لم يصدق رئيس تحرير القدس العربي البيان الذي القاه النائب العام في مصر ( 8 إبريل ) حول كشف السلطات المتخصة لخلية إرهابية تأتمر بتعليمات من حزب الله كانت تخطط لمهاجمة منشآت سياحية داخل مصر.. وتسائل ndash; في مقال افتتاحي نشره بتاريخ 9 إبريل - عن دوافع الحزب، مبيناً أنه لا يوجد ثأر مبيت لديه ( الحزب ) تجاه المحروسة وأن تاريخه لا يتضمن عمليات قام بها ضد أهداف إسرائيلية في الخارج أو ضد أهداف عربية أو مصرية علي وجه الخصوص..


بداية نقول أن الثأر ليس بين حزب الله وشعب مصر لأنه ndash; اي الحزب - يعد أداة لتنفيذ مخططات تمليها عليه اشتراطات خضوعه لصاحب الفكر الإستراتيجي الذى يغدق عليه بالمال ويمده بالعتاد ويفتح له ابواب التدريب ويرسم له خطواته داخل لبنان وخارجها.. واذا كان الكاتب قد نسي عن عمد المواقف القتالية التى قامت بها ميليشيات الحزب في داخل بيروت ضد المدنيين منذ بضعة اشهر بغية الترهيب وممارسة فرض الارادة قبل تنصيب الرئيس اللبناني ميشيل سليمان، او نسي التكتيكات التى نسق خلالها مع قيادات منظمتي حماس والجهاد ضد قيادات فتح.. فعليه أن يتذكر أن مصر التى يتغني بالدفاع عن شعبها ضد قيادتها السياسية لن تقبل الإنضواء تحت أي راية خارجية حتى ولو كان ذلك تحت شعار مزيف يتبني الدفاع عن قضية الشعب الفلسطينى..


الكاتب لم يأت بجديد حين قال أن شعب مصر متشيع لآل البيت منذ مئات السنين، لكن عليه ان يعي جيدا الفرق الجوهري العميق بين حب آل البيت واحتضان الاحتفالات السنوية بذكراهم.. وبين التشيع بمعناه المذهبي الذي يرتضيه ( هو ) لبعض الجماعات في منطقة الخليج ويرفضه لجماعات أخري وفق الأهواء السياسية!! محبة آل البيت وحبهم العميق في شكله الصوفي جزء لا يتجزأ ضمن الموروث الحضاري المصري، لكن تبني المذهب الشيعي بكل ما يتطلبه من ولاية الفقيه وتلقي التعليمات والإرشادات من طهران أمر مختلف تماماً.. وسيعرف الاعلام العربي في الوقت المناسب تفصيلات العملية التى يصفها رئيس تحرير القدس بانها quot; تحويل للانظار عن المشاكل الداخلية المتفاقمة في مصر quot;..


هناك اختلاقات كثيرة في مصر كما في غيرها من دول العالم المتقدم والمتأخر.. لكنها لا تكون أبدا علي حساب امن أي منها القومي.. وهناك تجاوزات يعرضها الإعلام المصري الرسمي والمعارض دون مواربة وتحاربها الاكثرية بلا خجل او اخفاء.. وهناك اختلاف بين وجهات النظر الحكومية وشرائح داخل المجتمع وبينها وبين العديد من الكتاب والمثقفين والمحللين، لكنها لا ترقي إلي مستوى الإنصياع لقيام تشكيل عُصابي عدوان يخطط للاعتداء علي السفن المارة بقناة السويس ولتدمير عدد من المنشآت السياحية وما إلي ذلك..


