أول محكمة للدستور في تركيا شكلت كان في عام 1961، أي بعد إنقلاب 1960 بسنة واحدة. المحكمة تتألف من 15 عضواً، 11 عضو أصيل و4 أعضاء إحتياط. رئيس الجمهورية يعين أعضاء المحكمة من الهيئات التالية: أربعة أعضاء من مجلس القضاء الأعلى quot;Yargıtayquot; {إثنان أصلاء و إثنان إحتياط} ثلاثة من محكمة الدولة العليا quot;Danıştayquot; { إثنان أصلاء وواحد إحتياط}.

عضو واحد من مجلس القضاء العسكري
عضو واحد من المحكمة الإدارية العسكرية
عضو واحد من مجلس الرقابة الأعلى
عضو واحد من هيئة التعليم العالي

ثلاثة أعضاء أصلاء وإحتياطي آخر يتم تعيينهم من أساتدة الجامعات أو السفراء أو المحافظين....الخ بشرط أن يكون قد عمل في وظيفة رسمية في الدولة لاتقل عن 15 عاماً ويحمل شهادة جامعية. يتم إنتخاب رئيس المحكمة ونائبه بالإقتراع السري، ويعاد الإنتخاب كل أربع سنوات. كل من بلغ 65 من العمر يحال الى التقاعد ولا تسقط العضوية قبل ذلك إلا في المرض أو الإستقالة أو تدخل عزرائيل.....الخ.

من بين الأعضاء الحاليين هناك خمسة من مواليد 1945 وسيحالون الى التقاعد في السنة القادمة 2010 أما البقية فسوف يحالون بعد عام 2015 وما بعد. كلهم أتراك ومن مواليد وسط وغرب الأناضول. واحد فقط هو من مواليد مدينة بدليس الكردية وكنيته اوتوquot;Otoquot; وهو في الأصل من المهاجرين البلقان{هناك أكراد في وظائف الدولة العليا ولكن بهوية تركية ولا يستطيعوا أن يجهروا بأصلهم، ومن يفعل يطرد فوراً. وكثيرون من الكرد تبوأوا مناصباً رفيعة ولكنهم كانوا ممن خانوا شعبهم وعملوا ضده}.

الصورة المرسومة في الأذهان عن رئاسة الجمهورية هو أنه منصب رمزي، ولكن في الواقع هو الوكرالأساسي للدولة السرية منذ quot;اتاتوركquot; ومفتاح إدارة الدولة على الإطلاق. في كل تاريخ الدولة التركية وصل رئيسان فقط الى الرئاسة رغماً عن أنف الدولة السرية وهما المرحوم تورغوت اوزال والرئيس الحالي السيد عبدالله غول. الأول إغتالته الدولة السرية في عقردار الرئاسة في نيسان 1993والثاني لا نعلم متى سيأتي دوره؟.

في عام 2000 بعد إنتهاء مدة رئاسة سليمان دميريل، لم يتوصل السياسيون الى الإتفاق على شخصية سياسية للرئاسة من داخل البرلمان. وتم الإتفاق على السيد احمد سزرquot;Sezerquot; الذي تولى المنصب قادماً من رئاسة محكمة الدستور، أي إحدى أهم قلاع الدولة السرية بعد رئاسة الجمهورية ورئاسة الأركان. بالمناسبة فقد تم إختيار سزر كعضو محكمة الدستورفي عام 1988 ثم أصبح رئيساً لها فيما بعد.

السيد سزر لم يمارس السياسة في حياته، ولم تكن له أية مواهب أو كاريزما تجعله مناسباً ولو بالحد الأدنى لهذا المنصب. حركاته كانت متشنجة لا يعرف الإبتسام ولا التصرف اللائق في المحافل الرسمية، وهذا جعله سجيناً داخل أسوار القصر الجمهوري لمدة سبع سنوات. لم يتجرأ على القيام بالزيارات الرسمية خارج البلاد، وصدف أن خرج فكانت سورية وآذربيجان و مقدونيا.....ملامح وجهه كانت جامدة لا حياة فيها وكأنه مصاب بمرض باركينسون......في عهده تم تعيين عشرة أعضاء جدد في محكمة الدستورلملأ الشواغر، وهذه كانت المهمة الأساسية له.

