الاجواء المکفهرة في معسکر أشرف بعد سلسلة الضغوط المختلفة الاخيرة التي مارستها الحکومة العراقية و بتوجيه خاص من رئيس الوزراء نوري المالکي، تنذر بأن الساعات وليس الايام القادمة حبلى بذلك الامر الذي طالما حلم به و تمناه النظام الايراني، خصوصا وان تصريحات رسمية عراقية أکدت على ان السلطات العراقية ماضية قدما في عملية نقل معسکر أشرف الى مکان آخر.


ولئن کانت الحکومة العراقية قد حددت في بداية المرحلة الثانية من إصطدامها مع معسکر أشرف، نقرة السلمان في محافظة المثنى(والذي کان معتقلا سياسيا أيام النظام البعثي) کمکان لسکان أشرف، لکن الضغوط الممارسة على الحکومة العراقية و خصوصا الامريکية منها أجبرتها على صرف النظر عن نقرة السلمان واختيار مکان آخر قرب بغداد، مع إحتمال أن يکون المکان الجديد مؤقت لإمتصاص ردات الفعل و الرفض العالمي لعملية النقل من أساسها حيث هناك احتمالات قوية کما توحي مصادر مطلعة في فينا و بروکسل على إقدام السلطات العراقية على خطوة أخرى بعد مرور مدة معينة من إستقرار المجاهدين في مکانهم الجديد ولاتجد هذه الاوساط مايبعث على التفاؤل من وراء تلك الخطوة ولاسيما عندما تکون(بتنسيق أو بطلب)من النظام الايراني. وعلى الرغم من أن السلطات العراقية قد اوضحت بأن عملية النقل ستکون طوعية و ليست قسرية، وانها وتقوم بنقل أي ماجهد يرغب بذلك، لکن وکما تؤکد مصادر مطلعة بالشأن العراقي، من أن هذا الادعاء مجرد ذر للرماد في العيون وان حقيقة النية العراقية تختلف عن هذا الادعاء بکثير، ذلك أن عملية النقل اساسا هي صفقة عراقية إيرانية متفق عليها سلفا.


التصعيد العراقي الاخير لم يأت إعتباطا ولا من فراغ وانما کان بالاساس إنعکاسا و تلبية لمطلب إيراني ملح بعد فشل المحاولـة الاولى في السيطرة على أشرف و تنفيذ المخطط الخاص بذلك، وان طهران التي تترنح أساسا أمام موجات الرفض الجماهيري المتجسدة في الانتفاضات المتکررة، حددت معسکر أشرف کغرفة لقيادة تلك الانتفاضات و توجيهها وانها تتصور بأن السيطرة على أشرف أو إنهاء دوره في الساحة الايرانية(کما تحلم و تتمنى)، فإن الرفض الجماهيري للنظام سينتهي، وعلى الرغم من سذاجة و سطحية هذا التصور لمعالجة الموقف المتفاقم في داخل إيران، لکنه في نفس الوقت يدل بوضوح على أن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية لم يکن أبدا خارج اللعبة و العملية برمتها وانها کانت و ستبقى جزئا و مکونا اساسيا و مهما من المعادلة السياسية في إيران.


ونظرة متفحصة على التقارير التي کان ترد من طهران بخصوص الانتفاضات الجماهيرية ضدها، کانت تدل بکل وضوح من أنها قد حددت منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة کطرف رئيسي وراء تحريك تلك الاحداث و توجيهها بسياق الاصطدام مع النظام، لکن الاشکال الذي سيقع فيه رجال الدين هو ان المنظمة قوية بإمتلاکها لقواعد جماهيرية داخل إيران وليس من خلال أشرف بحسبما تصور هؤلاء وانه حتى لو تمکنت طهران بطريقة أو بأخرى من تحديد و تحجيم معسکر أشرف، فإنها لن تتمکن أبدا من تحديد و تحجيم الدور و الحضور الفعال لهذه المنظمة على صعيد داخل إيران.


النقطة المهمة التي يجب علينا هنا الاشارة إليها، هي ان سکان أشرف الذين قضوا أکثر من 23 عاما في هذا المکان و بنوه و عمروه بجدهم و مالهم الذاتيين، وهم يتواجدون فيه طبقا لمقررات و مواثيق دولية کلاجئين مشمولين بمقررات جنيف و الموارد الاخرى ذات الصلة، سوف لن يغادروا مکانهم بأي شکل من الاشکال وهم مصممون على البقاء في مکانهم کحق مشروع تتيحه لهم الواثيق الدولية، وانهمquot;وکما أکدت مصادر عديدة منهم لنا)لايعتبرون أشرف أرضا غير عراقية او خارج السيطرة العراقية بل وهم مستعدون دوما للتجاوب مع الشرطة العراقية فيما لو ارادت دخول المعسکر لأي أمر يقتضي ذلك، لکنهم في نفس الوقت يشعرون بالقلق و يتوجسون من أية خطوة تقدم عليها السلطات العراقية تکون أصابع النظام الايراني من ورائها کما هو الحال في العملية المزمع القيام بها خلال الاربع و العشرون ساعة القادمة و لن يجدوا مناصا من عدم الرضوخ لعملية تهدد أمنهم و سلامتهم لأنهم يدرکون تماما أنها خطوة لمعممي طهران و قم التي لن تبشر بغير الشر وحري بالسيد نوري المالکي أن يفکر لأکثر من مرة قبل الاقدام على هکذا خطوة سياسية لاتهدف في حقيقتها سوى الى إرضاء معممي طهران وقد کان الاولى به أن يقدم على خطوات تؤکد إستقلالية القرار السياسي العراقي وليس تبعيته و إنسياقه لمشيئة نظام يواجه أکثر من مشکلة و أزمة سياسية و امنية مع المجتمع الدولي و يعيش أزمة خانقة بالاضافة الى أن مرشده الاعلى قد تم إختياره کأسوأ دکتاتور في العالم!