المقدمة:
سبق وكتبت عن موضوع عقوبة الاعدام، وخلصت الى انها جريمة قتل عمد مع سبق الاصرار، تتضمن نزعة الانتقام باسم العدالة. وقد نشرت في صحيفة ايلاف الالكترونية مقالين حول هذا الموضوع تحت عنوان quot;نزعة الانتقام في عقوبةالاعدامquot; و quot;نزعة الانتقام في اعدام صدامquot;، نشرت بتأريخ 16/9/2005 و 2/1/2006 على التوالي.

وقبل الخوض في مبررات تلك ldquo;الخلاصةrdquo;، أرى من المفيد استذكار النقاط الجوهرية الواردة في المقالتين المذكورتين وهي، ان عقوبة الاعدام تنم عن نزعة انتقامية لاانسانية وبدائية، اعتمدتها الشرائع القديمة كشريعة حمورابي انطلاقا من مبدأ quot;السن بالسن والعين بالعين...quot; بشكلها المطلق. اي ان العقوبة لم تكن شخصية، بل تنسحب الى افراد عائلة الفاعل.
واوضحت كذلك اهم النظريات التي اطرت التشريعات الجنائية الحديثة التي استبعدت عقوبة الاعدام لانها تتسم بالوحشية والهمجية، ولاانها لاتحقق الاهداف الرئيسية المرجوة منها في quot;الردع والاصلاحquot; التي تتطلبها المعايير الدولية في تحقيق العدالة الجنائية.
وقد اثيتت الوقائع العملية والتقارير الاحصائية للمنظمات الدولية الانسانية quot;كمنظمة العفو الدولية Amnesty International و منظمة مراقبة حقوق الانسان Human Rights Watchquot; بان نسبة الجرائم في الدول التي تعتمد عقوبة الاعدام هي اعلى بكثير من تلك التي الغتها من تشريعاتها الجنائية.
وبلغ عدد الدول التي الغت عقوبة الاعدام 128 دولة من مجموع 197 دولة، وان الاتجاه في الغاء هذه العقوبة من قبل الدول الاخرى في تزايد مستمر.
ويعطي العراق مثالا واضحا، بان ازدياد وتيرة الاعدامات في محاكم صورية خاصة لا تضمن حق الدفاع للمتهمين المنتزعة اعترافاتهم عن طريق التعذيب الوحشي، ادى الى تأجيج الصراعات الدموية والعنف والقتل والتهجير.
أرى لايمكن تحقيق العدالة وهي اساس الامن الاجتماعي والسمنت الموحد للمجتمع، ما لم نتعرف قبل اصدار العقوبة على الصفات الذاتية للفرد والظروف المحيطة به. وسأبحث في هذا الموضوع (الصفات الذاتية والظروف المحيطة بالفرد) بشئ من التفصيل لانه موضوع جدير بالاهتمام لما له علاقة بتحقيق العدالة وحق الانسان في الحياة.

