لم تسأل إسرائيل في مجزرة قانا الأولى عن الحرمة الدولية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة quot;اليونيفلquot; التي احتمى بها المدنيون اللبنانيون، وارتكبت مجزرتها الشهيرة بدم بارد فيما أسمته بعملية عناقيد الغضب في لبنان في 1996م ضاربة عرض الحائط الحرمة الدولية لمقار قوات حفظ السلام والقانون الدولي الإنساني، وكذلك فعلت بالأمس حين قصفت قواتها مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا)، والتي لجئ لها مئات المدنين الفلسطينيين للاحتماء من النيران الإسرائيلية؛ لترتكب فيهم مجزرة راح ضحيتها أكثر من 40 شهيدا، قتلتهم القوات الإسرائيلية وعادة لتدافع عن إجرامها بحق المدنين الأبرياء بتبريرات واهية لتشرعن لنفسها انتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني الذي يعني ولأسباب إنسانية بحماية الأشخاص غير المشاركين في الأعمال العدائية أي المدنين، والذين لم يجدوا الأمان من الجنون الإسرائيلي حتى ضمن المقار التابعة للأمم المتحدة.


إن ما ترتكبه إسرائيل من انتهاك يومي وسافر للشرائع والقوانين الدولية، وبالخصوص القانون الدولي الإنساني الذي نشأ ليحمي المدنين الأبرياء من ويلات الحروب وليضفي طابعا إنسانيا على النزاعات المسلحة محاولا بذلك جعل الحرب أقل تدميرا وأكثر إنسانية بالرغم من صعوبة الجمع بين طبيعة الحروب واحترام الإنسانية الا أن القانون يحاول حصر أضرار الحرب على الأطراف المتنازعة دون المساس بحرمة المدنين، معتمدا في ذلك على قواعد أساسية وضعتها اتفاقيات جنيف والبرتكولات الثلاث المضافة إليها، والتي تتضمن حماية الأشخاص المدنين في وقت الحرب (اتفاقية جنيف الرابعة)quot;1quot;، وتتلخص القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني في سبع قواعد quot;2quot;:

