في قصيدة الرحيل للشاعر المرهف والأديب اللامع الأستاذ الدكتور شموئيل (سامي) موريه (نشرت في إيلاف الغراء، وتناقلتها الصحف العراقية والأجنبية) وجدتُ مناجاة صادقة له مع طيبة الذكر والدته الحنونة والتي التحقت بالرفيق الأعلى دون ان تكتحل عيناها برؤية العراق الحبيب وكانت وصيتها الأخيرة لحبيبها سامي أن يزور العراق نيابة عنها لكن الظروف القاهرة منعته من تحقيق هذه الوصية, فإلى روحها الطاهرة اهديها هذه القصيدة وهي في عالم الخلود الأبدي حيث لا مكان هناك للضغائن والأحقاد.

يا أم سامي تحياتي وأشواقي لأن دمعك في قلبي وأحداقي
وإن حبك للأوطان ما فتئت روحي ترى فيه آيات بأوراق
ما كنت أم لسامي وحده فلقد وجدت فيك شرايين بأعماقي
وكنتِ أمي وأم الطيبين معا من حَيّ (توراة)* حتى حَيّ (مشراق) **
طوبى لتربك بستان لموعـظة ودَوْح مجـد وعـنوان لمشـتاق
هذا هو الكفل كم يهفو لطلعتكم نخيله والهوى العذري والساقي
وجنـة بعـزيـر الحـق طافحـة مـأوى لأفـئــدة، مشــفـى لتـواق
تلموده في جبين الدهر ملحمة يفنى الزمان ويبقى سحرها الباقي
يا بنتَ موسى سقاكِ اللهُ من دِيَم ٍ تـنـثّ بالعـطر في حب وإشفاق
يا بـنـت دجلـة يا روح مُخـلـدة تـبـقـين طـول المدى نـبع لعشاق
من كربلاء ومن ارض الطفوف لكم قلائـد صغـتها مـن معـدن راق
يا مـن حمـلتي لآل البيت خير هوى حب الحسين وهذا خير مصداق
هـو الوفـاء، هـو الإيمـان، روعتـه إذا تـجـلـّى بإخـلاص وإنـفـاق
يا أم سامي وهل عين سواك رنـت نحو الحسين بدمع منك رقراق
يا أخـت حايـيـم آلآمـي تـؤرقـنـي جودي علينا بفيض منك خلاق
وعانقي الشمس في زهو وفي ألق فصرحُ مجدك لا يرقى له راقي
طبـائـع فـيـك أجـيـال تـخـلـدها من نسل يعقوب أو من نسل إسحاق
أرومـة فـذة طابـت شـمائـلـها وغصن بان ٍ نمى من خير أعراق
إن كان روضك في بيسان أو صفد فـفـي الفـراتين روض منك سباق
* حي quot;التوراةquot; محلة من محلات بغداد القديمة كانت تسكن فيها جالية يهودية.
** حي quot;المشراقquot; محلة من محلات النجف القديمة كانت تسكن فيه جالية يهودية.