كان يوم الثاني عشر من مايو أيار عام 2005 يوما تاريخيا مشهودا ليس في حياة الناشطة السياسية الكويتية معصومة صالح المبارك أستاذة العلوم السياسية في جامعة الكويت، بل كان أيضا تاريخا فاصلا في التاريخ السياسي لدولة الكويت حين حوت تشكيلاتها الوزارية منذ استقلال الإمارة الصغيرة عام 1961 أول عضو إمرأة وذلك بعد ساعات من توقيع أمير دولة الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح مرسوما أميريا بمنح المرأة الكويتية جميع حقوقها السياسية وانتخاب أعضاء مجلس الأمة والترشح لعضويته وهو الأمر الذي استغرق سنوات عدة من النضال النسائي.


وكان أحد أقوى أركان هذا النضال النسائي الذي امتد لعقود الوجه النسائي الأستاذة معصومة المبارك التي انتابتها مشاعر مختلطة حين دق هاتفها المحمول في ذلك اليوم من مايو 2005، لم ترد بادئ الأمر لأنها كانت في محاضرة مع طلبتها في قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت، وبمجرد ردها على المتصل أبلغها ضرورة الحضور الى قصر السيف للقاء رئيس مجلس الوزراء الكويتي آنذاك (الأمير حاليا) الشيخ صباح الأحمد الصباح، لملمت أوراقها على عجل وكانت على ثقة بعد الإتصال أنها قد اختيرت لتكون أول امرأة في تاريخ الكويت تشغل المنصب الوزاري.


تقول معصومة لـ quot;إيلافquot; خلال لقاء سابق في العام 2005 بعد أيام من تعيينها وزيرة بمجرد دخولي الى مكتب الشيخ صباح قرأت المهمة الكبرى في ابتسامته العريضة وأبلغها أنه اختارها كوزيرة للتخطيط والتنمية الإدارية، لأنه لا يريد أن يكون دخول المرأة الى الحكومة مجرد اضافة رقمية بل يريد أن تكون المرأة الكويتية من خلال معصومة وأخريات على الطريق أحد الأركان المهمة في صناعة القرار السياسي.


الوزيرة معصومة تولت لاحقا حقيبتي المواصلات والصحة ، ولاحقا جاءت الى الحكومة نورية الصبيح كوزيرة للتربية والتعليم ولا تزال في موقعها داخل حكومة تصريف الأعمال الكويتية، وفي نفس الحكومة أيضا سيدة ثالثة شغلت المنصب الوزاري هي موضي الحمود الوزيرة الحالية للإسكان والتنمية الإدارية.


منذ مغادرة معصومة للفريق الوزاري في أغسطس 2007 متقدمة بإستقالة أدبية وشجاعة بتحملها المسؤولية السياسية عن حادث حريق شب في مستشفى الجهراء الحكومي وراح ضحيته أربع وفيات، عادت الى جامعة الكويت كأستاذة علوم سياسية وهي الوظيفة التي لم تبرحها منذ العام 1981 حين حصلت على شهادة الدكتوراة من جامعة دنفر في الولايات المتحدة الأميركية، إلا أنها بقيت قريبة من المشهد السياسي عبر اطلالتها بلباسها الوقور وغطاء رأسها إذ لم تغب عن الفعاليات السياسية الكبرى، وظلت وجها مألوفا في جميع الندوات والمهرجانات التي أقامتها نساء كويتيات خضن في أعوام 2006 و 2008 تجربة الإنتخابات البرلمانية، بل وسعت على اتساع علمها وتأثيرها في تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة للمرشحات، إلا أن أيا من تلك المرشحات لم يحالفهن الحظ على الإطلاق.


في الإنتخابات المقبلة المقررة في السادس عشر من الشهر المقبل، يبدو المشهد مختلفا للغاية إذ تقدمت في الساعة الأولى من اليوم الأول لمهلة تقديم أوراق الترشح لتصبح أول مرشحة للإنتخابات هذا العام في الدائرة الإنتخابية الأولى، مطلقة حملتها الإنتخابية تحت عنوان quot;الكويت تستاهلquot; ووسط حظوظ قوية جدا للوزيرة السابقة التي لم يعد مستبعدا أن تكون أول عضو إمرأة في تاريخ الكويت، كما كانت أول وزيرة.


وبحسب قراءتنا لمعطيات الخارطة الإنتخابية الآخذة بالتشكل بوضوح فإنه الى جانب المرشحة معصومة التي تبدو ضامنة لمقعد في مجلس الأمة المقبل مسنودة بثقل شيعي في الدائرة الأولى رغم ترشحها مستقلة، تبدو فرص المرشحة المستقلة أيضا أسيل العوضي قوية هي الأخرى في الدائرة الثالثة رغم التراجع اللافت في قوة التحالف الوطني الديمقراطي وهو التيار السياسي الذي وقف بقوة خلف المرشحة العوضي في انتخابات العام الماضي حين كانت على بعد خطوة واحدة من أن تكون أول إمراة في تاريخ مجالس الأمة في الكويت.


والمرشحة العوضي حاصة على شهادة الدكتوراة في الفلسفة من جامعة تكساس أوستن في الولايات المتحدة الأميركية، واللافت أيضا أن المرشحة العوضي التي كانت طالبة في جامعة الكويت في يونيو حزيران 1986 عند حل مجلس الأمة وقتذاك حلا غير دستوري وتعليق العمل بمواد في الدستور الكويتي، فإنها قد تزعمت على الفور حركة طلابية مناهضة وأصبحت منسقتها.


والى جانب المرشحتين معصومة وأسيل فإن حظوظ مرشحة الدائرة الرابعة المحامية ذكرى الرشيدي قوية هي الأخرى رغم اصرارها على الترشح للمرة الثانية في دائرة يبدو الحسم فيها واضحا لمصلحة الصوت القبلي، إلا أن بنت القبيلة المرشحة ذكرى التي تخرج عن المألوف في هذه الدائرة لديها حظوظ قوية جدا هذا العام، من دون استبعاد افادتها من الخلافات التي دبت بين القبائل الكبرى وهي تجري انتخاباتها الفرعية على مدى الأيام الماضية.


إذاً فإننا نسجل توقعاتنا بوصول 3 نساء كويتيات الى مجلس الأمة الكويتي المقبل، وسط حديث متصاعد القوة هنا يملأ الشارع الكويتي مفاده أن تجربة المرأة في الإنتخابات المقبلة لن تحيد عن الإخفاق الواسع الذي منيت فيه في عامي 2006 و 2008.

عامر الحنتولي

الكويت