تأثير الصفات الذاتية والظروف المحيطة بالفرد:
يحمل الانسان صفات مادية ثابتة، من المستحيل ان تتشابه او تتطابق مع اي انسان اخر ولجميع الجنس البشري منذ بدأ الخليقة وحتى يوم القيامة، مثل، بصمات الاصابع، شبكية العين، الصوت و عرق الجسم.
بالاضافة الى ذلك، ان كل انسان يحمل صفات وراثية توارثها من اسلافه، من المستحيل ان تتطابق مع اي انسان اخر عبر جميع الاجيال السابقة واللاحقة.
فيحمل الانسان في كل خلية 23 زوج من الكروموسومات (الصبغات الوراثية)، احدهما من الاب والاخر من الام، اي ان مجموع الكروموسومات في الخلية الواحدة هو 46. وان كل خلية تحمل بحدود 100000 (مائة الف) من المورثات موزعة على 46 كروموسوم. علما ان جسم الانسان يتكون من مليارات الخلايا المتخصصة (كخلايا الدم، الجلد، الشعر...الخ).
هذه التشكيلة الهائلة من المورثات تعطي خصوصية متميزة لكل كائن بشري في جميع الصفات التي يحملها. ولا تقتصر هذه الصفات على الصفات المادية، كلون الشعر او البشرة او العين...الخ، بل الصفات الاخرى التي تتأثر بالظروف المحيطة (الخارجية). واهم تلك الصفات quot;القوى العقلية والنفسيةquot;. وتحدد هذه القوى طبيعة سلوك الانسان بعد الولادة، وكغيرها من الصفات، فانها تتأثر بالعوامل الوراثية التي قد تسبب بعض الامراض العقلية كمرض اضطراب الشخصية، ويدعى المصاب بهذا المرض (سايكوباثي psychopath).
تتميز الشخصية السايكوباثية عادة بالذكاء والقابلية على المراوغة والاحتيال والكذب، وهي شخصية ذا نزعة عدوانية تميل الى الايذاء واحيانا القتل بدم بارد. وغالبا ما يستغل المصاب بهذا المرض قدراته المذكورة للانتماء السياسي لغرض الوصول الى السلطة بغية تطمين نزعاته ورغباته الشاذة. لذا نرى الكثير من السياسيين لديهم الصفات السايكوباثية وخاصة الذين منهم يتصارعون بشتى الاساليب للوصول الى السلطة. وان الاوضاع السياسية في العراق و سلوك الكثير من المسؤولين هو خير دليل على ذلك.
واذا لم يظهر مثل هذا المرض لدى الانسان، فانه قد يحمل استعدادات وراثية قد تؤثر على قدراته العقلية التي من شأنها التأثير على قابليته للاندماج بالمجتمع وتقبل العادات والتقاليد والقوانين السائدة فيه. كما يختلف درجة تأتير الظروف المحيطة بالانسان تبعا لتلك الاستعدادات الوراثية، كالنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وهذه الاستعدادات الموروثة تختلف من حيث الدرجة والقوة من شخص لاخر. فهناك من يمتلك القدرة على تجاوز السلبيات التي تفرزها الظروف المحيطة به، كالقمع الذي يمارسه النظام السياسي او التمييز الاقتصادي وعدم توفر فرص العمل والضمان الاجتماعي، بينما نجد اخرين لايمتلك مثل هذه القدرة، فيدفعه التعسف والظلم الى الانسياق وراء الجريمة.
وهكذا يقتضي ان ننظرالى الانسان ككائن معقد التركيب للغاية، يتحدد نمط سلوكه داخل المجتمع تبعا لتأثير صفاته الذاتية وظروفه الخارجية. وان حرية ادراكه وارادته هي من اهم عناصر تحدديد المسؤولية الجنائية، وهي تعتمد على مدى تأثرها باستعداداته الذاتية المورثة ومدى تقبله للظروف المحيطة به، والتي تحدد نمط سلوكه داخل المجتمع، لذا فان جزء من مسؤوليته الجنائية تتحملها الدولة والمجتمع من خلال اعادة تأهيل واصلاح مثل هذا الشخص. ولابد من اعادة النظر في سياسة الدولة خصوصا المؤثرة منها على انحراف سلوك الفرد، لان ازهاق روح مثل هذا الانسان (اعدامه) عن ارتكابه جريمة مهما كانت جسامتها، دون الاكتراث بالعوامل المذكورة اعلاه، هو فعل قتل عمد مع سبق الاصرار تحت غطاء القانون.

الاعدام وجريمة القتل العمد:
جريمة القتل العمد هي ازهاق روح انسان وحرمانه من حقه في الحياة التي ضمنتها له جميع القوانين (السماوية والوضعية)، ويكون الفعل جريمة قتل عمد مع سبق الاصرار، اذا اقترن مع تصميم الفاعل على ارتكابها بعد تفكير وتخطيط بجو هادئ، مما يشكل عنصر الزمن اهمية بالغة في تحقق quot;سبق الاصرارquot;.
وبما ان فعل الاعدام يحصل بقرار قضائي وفق نص قانوني شرع من قبل سلطة تشريعية مختصة (البرلمان)، وينفذ بمرسوم جمهوري صادر من السلطة التنفيذية (رئاسة الجمهورية)، فانه قد استغرق وقتا للتخطيط والتفكير به وتنفيذه بكل هدوء من قبل جميع السلطات في الدولة، وبالتالي فانه بمثابة قتل عمد مع سبق الاصرار ولكنه تحت غطاء القانون والعدالة.
وهناك من يقول، ان فعل الاعدام هو عقوبة عن جناية خطيرة جرمها القانون الجنائي الوطني، وهذا القول مردود للاسباب التالية:

1- ان قواعد القانون الدولي تحرم عقوبة الاعدام، وهي قواعد تسمو (لها العلوية) على قواعد القانون الوطني.
2- يلزم عدم تجاهل الصفات الذاتية والظروف الخارجية المحيطة بالفرد التي تكلمنا عنها، والمؤثرة على سلوك الانسان في المجتمع.

