاد وثمود هل عدتي من جديد؟ وما خفتي ان يوماً يُنفخُ في الصورِ فلا من معيد؟.

نعم كل هذا حل بالوطن الجديد،لكن الغيارى من شعبنا صبروا على المر القديد،لكنهم لم يصبروا على عار الزمن الجديد،فأنبرى منهم من يدافع فكان عزالدين سليم اول المقتولين حين تضرج دمه مع دم الحسين وعترته شهداء الطف المقتولين، فتخفى البعض املا بالعودة لدحر المعتدين،فحانت الفرصة اليوم، فهل يريد المالكي ان يبقى مساهما في قيادة العراق والعراقيين؟ اذا كان يريدها حقاًلاغصبأً،عليه ان ينبرى بصدق واخلاص للعراق والعراقيين :هنا يتسائل المالكي ما المطلوب مني لاكون قائدا للعراق مستقبلا؟اقول لك يا سيدي وانا لست متقربا ولا متزلفا ولا محتاجا اليك:

ان الشعوب لن تموت والحق لن يموت والصدق لن يموت فبهم خلدت ايام المخلصين وكل الصادقين اعمل وبقدرالقوة والاستطاعة على:-

ألغاء المواعظ والخطب لان الناس يتربون بالتجربة الواقعية لا المواعظ اليومية.لان تجربة الحرية علمتنا لب الحياة فتمسك بها ولا تصدر قانونا ضدها ولا حتى تتفوه به عليها فلا حضارة ولا تقدم بلا حرية ابدا.

أعمل وطبق بأن الجزاء على قدر المواهب والجهد المبذول ومستوى ذلك الجهد من الدقة وعدمها ونصيب العلم والخبرة فيها،فلا تماري ولا تميل الا معها فكن كالعشب الاخضر الناعم ينحني امام الريح ولاينكسرامام العاصفة. وستكون من القوة ما تستطيع ان توقف الظلم والظالمين وترد السلطة للمؤتمنين، فلا تأتمن من المستشارين عندك الا الصادقين المؤتمنين.

افصل قدر ما لديك من سلطة القانون، سلطات الدولة عن حقوق الناس واجعل القانون مقصدك،فلا ترمي احدا في سجن دون حق فسينهض القانون ويقوى الوطن،وحول المبادىء الى تشريعات ملزمة التطبيق. والتزم بالدستور واعرض نواقصة للتعديل وانت اليوم تعترف بها، فالحق القديم لا يبطله شيء والعقل مضطر لقبول الحق.فلا كردستان تنفصل ولا بصرة تستقل ففي الاطراف قوة للقوادمِِ،ولا تبالي نزوات الطامعين.

لديك ارض مغتصبة من قبل دول الجوار 15% من ارضك،،خريطتك الجغرافية عليك ان تستبدلها بخارطة استقلال العراق عام 1921،فانت لست ملزما بالجديدة،وتعويضات باهضة،لا اصل لها،وديون متراكمة انت لست مسئولا عليها،عليك، ان تكون مشروعاً وطنيا فلا ترفض ان لم تستطع اليوم لكن عليك ان لاتقر بها فالقانون معك ولديك من الخبراء ان طلبتهم سيكونون معك فلا حق لاحد عليك فلا تنحني امام العاصفة.لان تلك مسئولية وطنية تاريخية فلا تخترقها حتى لا تطعن في تاريخك السياسي مستقبلا.

ضع ثقتك بالعلم والقانون ولا تبرم أمراًحتى تفكر فيه،فلا تعمر البلاد بمثل العدل ولا تجلس مجلسا الا ومعك من العلماء الصادقين من يحدثك في كل نصيحة وعهد وثيق.وأحتفظ بمال الوطن،فانت لاتزال عزيزا ما دام بيت مالك عامراً،واحسب للنوائب حسابها فأن الدنيا دول تزول بزوالها وتمسك بالشعب حقا وصدقا لا قولا وخطاباً لان الجهل والظلم والظالمين والمتزلفين هم رأس الشرور والاخطاء فأبعدهم عنك ولا تخف فأنهم والله نمور من ورق.وليكن منك ومن اليوم بداية التحرك الفكري لتنشىْ قاعدة جديدة للتفكير الواقعي المنطقي المنظم ونفذ مطالب الشعب فهو سندك ومالك الذي لا ينضب، ولا تزُر احدا اقل منك مكانة ابداً.

وأول مانريد منك تحقيق المساواة بين الناس فلا مفضول على الافضل، ولا قريب على البعيد، ولا صديق على المعرفة وهاي هي دوائرك وسفاراتك في الخارج تعج بالجهلة والمنافقين،فأعلن من اليوم والعراق العظيم يدخل اليوم مرحلة السيادة الوطنية، اعلن ان لا وظيفة الا بالمسابقة بين المتقدمين،ولن يحتلها الا الاكفاء من المتسابقين،فلا صديق على معرفة الا بالكفاءة والمقدرة واخلاص المخلصين،ولديك الكثير ان ناديتهم سيأتون اليك من كل فج عميق. وما مؤتمر الكفاءات العالمي الاول الذي عقد في بغداد مابين( 22-24)-2008
وما رأيت فيه بعينك من الكفوئين والمخلصين الا دليل برهان على ما نقوله لك وللصادقين.

ولتكن قواعد القيم والشرف والتعفف والتسامي هي التي تحكم مؤسسات الدولة التي لازالت الى اليوم بعيدة عنها. ولا تفرط في ارض العراق ولا مال العراق ولا شخصية العراق، وأختر مفاوضيك من اصحاب الخبرة والكفاءة لتضمن الحرية والامان على النفس والمال.فقد اضاعت لجان التفاوض الكثير من حقوق العراقيين من حيث يعلمون او لا يعلمون،وتلك ستكون سُبة التاريخ ان لم تصلحها ايها المؤتمن على وطن العراقيين. وراقب انتخابات المجالس المحلية فهي الضمانة لاصلاح المصلحين.

ابحث في موضوع الحكم الصالح وكيف يتحقق،فوالله لا سُني ولا شيعي،ولاكردي ولا عربي،ولا مسلم ولا مسيحي الا وسيقف معك ينادي اقدم يامالكي،نحن الموحدون؟فهل عنا وعنهم ستدير ظهرك ام تلبي النداء للمخلصين،وانا اقولها لك جهرأ وعلانية :

-ابحث عن السياسيين المخلصين ليكونوا اعوانك وهم كُثر ان ناديتهم حضروا ليكونوا لك قاعدة شعبية بهم تستطيع التحرك وانت على ابوب انتخابات جديدة واقول لك ايضاً:

الظلم لا زال فاشٍ ببابك، ولا زال القهر سارٍ في مؤسساتك،ولازال المنتفعون يغرفون من اموال الشعب واموال اليتامى والثكالى والمحرومين الكثيرفي الداخل والخارج حتى تكرشت بطونهم واصبحوا بلا رقبة، ولا زال المرتشون لا ي عملا او معاملة لا ينجزوها الا بالرشوة والمحسوبية، هؤلاء من الفاسدين والمفسدين الذين ولدتهم امهاتهم عبيدا لا يؤمنون بالوطن وحقوق المواطنين الا القلة من المخلصين،فلا يقطع دابرهم الا القانون والقول المبين.فهل انت سامع فأن لم تسمع فأسمعها مني يا مالكي فأقدم وليُحفر اسمك في ذاكرة التاريخ مثلما حُفرت اسماء المصلحين. ساعتها ستستحق حكم دولة العراقيين.
ومعذرة لتجاوز قلم المظلومين

د.عبد الجبار العبيدي
[email protected]