حزب الله جماعة مقاومة.. لا خلاف علي ذلك، ولكنه يدين بالولاء لقوي خارجية يتحرك إذا أرادت ويصمت عندما يُطلب منه ذلك.. وهو حزب له تاريخ في منازلة اسرائيل، لكن ليس من حقه ان يتدخل في الشئون الداخلية لاي دولة حتى الدولة اللبنانية.. ولو أن قواعد هذا الحزب كانت فوق أرض دولة اخري من دول الجوار هل كان، هل كان نظام الحكم فيها سيسمح له بأن يجرها إلي حرب دون ترتيب وتنسيق كما فعل في منتصف عام 2006؟؟ وهل كان ذاك النظام سيسمح له بأن يتسلح بالكيفية التى هو عليها اليوم إلي درجة أن يطالب بـأن تكون له دفاعاته الأرضية ( الخاصة ) ضد الطائرات الحربية المعادية؟؟ وهل كان سيترك له تحديد مصير أراضيه المحتلة دون تخطيط مسبق مع الحكومة القائمة؟؟..


تناسي رئيس تحرير القدس العربي عن عمد انه لا يوجد ثأر مصري تجاه السيد نصر الله، ولكنه إمعتاض شعبي قوي بعدما ما طالب القوات المسلحة المصرية بأن تثور علي قيادتها السياسية.. ومن جانبنا نرفض علي كافة المستويات هذا التحريض الذي زيفه قلمه حين لوي ذراع الحقيقة وكتب quot; طالب السيد حسن نصر الله قيادات الجيش الذهاب إلي قيادتها السياسية لإقناعها بكسر الحصار المفروض علي مليون ونصف مليون فلسطيني quot;!!.. كما يتناسي دائماً عن قصد أن الحكومة المصرية وقواتها المسلحة كانت ndash; ولا زالت حتى الآن - تغمض عينها عن قوافل الأنفاق التى تمر تحت الأرض بين جانبي مدينة رفح، في نفس الوقت الذي يشجع فيه علي إجتياز الحدود المصرية والاعتداء عليها ولا يَرثي الشهداء من حراسها الذين يقتلون علي يد قلة من كوادر حماس!!..


لا نختلف مع التحليلات السياسية التى تؤكد أن لكل دوله في المنطقة أجندتها النابعة من إستراتيجيتها، ولكننا لا نتفق مع كل من يستخدم الآخرين مطية له لتحقيق بنود هذه الاجندة!!..


لذلك نقول ان التقارب الذي يدعيه الكاتب بين الولايات المتحدة وبريطانيا وحزب الله لا يعني مطلقاً إعترافاً به او بمبادئه في المقاومة أو تقديراً منهما لدوره المستقبلي في المنطقة، ولكنه تبادل لوجهات نظر نصحت بها أجهزة أمنية المانية ذات صلة وثيقة بالحزب.. ومن نفس المنطلق نقول أن التفاهمات الجارية بين واشنطن وطهران حول الموقف في أفغانستان لا تعني مطلقاً إعترافاً بإيران كقوة إقليمية لها مقومات الحركة الحرة، لأن هذه التفاهمات محصور في خانة تبادل المصالح التى لا ترقي ولن تقترب من صيغة التحالف الإستراتيجي بين كل منهما وإسرائيل وتدور فقط في إطار العمل علي اقناعها ( طهران ) دبلوماسياً وبرجماتياً بجدوى وقف خطوات إستكمال برنامجها النووي..


لا يخفي علي مصر الرسمية والشعبية أن إسرائيل هي العدو الأول وأن الخطر القادم من واء حدودها يستهدف كل شئ فيها.. وليس هناك شك أن قادتها مهما إدعو المسالمة فهم دعاة حرب وأساطين سفك دماء، لكن هذا لا يعني أن تنقاد مصر الرسمية والشعبية لمخططات الآخرين خاصة وأنهم لا يدافعون عن القضايا العربية وعلي رأسها ملف الصراع العربي / الإسرائيلي من منطلق الحرص علي حقوق الشعب الفلسطيني أو تحرير الأرض العربية المحتلة، ولكن من زاوية مصلحتهم الذاتية التى عند تحققها سيكفون ايديهم عن كل ما يدعونه اليوم، لأن ذلك سيكون احد اهم اشتراطات استكمال مسيرة التفاهم معهم..

الدكتور حسن عبد ربه المصري *
* استشاري اعلامي مقيم في بريطانيا

[email protected]