مسؤولية السلطات في الدولة :
ترتكز الدولة على مؤسسات او سلطات رئيسة للنهوض بأعبائها وهي، السلطة التشريعية، السلطة القضائية والسلطة التنفيذية. فما هي مسؤولية هذه السلطات في فرض عقوبة (الاعدام)، وحرمان انسان من حقه الطبيعي في الحياة.

1-مسؤولية السلطة التشريعية:
للسلطة التشريعية دور اساسي في الغاء جميع النصوص العقابية المتعلقة بعقوبة الاعدام، والامتناع عن تشريع اي قانون يفرض هذه العقوبة في المستقبل، التزاما بالمعاهدات الدولية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966 لاسيما وان العراق طرفا فيها.
ومن الفارقة ان تظهر سلطة الاحتلال بانها ارحم على العراقيين من العراقيين المشتركين في العملية السياسية عندما اصدر السفير بريمر (الحاكم المدني للاحتلال) الامر المرقم(7) في 10 حزيران 20003 بتعليق عقوبة الاعدام الواردة في القوانين العقابية العراقية. ولم تنفذ عقوبة اعدام واحدة quot;رسمياquot; في ظل سلطة بريمر. ولو استمر العمل بتعليق عقوبة الاعدام، لظهر النظام الجديد بانه يعمل بغير الطريقة التي كان يعمل بها النظام السابق. ولكن اعيد العمل بعقوبة الاعدام في ظل الحكومة المؤقتة التي كان يرأسها الدكتور اياد علاوي، واستمر العمل بها في ظل الحكومات المتعاقبة ولحد الان؟؟
وقد صدرت تشريعات مجحفة تفرض عقوبة الاعدام، كقانون مكافحة الارهاب الذي تضمن نصوص مبهة وفضفاضة، اي انها لم تحدد الجرائم بشكل دقيق بحيث لا تقبل الشك او التأويل مما يتعارض ذلك مع مبدأ الشرعية quot;لا جريمة ولا عقوبة الا بنصquot;، الذي جاء به الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 واوجبته جميع التشريعات الجنائية الدولية والوطنية وبما فيها القانون الجنائي العراقي بالمادة (1) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969.
لذلك لا عجب ان تكون صورة العراق الجديدة ملطخة بالدماء، ولا عجب ان يفضل المعتقلين في معتقلات الاحتلال البقاء في معتقلاتهم، رغم تعرضهم للتعذيب والاذلال، ويرفضون الانتقال الى سجون الحكومة الحالية، وهو دليل على همجية ولاوطنية النظام السياسي الراهن في العراق.

2- مسؤولية السلطة القضائية:
السلطة القضائية هي الملاذ الاخير لجميع المظلومين من جور وظلم السلطات الاخرى في الدولة، وهي الجهة الرئيسية في تحقيق العدالة من الظلم.
يتمتع القضاء العراقي بسلطة تقديرية واسعة في تفسير القوانين، وله صلاحيات كبيرة في تحديد وتخفيف العقوبة تبعا للاعذار القانونية والظروف القضائية المخففة.

