علي ال غراش: بحضور عدد من الروائيين والشعراء والكتاب العرب وبالخصوص من مصر والعراق والأردن وفلسطين؛ عقدت ندوة قراءة نقدية لديوان الشاعرة رانة نزال الثاني quot; مزاج أزرقquot; الصادر عن المؤسسة العربية للدراساتوالنشر عام 2007م، وذلك في ورشة الزيتون في القاهرة.
استمرت الندوة من السابعة مساء وحتّى منتصف الليل، بإدارة الشاعرة فاطمة ناعوت، استمع الحضور خلالها إلى القراءات النقدية التي تناولت الديوان، الذي يحمل مزاج التصوف. حيث تطرق الدكتور: حسام عقل quot; أستاذ النقد الأدبي quot; في عرض جادّ لمضامين الديوان مشيراً إلى أن الثيمة الرئيسة التي تنتضمن قصائد الديوان وفقها هي ثيمة الحض والدعوة إلى حراك وتفاعل بين الذات والجمهور حيث الصراع الذي تنخرط فيه الذات الكاتبة الطامحة في تحقق الأفضل والأنبل في زمان ما عادت فيه البطولة فردية بل هي حركة اجتماعية جماعية الجماعة هي البطل فيها:
quot; بين الرسم والوشم
قلة ذوق
وطقوس مرصعة برماد مدينة
وريشة مهاجرة
الرسم قلادة في نحر نوّارة
الوشم قصر منيف
تجأر في أبهائه استغاثات العبيدquot;
وواصل الدكتور. حسام عقل مداخلته التي امتدت نحو ثلاثة أرباع الساعة موضحا: كانت الثيمات في الديوان المفتوحة على أسئلة كبرى من نوع الحض والدعوة إلى حركة جماعية من ذات اصطدمت بالآخر الساكن المستنيم وفي دعوتها له بالنهوض والاستفاقة اصطدمت بسطحيته وسخفه فارتدت على ذاتها مشككة في النهوض من حيث هو فعل جمعي ومنكفئة على ذاتها في عزوف قصدي، فما بين قول الشاعرة: quot;أما الجمع الذي تجمهر فيّ، فأهديه كبريت العاصفة quot; وقولها: quot;الكبريت المبللquot;. تكمن طاقة الديوان الدافقة حيث المعنى هنا بين الدعوة للنهوض والموّات الجمعي تقع مساحة التشظي التي يخطيء من يقرأها على أنها ذات مشغولة بذاتها أو تعاني من شرخ ذاتي منفرد وأن القصائد عزف quot; سولوquot; بل هي قصائد مطرزة بلغة عالية وذائقة رفيعة وقدرة موارّة على تنحيت المعاني وتوظيف ثقافة عالية في طزاجة متميزة ولافتة تمتاح من معجمها الذاتي في ثقة تستمد قدراتها الفنية من قراءات مطلة على التراث ومنتفعة بفصه وتتعامل معه بعمق لافت ولائق،مؤكدا أن هذا الحراك بين قطبين قطب الذات وقطب الجماعة هو ماد ة الديوان الأغنى الذي تميزت لغته وشاعريته وقدرته على التوغل في ثقافة راقية واستحضار للموروث في قصه الديني والثقافي حيث تتعمد رانة نزال ارباك القاريء الذي يتوجب عليه أن يجهد ويجد ويكد في طلاب المعنى، وهذا ما يحسب للديوان بحسب الناقد، وأثار الباحث جملة من النقاط التي ناقش فيها مسألة المعجم اللغوي واتساقه بالذات في قصيدة quot; إسراء الذهبquot; حيث الاستشهاد بالمحكي:quot; ويخلي أوتش واخوتش يا ستي quot; حيث رأي عدم اتساق المعجم الدلالي في هذا المقطع إذ تحركت اللغة
ضمن ثلاثة مستويات فيه، الفصيحة الدلالية، والفصيحة التبليغية، واللغة المحكيةquot;.
وتناولت الدكتورة: ثناء أنس الوجود quot;عميد كلية الدراسات الأدبية في جامعة عين شمسquot; ديوان quot;مزاج ازرقquot; بالبحث والعرض والمناقشة والتحليل إذ أكدت تميز وقوة وخصوصية هذا العمل الذي ينضاف إلى الأسماء الشعرية العربية التي تمثل المرأة في الوطن العربي بقوّة، وتناولت فيما تناولت الإهداء الذي أشارت أنه في رؤيتها يتعامل في نونه الناقصة مع نون التحقق في فعل الأمر quot; كن quot; وأن الفعل ناقص وأنا اللاتحقق هو مادة الديوان العميقة، حيث التحقق غاية الوجود وواقع الحال نقيضه.
أما الدكتور: حسن بدران فقد علق على الغلاف والتدرج اللوني والدلالي الذي يحمل وتناول دلالات المعنى للمتعين الأزرق واللامتعين المزاج.
وقد علّقت الشاعرة: رانة نزال على الندوة قائلة:quot; لقد حظيت الليلة بغمر وفيض أدبي ونقدي علّمني الكثير الكثير عن نفسي، وكتابتي ومدينة للذين أولوا الديوانquot; مزاج أزرقquot; هذا الاهتمام الجاد العميق الذي يؤكد مصداقة التعامل مع الأعمال الأدبية وجديته في مكان بعراقة quot; ورشة الزيتونquot; التي يمتد حضورها في الساحة المصرية والعربية قرابة الربع قرن من العمل الجاد الملتزم المسؤول الذي أخذ على عاتقه عقد ورش عمل خاصة بالأعمال الأدبية، فكانت بحقّ بوابة الكاتب العربي للقاريء المصري والعربي.
في انتهاء الندوة علّق مدير الورشة الشاعر شعبان يوسف قائلا:quot; الندوة احتفاء جميل بشاعرة قوية، وأنا أرى أن تنوعاً في الحضور من روائيين وشعراء وتنوع عربي من أردنيين وعراقيين وهذا احتفاء يليق بشاعرة عربية استطاعت أن تمزج بين أغراض الشعر وفنياته حتى ارتبك النقاد في ما تعلّق ببنية القصيدة عندها فتعامل بعضهم مع القصيدة على أنها قصيدة نثر، ولدرجة أنّ ناقدة تنبهر بالديوان ndash; وهي أكاديمية صارمة- ورغم ذلك تعاملت بشغف وحب كبيرين مع الديوانالذي فرض نفسه، وزحزحت هذه الشاعرة ناقداً لم يكن قد تعامل مع قصيدة النثر قبلا بل يحسب كواحد من ألد أخصامها، ليقرأ قصائد الديوان ويحتفي بها احتفاءاً لائقاً، وذلك كله ليس كافياً للاحتفاء والاحتفال بشاعرة أرى أن مكاناً لائقاً بها قد تشكل على خارطة الشعر العربيquot;.
رانة نزال شاعرة فلسطينية مقيمة في دولة البحرين، سعودية المولد ولدت في مدينة الطائف، حاصلة على شهادة الماجستير من كلية الآداب بالجامعة الأردنية، نزال شاعرة مكافحة تعشق الحياة النابضة بالتحدي والكفاح، ذاقت مرارة الاغتراب، أديبة تتميز بالذكاء والقدرة الفائقة على توظيف الكلمات إلى صور تنبض بالحواس والحياة بما تحمله من حب ومعاناة وفلسفة وعقد. و ديوان quot;مزاج أزرقquot; للشاعرة نزال هو الديوان الثاني حيث لها ديوان سابق يحمل عنوان quot;فيما كانquot; طبع عام 1997.
التعليقات