سزربدوره ينتمي الى الدولة السرية وقد يعتقد البعض أن العضوية في هذا المحفل مقتصرعلى العسكر. لا طبعاً، فمنظمة أرغنكونquot;Ergenekonquot; العائدة الى الدولة السرية والتي تمثُلْ الآن أمام المحاكم فيها القضاة ورؤساء وأساتذة الجامعات والصحفيين ورجال اعمال وأطباء وحتى الفنانين....وكل المهن.....

الدولة السرية لم تسمح في يوم من الأيام أن تترك رئاسة الجمهورية لغير أعضائها حتى ولو كانوا على شاكلة سزر إلا الإستثناء في حالة اوزال وغول.

هذه المحكة بالذات حاولت سد الطريق في وجه الرئيس غول، وذلك عندما أصدرت حكماً مخالفاً للدستور{نعم مخالف للدستورحسب الغالبية العظمى من الحقوقيين. قرارات المحكمة قطعية ليست هناك مرجعية أخرى أعلى منها. الموضوع شائك جداً} جعل من إنتخابه مستحيلاً في مجلس النواب، وأضطرت تركيا الى خوض إنتخابات برلمانية مبكرة في 2007 فاز فيها حزب غول وصار رئيساً رغماً عن أنوفهم.

دستور عام 1982 والذي جاء به الإنقلابيون، ولايزال معمولاً به حتى الآن، كان قد وضع أربعة ركائز أساسية للدولة السرية للسيطرة على الحكم، كالعادة من وراء الستار. هذه الركائز هي:

ــ رئاسة الجمهورية......خرجت من أيديهم بعد وصول السيد غول
ــ جهازالقضاء......خرج قسم لا باس به من تحت سيطرتهم.........ومحكمة الدستور تخرج عن سيطرتهم أيضاً في العام القادم إذا ما بقي غول حياً
ــ التنظيمات السرية لتدبير المؤامرات على شاكلة quot;أرغنكونquot; والمرتبطة برئاسة أركان الجيش......هي الآن أمام المحاكم وإفتضح أمرها
ــ الصحافة....لا زالت قوة كبيرة في أيديهم وهي تبث الأكاذيب والسموم ضد الحزب الحاكم، وخاصة الصحافة المرئية......من جهة أخرى نشأت الصحافة المضادة لها وهي في طريقها الى أن تصبح نداُ قوياً.

وهكذا يبدو أن الأرض صارت تزلزل من تحت أقدام عصابات الدولة السرية، لا سيما إقتراب تعيين خمسة قضاة في محكمة الدستور في العام القادم. لذلك نجد أن كل قوى الدولة السرية هي في حالة إستنفار وفي سباق مع الزمن لخلط الأوراق وحياكة المؤمرات والتي كانت آخرها و أخطرها هو حظر حزب المجتمع الديمقراطي الكردي الهوية، وذلك بقرار من محكمة الدستور، والذي يهدف الى تحريك وتهييج الشارع الكردي وإشعال حرب أهلية بين الكرد والترك يستطيع العسكر من خلالها العودة لإستلام السلطة وإعادة عقارب الساعة الى الوراء.

الدلائل تشيرعلى أن الشارع الكردي سوف يٌسقط رهانات الدولة السرية وسيعود الى البرلمان تحت يافطة جديدة.

المنفذ الوحيد في في أيدي المتآمرين هو إعادة فتح دعوى جديدة من محكمة الدستور لحظر حزب العدالة والتنمية الحاكم أو الإنقلاب العسكري......أي نهاية تركيا

[email protected]