اولا- الاعذار القانونية المخففة للعقوبة:
بينت المادة 130 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، تأثير العذر القانوني المخفف على عقوبة الاعدام. واذا ماتحقق العذر القانوني فعلى المحكمة تخفيف عقوبة الاعدام الى السجن المؤبد او المؤقت او الحبس.
وقد اوضحت المادة 60 من القانون المذكور ماهية العذر القانوني المخفف، وهو اختلال او ضعف في حرية الادراك او الارادة للفاعل في وقت ارتكاب الجريمة ناتج عن اضطرابات عقلية اونفسية (جنون او عاهة في العقل).
وكما اوضحنا اعلاه، فالانسان نسيج خاص، ومنذ نشوءه في رحم امه (نطفة) تنمو معه العوامل الوراثية الذاتية ويتأثر جهازه النفسي والعقلي بما تعانيه الام وبما تأكله وتشربه اثناء الحمل. وبعد الولادة يتوجه سلوكه تبعا للظروف المحيطة به. وبتأثر سلوكه سلبا او ايجابا وفق قوة او ضعف استعداداته الموروثة. عليه لا يوجد انسان سوي يرتكب جريمة، دون اصابة حرية ادراكه او ارادته بضعف معين نتيجة لاختللات نفسيه او عقليـه، وبالتالي تبقى مسؤوليته الجنائية ناقصة بالقدر التي اشتركت فيه هذه العوامل في ارتكابه للجريمة.
ولغرض تحقيق العدالة الجنائية، لابد ان يكون القاضي بمستوى المسؤولية والمعرفة بجميع العوامل المشار اليها اعلاه التي تساهم في دفع الانسان الى ارتكاب الجريمة، مما يقتضي استخدام سلطته التقديرية في تخفيف اي عقوبة اعدام فرضها القانون ومهما كانت جسامة الجريمة المرتكبة.

ثانيا- الظروف القضائية المخففة:
منحت المادة 132 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 للقاضي سلطة تقديرية واسعة جدا، اذ اجازت له تخفيف عقوبة الاعدام الى السجن المؤبد او المؤقت، اذا ما رأى ان ظروف الجريمة والمجرم تستدعي الرأفة. ولم يقيد المشرع الذي شرع هذا القانون منذ حوالي نصف قرن بظروف محددة للجريمة والمجرم، بل اطلق الحرية الكاملة للقاضي لاستنباط تلك الظروف. وواضح جدا، ان المقصود بظروف الجريمة هي (العادات والتقاليد، البيئة، الوضع السياسي، النظام الاقتصادي والاجتماعي، القيم الثقافية...الخ). اما ظروف المجرم فهي بالدرجة الاساس، الصفات الذاتية الوراثية المؤثرة على طبيعة سلوكه في المجتمع.
واود ان اتسائل، هل هناك اقوى واعظم من الظروف القاهرة المحيطة بالجريمة والمجرم في العراق بالوقت الحاضر؟
لماذا لم يلجأ القضاة العراقيين الى تخفيف عقوبة الاعدام تطبيقا لاحكام الاعذار القانونية او الظروف القضائية المخففة المبينة اعلاه تحقيقا للعدالة وتطبيقا للمواثيق الدولية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966؟
من المؤسف حقا، ان يكون القضاء العراقي الحالي، غير مكترث بانتهاكات حقوق الانسان ويتفق مع نهج السلطة التشريعية في تطبيق هذه العقوبة الجائرة خلافا لاحكام القانون الدولي الانساني الذي يحرم هذه العقوبة. وقد اصدرت المحاكم الجنائية العراقية المئات من عقوبات الاعدام منذ سنة 2004 ولحد الان، حسب اخر تقارير منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الانسان.
والادهى والامر من كل ما تقدم، ان محكمة التمييز الاتحادية وهي اعلى سلطة قضائية في العراق، يقتضي ان تكون في غاية النضوج القانوني والدراية بحقوق الانسان، قد اصدرت قرارها المؤرخ في 27 تموز 2006 بنقض قرار محكمة الموضوع (محكمة الجنايات المركزية) القاضي بالحكم على quot;مهند حمزة مطرquot; بالسجن المؤبد، حيث طلبت من محكمةالموضوع (محكمة الجنايات المركزية..؟) تشديد العقوبة لانها خفيفة (اي تشديدها الى الاعدام)؟! وهذا السلوك يتنافى مع ابسط المفاهيم الانسانية ومبادئ العدالة لدولة تدعي انها دولة المؤسسات والقانون؟!
ولكن لا يوجد ما يدعو الى الاستغراب من هذا السلوك، عندما تكون السلطة القضائية غير محايدة ومباركة من قبل الاحتلال، ويتجسد عدم اكتراث هذه السلطة بحقوق الانسان العراقي من خلال عدم تدخلها لمنع ارتكاب اعداد لا تحصى من جرائم القتل والتعذيب في المعتقلات التابعة للاحتلال والداخلية والدفاع ومليشيات الاحزاب الطائفية والعنصرية. وحجز المتهمين على مجرد الشبهات لمدد تجاوزت الاربع سنوات احيانا، وبدون مذكرات توقيف قضائية. وكذلك يتجسد عدم اكتراثها في جرائم التهجير والاعتداء على ممتلكات واعراض المواطنيين.

