محمد عبد العزيز من القاهرة:في أول تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية المباشرة على السينما المصرية، تناقلت الأوساط السينمائية المصرية شائعة تفيد بأن الأمير quot;الوليد بن طلالquot; سينسحب من السوق السينمائي المصري بسبب التداعيات الاقتصادية العالمية الأخيرة، والسبب في ذلك الديون التي تراكمت على الشركة لصالح شركات الإنتاج المصرية، والتي كانت تعتمد في الغالب على شراكة القنوات الفضائية في إنتاج أفلامها، وهو الأمر الذي ساعد على ارتفاع ميزانيات الأفلام في الفترة الأخيرة، ووصلت إلى أرقام لم تكن متخيلة، وعاد ذلك على السينما بجودة الصورة، وأيضا ارتفاع أجور الفنانين والفنيين العاملين في هذا المجال، وشيء طبيعي عندما يتم تناقل مثل هذه الشائعة أن تصاب السوق السينمائية المصرية بصدمة، تجعل المنتجين ndash;وهو الأمر الذي حدث بالفعل- يحاولون تخفيض ميزانيات الأفلام مرة أخرى، من أجل تفادي الخسارة التامة، وخاصة مع وجود قناة واحدة الآن ستهتم بالشراء، وهي مجموعة الـart، والتي تعاني أساسا من أزمات مادية سابقة.

إسعاد يونس احد الشخصيات الانتاجية الكبيرة في مصر
مصدر داخل شركة روتانا في مصر رفض ذكر اسمه، أدلى بتصريحات مثيرة في هذا الموضوع تؤكد أن هذه الشائعة لها أصول داخل الشركة نفسها، والتي تتلخص في عدم توافر السيولة المادية في شركة روتانا، الأمر الذي أدى إلى تأخر صرف رواتب موظفي الشركة في مصر لمدة أربعة أشهر، حتى أن آخر مرتب تم الحصول عليه هو الخاص بشهر سبتمبر الماضي، كذلك زادت الديون لكل من الشركة العربية للإنتاج والتوزيع، وشركة السبكي للإنتاج السينمائي، وقد اتخذت عدة قرارات داخل الشركة يأتي على رأسها:
أولا: تأجيل مشروع إنتاج 20 فيلم سعودي إلى أجل غير مسمى، والذي كان قد بدأ بالفعل بإنتاج فيلمين هما (مناحي، كيف الحال)، وذلك لأن هذا المشروع تكلف كثيرا ولم يأت بأي أربح على الشركة.
ثانيا: تعديل خطة إنتاج الأفلام داخل الشركة لعام 2009، حيث كان من المفترض أن تقوم الشركة بإنتاج حوالي 40 فيلم هذا العام، إلا أن الأمر تقلص إلى 10 أفلام فقط قابلين للتخفيض!!
ثالثا: تخفيض ميزانيات التسويق والدعاية لكل المشاريع الفنية في الشركة.
رابعا: العمل على إعادة وضع البنود في التعاقدات مع مديري الشركة ذوي المرتبات الكبيرة من أجل تخفيضها، وكذلك في التعاقدات مع بعض الفنانين والمطربين الملتحقين بالشركة لتخفيض المقابل المادي لهم.
شركات الإنتاج المصرية اتخذت عدة قرارات خلال الأيام القليلة الأخيرة أثبتت من خلالها وجود بعض القلق في السوق السينمائي، فبالإضافة إلى تقليل الميزانيات، فإن هناك بعض شركات الإنتاج المصرية أوقفت بعض المشاريع العالية الميزانية أو أجلتها لأجل غير مسمى، كما أن مديري الإنتاج في الشركات حاليا يحاولون بشتى الطرق تخفيض ميزانيات أفلامهم، كما قامت غرفة صناعة السينما والتي تضم المنتجين المصريين بعقد عدة اجتماعات في الفترة الأخيرة، أولها كان خاصا بمسألة الدعاية التي يحاولون تقليلها، فاتخذوا قرارا بمقاطعة عمل إعلانات في جريدة الأهرام المصرية، والتي اعتدنا منها على معرفة الأفلام التي ستعرض في السوق السينمائي المصري، والاتجاه إلى عمل إعلاناتهم في جريدة الوسيط التي توزع مجانا، وذلك بعد الارتفاع الكبير في أسعار الإعلانات في جريدة الأهرام، كذلك بعثت غرفة صناعة السينما إلى نظيرتها نقابة السينمائيين قرارا آخر، وهو تخفيض أجور الفنيين في الأفلام بنسبة 30%، وهو الأمر الذي واجه اعتراضا كبيرا من قبل السينمائيين، خاصة وأن هذه القائمة طالت أيضا الرؤوس الكبيرة في الصناعة، مثل مديري التصوير الذين تضاعف أجورهم خلال الفترة الماضية بشكل مهول، كما تضاعف أجور بقية الأفراد بنسبة 500% خلال فترة لا تزيد عن الخمس سنوات، وحاليا يدرس نقيب السينمائيين ممدوح الليثي هذه القائمة رافضا التوقيع بالموافقة عليها في ظل وجود هذه الاعتراضات الكبيرة داخل نقابته، معللين هذا الاعتراض بأن الفنانين الذين تضخمت أجورهم خلال الفترة الأخيرة ووصلت إلى 13 مليون مقابل الفيلم لم يشملهم القرار، فلماذا التقليل من أجورهم هم؟
ولكن الأمر طال الفنانين أيضا عندما بعثت غرفة صناعة السينما قرارا إلى نقابة الممثلين يؤكدون فيه أن المنتجين لن يتحملوا بعد ذلك أجور المساعدين الخاصين للممثلين، وخاصة الكوافير والماكيير واللبيس الذي يحضرونهم معهم، مؤكدين على أن هناك ماكيير وكوافير في الفيلم، ولن يتحملوا أجورهم مرة أخرى، وإذا أراد الممثل مساعدين خاصين فليتحمل أجورهم بنفسه.
إذن فغرفة صناعة السينما المصرية تحاول الآن علاج الأمر من ناحيتها، حتى لا تتفاقم الأمور في السينما، وتصاب بالشلل التام نتيجة هذه الأزمات المتلاحقة، ولكن هل ستستطيع حل هذه الأزمة؟ الإجابة ستتضح في الأيام القليلة المقبلة.
[email protected]