1- يحق للأشخاص العاجزين عن القتال، أو غير المشاركين مباشرة في الأعمال العدائية أن تحترم أرواحهم وسلامتهم المعنوية والبدنية، وأن يتمتعوا بالحماية والمعاملة الإنسانية دون أي تمييز مجحف.
2- يحظر قتل أو إصابة أحد أفراد العدو الذي يستسلم أو يكون عاجزاً عن القتال.
3- يتم جمع الجرحى والمرضى ورعايتهم من قبل طرف النزاع الخاضعين لسلطته. وتشمل الحماية أيضاً الأفراد العاملين في المجال الطبي، والمنشآت، ووسائل النقل والمعدات. وشارة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر هي علامة هذه الحماية ويجب أن تحترم.
4- يحق للمقاتلين والمدنيين الواقعين تحت سلطة الطرف الخصم أن تحترم أرواحهم، وكرامتهم وحقوقهم الشخصية ومعتقداتهم، وأن يتمتعوا بالحماية من كافة أعمال العنف والأعمال الانتقامية. ويحق لهم مراسلة عائلاتهم وتلقي الإغاثة.
5- يحق لكل فرد الاستفادة من الضمانات القضائية الأساسية. ولا يعد مسؤولاً عن عمل لم يرتكبه. ولا يكون معرضاً للتعذيب البدني أو النفسي، أو العقاب البدني أو المعاملة الوحشية أو المهينة.
6- ليس لأطراف النزاع وأفراد قواتها المسلحة خيار غير محدود بالنسبة لوسائل وأساليب الحرب. ومن المحظور استخدام أسلحة أو أساليب الحرب التي تسبب خسائر غير ضرورية أو معاناة مفرطة.
7- على أطراف النزاع التمييز في كافة الأوقات بين السكان المدنيين والمقاتلين من أجل الحفاظ على حياة السكان المدنيين وصيانة الممتلكات المدنية. ولا يجوز أن يكون السكان المدنيون أو الأشخاص المدنيون عرضة للاعتداء، بل توجه الاعتداءات ضد الأهداف العسكرية فقط.
توضح هذه القواعد كيف أن إسرائيل انتهكت القانون الدولي الإنساني عبر استهدافها المدنين الأبرياء من النساء والأطفال والعجائز والمدنيين الذين سقطوا ضحايا للعدوان الإسرائيلي وإحصاءات القتلى والجرحي في العدوان الأخير دليل واضح وصريح على استهداف المدنين.
فمن حق هؤلاء الضحايا أن يحموا من قبل المجتمع الدولي عن طريق إلزام إسرائيل بتطبيق القانون الدولي عبر الالتزام باتفاقية جنيف الرابعة أو فرض عقوبات جزائية عليها كما جاء في المادة 146- 147 من الاتفاقية والتي تنص على:
المادة 146:
تتعهد الأطراف السامية المتعاقدة بأن تتخذ أي إجراء تشريعي يلزم لفرض عقوبات جزائية فعالة على الأشخاص الذين يقترفون أو يأمرون باقتراف إحدى المخالفات الجسيمة لهذه الاتفاقية، المبينة في المادة التالية.يلتزم كل طرف متعاقد بملاحقة المتهمين باقتراف مثل هذه المخالفات الجسيمة أو بالأمر باقترافها، وبتقديمهم إلى محاكمة، أيا كانت جنسيتهم. وله أيضا، إذا فضل ذلك، وطبقا لأحكام تشريعه، أن يسلمهم إلى طرف متعاقد معني آخر لمحاكمتهم ما دامت تتوفر لدى الطرف المذكور أدلة اتهام كافية ضد هؤلاء الأشخاص.على كل طرف متعاقد اتخاذ التدابير اللازمة لوقف جميع الأفعال التي تتعارض مع أحكام هذه الاتفاقية بخلاف المخالفات الجسيمة المبينة في المادة التالية.وينتفع المتهمون في جميع الأحوال بضمانات للمحاكمة والدفاع الحر لا تقل ملاءمة عن الضمانات المنصوص عنها بالمواد 105 وما بعدها من اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب، المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949.
المادة 147:
المخالفات الجسيمة التي تشير إليها المادة السابقة هي التي تتضمن أحد الأفعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية: القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، وتعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو الصحة، والنفي أو النقل غير المشروع، والحجز غير المشروع، وإكراه الشخص المحمي على الخدمة في القوات المسلحة بالدولة المعادية، أو حرمانه من حقه في أن يحاكم بصورة قانونية وغير متحيزة وفقا للتعليمات الواردة في هذه الاتفاقية، وأخذ الرهائن، وتدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية. quot;3quot;


ما يتعرض له المدنيون الفلسطينيون في غزة والضفة يتطلب وقفة حقيقية من المجتمع الدولي وجميع الدول الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة وبالخصوص الدول العربية لإيقاف أشكال العدوان المستمر الذي تمارسه إسرائيل على المدنيين الفلسطينيين وفرض عقوبات صارمة ورادعة على ممارسي هذا العدوان بالحد الأدنى أن لم يتم تشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين كما حصل مع مجرمي الحرب في اوغندة والكونغوا حيث لا تقل وحشية الجرائم الاسرائيلية منذ صبرا وشاتيلا وحتى مدرسة الانروا عن أي من الجرائم التي خصصت لها محاكم دولية فإسرائيل قدمت ولا تزال تقدم العديد من جرائم الحرب والإبادة بحق الفلسطينيين منذ احتلالها لفلسطين وحتى الآن وما تقدمه من تبريرات على حروبها لا يشرعن لها ما تقوم به من انتهاكات.

زينة علي

صحافية وكاتبة وناشطة حقوقية- السعودية


1-للأطلاع على نص الاتفاقية http://www.aihr.org.tn/arabic/convinter/Conventions/HTML/congeneve4.htm
2- القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة
http://www.icrc.org/web/ara/siteara0.nsf/htmlall/668BF8
3- راجع نص الاتفاقية http://www.aihr.org.tn/arabic/convinter/Conventions/HTML/congeneve4.htm