3- مسؤولية السلطة التنفيذية:
لا يجوز تنفيذ عقوبة الاعدام، الا بمرسوم جمهوري صادر عن رئاسىة الجمهورية وفق المادة 285 من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971. ويجوز لرئيس الجمهورية ابدال العقوبة او العفو عن المحكوم عليه وفق المادة 286 من القانون المذكور، لاي سبب يرتأيه.
وتبعا لجميع المعطيات التي ذكرناها، والتزما من رئاسة الجمهورية في احترام وتطبيق المعاهدات والصكوك الدولية بما فيه العهد الدولي الخاص يالحقوق المدنية والسياسية، يقتضي على رئاسة الجمهورية تخفيف جميع عقوبات الاعدام، وعدم الاكتراث لاي نص دستوري او قانوني يتعارض مع احكام القانون الدولي الانساني لانه ياتي بالسلم التشريعي الاعلى للقوانين الوطنية بما فيها الدستور.
ومن المفارقة، ان السيد جلال الطالباني (رئيس جمهورية العراق)، اعرب في مقابلة تلفزيونية اجريت معه في 18 نيسان 2005، عن معارضته الشديدة بالمصادقة على احكام الاعدام، حيث قال quot;لقد وقعت شخصيا على نداء من اجل الغاء عقوبة الاعدام في العالم باسره، وانا احترم توقيعيquot;.
بينما نفذت عشرات الاحكام بالاعدام خلال فترة رئاسة السيد الطالباني للجمهورية كما تشير تقارير المنظمات الانسانية. مما يدل ذلك على تناقض اقوال السيد الرئيس مع افعاله؟!
كما صدرت في ظل رئاسة الطالباني تشريعات تتضمن عقوبات اعدام مجحفة، دون ان يمارس حقه الدستوري في نقضها، وعلى سبيل المثال وليس الحصر:
- قانون المحكمة الجنائية العليا (الخاصة) رقم 10 لسنة 2005 في 18 /10/2005؟
- قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 في 7/11/2005؟

الخلاصة:
الانسان يتكون ويولد ويترعرع quot;كنسيج خاصquot;، لا يوجد من يتطابق معه بين بني البشر الاخرين منذ بدأ الخليقة والى يوم القيامة. وكل انسان يتحدد سلوكه الخارجي بمدى تأثر حرية ادراكه وارادته بالصفات الذاتية والظروف المحيطة به منذ تكوينه في رحم امه ولحين وفاته. لذا لا تقتصر المسؤولية الجنائية عن الجريمة على ارادة الانسان بشكل مطلق، بل تساهم فيها الصفات الذاتية الوراثية والظروف الخارجية التي هي مفروضه عليه وخارج مسؤوليته.
دون ادنى شك ان مسؤولية الغاء عقوبة الاعدام او تعطيل العمل بها هي مسؤولية جميع سلطات الدولة، وبقاء هذه العقوبة ليس له علاقة بالردع والاصلاح ولا تحقق العدالة كما يشاع في العراق، بل يدل على نزعة انتقامية التي من شأنها زيادة وتيرة الجريمة في المجتمع وهو ما تؤكده جميع تقارير المنظمات الانسانية.
ان سلطات الدولة التي تصر على ازهاق ارواح الناس بهذه الطريقة الوحشية، وبالرغم من الحقائق المبينه اعلاه والدراسات المكثفة من قبل المعاهد والمؤسسات ذات الاختصاص وتقارير المنظمات الانسانية الدولية، وبالضد من الشرائع السماوية و اغلب القوانين الجنائية الوضعية في العالم واحكام القانون الدولي الانساني وعلى وجه الخصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966، فانها ترتكب جريمة قتل عمد مع سبق الاصرار تحت غطاء قانوني باطل، وقد يضعها امام المسؤولية الجنائية ان عاجلا او آجلا.

رئيس جمعية الحقوقيين العراقيين ndash; بريطانيا