1
عَجِبْتُ لِقَوْمٍ أَضَاعُوا بِلَيْلِ الحَداثَةِ
قُمْصَانَهُمْ وَقَناديلَهُمْ، وَعَرائِسَ طُفُولَتِهِمْ،
وَأَضَاعُوا شُمُوعَ قَرابينِهِمْ،
وَأَتَواْ يَتَجَرْجَرُ آخِرُهُمْ خَلْفَ أَوَّلِهِم
بَاحِثِينَ عَنِ الخُبْزِ وَالمَاءِ في لُغَتي..
مَنْ بِإِمْكانِهِ الآنَ أَنْ يَتَحَرَّرَ مِنِّي؟
فَأَنا شَاعِرُ الرِّيحِ سَاكِنُ أَرْحَامِها،
كُلُّ بَرْقٍ صَباحي، وَكُلُّ دَمٍ تَاجُ مُلْكي.
لِوَحْدي أَقُودُ انْقِلاباً بِغَاباتِ مَمْلَكَتي:
سَأُغَيِّرُ لَوِنَ الحِدادِ لأَحْمِيَ بابِلَ مِنْ رَمْزِها،
وَأَنامُ قَريراً كَتِمْثَالِ بُوذَا،
وَأَحْلُمُ مِثْلَ المُحَارِبِ لَمَّا يَرى الثَّلْجَ،
ثُمَّ أُغَنِّي
كَبَحَّارَةٍ يَضْرِمُونَ المَوَاجِعَ تَحْتَ جُرُوحِ المَوَانِىءِ،
حَتَّى إِذا اكْتَمَلَ الاِنْقِلابُ صَرَخْتُ
فَغَيَّرْتُ تَاريخَ كُلِّ القَبائِلِ.
لا أَحَدٌ يَسْتَوي فَوْقَ نَعْشِي؛
لأَنّي، وَحيداً هُنا، أَتَلَقَّى نِظَامَ الكِتَابَةِ،
لا شَاعِرٌ سَقَطَتْ رُوحُهُ في الهَواءِ
فَغَطَّى يَدَيْهِ بِأَجْنِحَةٍ وَاسْتَرَدَّ مَخَالِبَهُ،
وَإِذا اقْتَرَبَتْ خُطْوَةٌ مِنْ غَرائِزِها
كَمُلَتْ بِالّذي ظَلَّ يَنْقُصُها،
هَكَذا النَّارُ تَصْحُو إِذا حَفَرَ الشِّعْرُ أَعْمَاقَها المَيِّتَةْ..

2

وَإِنْ أَعَدَّ قَراصِنَةُ الشِّعْرِ نَارَ بَنَادِقِهِمْ،
وَاحْتَسَواْ لَيْلَ قَهْوَتِهِمْ بَارِداً بَارِداً،
ارْتَمَيْتُ بَعيداً وَأَوَّلْتُ ما يَحْدُثُ:
عُزْلَتي سَقْفُ مَمْلَكَتي،
فَاتْرُكُوا لُغَتي تَتَوالَدُ
مِثْلَ الشَّتَائِلِ، وَالنَّاسِ، وَالمَطَرِ المُتَهَامي،
فَلاَ شَيْءَ يُوقِفُني أَبَداَ!

المغرب