محمد الأزرق من طنجة: عزيزي العلام... العلاّم جدّا بما يدور في أروقة اتحاد كتاب المغرب مركزا وفروعا، و دواليب وزارة الثقافة و الحارس الأمين للثقافة المغربية من المحسوبية والأيادي غير البيضاء، لكم هي بيضاء يدك! وأنت تفضح الفساد الذي لحق جائزة المغرب، ويا لنصاعتها! وأنت تطلق غضبتك المجلجلة في وجه المبدع محمد المعزوز، و في ظهر صديقك الناقد شرف الدين مجدولين اللذان تسللا خلسة منك لاختطاف الجائزة.
لم أندهش لهذه الغضبة، بقدر اندهاشي من مصدرها، إنّ القراء النموذجيين للمشهد الثقافي المغربي يعلمون بأن الفساد ليس جديدا في المشهد الثقافي، فقد ترسخت أقدامه منذ تقلد حكومة التناوب هامش السلطة أي منذ 1998، أي في الوقت نفسه الذي بدأت فيه احتلال المقاعد الأولى لاتحاد كتاب المغرب ومن ثم صرت نافذا في قراراته مهندسا لصفقاته وناقدا مكرسا في ندواته.
عزيزي العلام سنشفع لك نحن المثقفين الذين لم نصب بعد بلوثة التدافع نحو الغنائم والمناسبات غضبتك المتأخرة، إذا ما أمطت اللثام بشكل كامل عن أسرار تعيين عبد الحميد عقار رئيس اتحاد كتاب المغرب، (تعمدت استعمال كلمة تعيين لأن الكثير من المنابر الصحفية تنبأت قبل عامين من انعقاد المؤتمر باستخلاف عبد الحميد عقار لحسن نجمي) وشرحت سياقات توزيع هبة الكويت (منشورات)، وحيثيات منح السفريات على أعضاء دون غيرهم، وملابسات تكريس الزوجات/ الشواعر في النشر الرسمي وشبه الرسمي وفي حضور المهرجانات والمؤتمرات.
عزيزي العلام لن أهمس متشفيا: (الفخار يكسر بعضه!)، بل هي فرصة أتحتها مشكورا لصرختي كي تختبئ في صرختك العظيمة، ومن ثم يعلو صوت الإحتجاج على الفساد، على صوت التدافع نحو مواقع في وزارة ثريا جبران.
عزيزي العلام لا يرف لك جفن وأنت تتحدث عن محاربة الرّداءة في الحقل الإبداعي، كلام جميل يتقبله الرأي العام باستخفاف، لأنّ سواد المغاربة غير معنيين بفضائح المثقفين بقدر إلمامهم بالتفاصيل الصغيرة لكرة القدم وأسرارها الدقيقة، لكن الرأي العام الثقافي الذي أنا جزء منه قد يمتعض حين يعلم بأن أغلب مراجعتك النقدية للمنجز الإبداعي لا يحكمها البحث عن الجودة فقط، بل تجتاحها رغبات أخرى.
أتذكر عزيزي العلام إشرافك قبل سنة في طنجة على اليومين الدّراسيين للإحتفاء بقصص الملياردير الكويتي محمد الشارخ؟! أتذكر؟! لم تكن قصصا جيدة بل سخافات لا تستحق أنت وشلتك أن تتكبدا من أجلها وعثاء السفر.
عزيزي العلام، لماذا أخفيت على القرّاء موقفك من فضيحة كتاب (حلقة رواة طنجة)، فلاشك أن عندك الخبر اليقين عن الصاحب الحقيقي لهذا الكتاب المثير للجدل بين أصفياء الثقافة، المثير للصمت بين أعضاء الشلة.
لا أظن أستاذي العلام، بأن الحديث عن فساد الجائزة بالفضيحة المربكة، فقد سبقك إليه الرائع والشفاف سيدي أحمد بوزفور، وكان لنعيه جائزة المغرب جميل الأثر، لأن مبدع ديوان السندباد لم يكن في نفسه شيء من الجائزة رفضها بشموخ نادر، يمليه عليه شرف صفة الكاتب(ضمير الشعب بالضرورة)، محتجا على الخلل البنيوي الذي تعيشه الثقافة المغربية، لذا رفض التتويج جملة وتفصيلا ولم ينسق أبدا وراء احتفالية تستثمر نقاء سريرته في تبييض سواد المشهد الثقافي المغربي.
عزيزي العلام لاحقت بشجاعة العيوب التي انتابت لجنة العميد عبد الرحمان طنكول، ونزلت إلى تفاصيل متشعبة خبأت العيب الأساسي الذي هو نظام الكوطا الذي يتحكم في اختيار أعضاء اللجنة، إذ ينم اختيار الأعضاء وفق اعتبارات خارج ثقافية، فهل تستطيع أن تنكر أن هناك توزيعا للدورات بين كتاب الإتحاد الإشتراكي وكتاب حزب الإستقلال، إنه أفظع فضيحة أن تتحكم الكوطا السياسية في تقييم عملية الإبداع.
عزيزي العلام، سأدلك على شذرة في منتهى الصفاء واللمعان مثل مرآة، لكاتب منعزل ولعين إسمه إميل سيوران: laquo; حين يشبع الطغاة شراستهم، يتحولون إلى رجال طيبين، كان يمكن أن تعود الأمور إلى نصابها لولا غيرة العبيد، ورغبتهم في إشباع شراستهم هم أيضا. إن طموح الخروف إلى أن يتقمص دور الذئب هو باعث أغلب الأحداث. كلّ من ليس له ناب يحلم به، ويريد أن يفترس هو أيضا.
التاريخ ـ ديناميكية الضحايا.raquo; (المياه كلها بلون الغرق، إميل سيوران ترجمة آدم فتحي، منشورات الجمل ص 160).
نلتقي!