تعال.. واقعد كي احدثك.. ايها القلب،استيقظ و تعال كي احكي لك عني، لا.. لا، بل تعال.. تعال انت وحدثني عنك، وانت مهتوك الاحاسيس في قفص الضلوع، وانت تأن او وانت تزف النشيج الى اشلائك المتهرئة، وانت تضج مما ترى وتسمع، وانت تتجهم تارة وتنكفيء على (اذنيك) او (بطينيك)، وتنساب من مساماتك دموعك الحمر، احس بها تتصبب من جبينك وتنهمر راجفة تشعر بالخوف والغدر والخذلان، علام ترتجف.. ايها المسلوب الارادة؟ ادرك ما فيك ولكن كم اتمنى ان تحدثني، ان تصرخ في وجهي، وان تصفع روحي، ان تهتز لتقتلع جذورك من اعماقي او تنفض عنك اوجاعك المتآزرات، قل اي شيء ايها القلب المستعد ان تتشقق بالنواح وتتهدم بالخيبات، انا اسألك ايها المترمل: هل انا ظلمتك فجعلتك مثل يتيم تتملكه الهواجس والظنون، اجبني.. (الله لا يخليك ) اجبني، اجبني.. ولا تدعني اصفعك، سأشتمك، صدقني..

لن اتوانى ان احرقك بكل الاوجاع والاضطهادات وأقسو عليك كما لم يقس احد على قلبه، لن اتواني ان اسد كل الطرقات المؤدية اليك بدخان الاكتئاب وأورام الكراهية، هكذا اذن.. ستظل صامتا ولا اسمع منك سوى تأوهاتك الرعناء، نعم.. رعناء، لانك ارعن، فلولا انك ارعن لما اصطادتك الخيبة ولما اغراك التوجس ولما انبطحت تبتسم مثل الابله للخطرات التي تعبر من عينيك العمياوين، ولما صدقت كل الانباء الواردة اليك من مذياعات الكذب، ها انذا استمع الى وجيبك..

ما اتفهه، اتمنى ان تكف عن الهذيان، ايها المعتوه الاحمق، ايها النزق الشرير، ايها الملقى على ارصفة الوهم والغباء، كم انت غبي ايها المنتفخ مثل باالونة ليس فيها سواء الهواء الملوث، كم انت ساذج ايها المتبرقع بالكبرياء، احيانا اجدك تضحكني ايها المستهر، تضحكني بطيبتك المنزوعة اليقين وبسخفك الذي تحرص ان تتنفسه في صباحاتك ومساءاتك، يا لك من وضيع تتسول في الشوارع الخلفية للخزي، ولا تفتح عينيك المعشش فيهما الرمد، لترى اين انت، انني الان اصفعك لتنتبه الى ذاتك المعتقة بالذل، عسى ان تنثر عنك غباءك وتشهق لمرة واحدة بالذكاء، انا اضربك.. اضربك، فهزّ دمك ان استطعت، او ردّ لي الضربة ان شئت، لكنك اجبن من ترفع يدك، فمت ايها المهرج!