حوار مع المبدعة الجزائرية عقيلة رابحي
حاورها كامل الشيرازي من الجزائر: quot;عقيلة رابحيquot; مبدعة جزائرية برزت بابتكارها لتجربة لغوية فريدة اصطلحت عليها بـquot;الجافانيةquot; التي صنعت الحدث في الجزائر، ومرشحة بحسب خبراء اللغات لأن تحجز لها مكانة تحت الشمس دوليا، إذا ما وجدت الاعتناء اللازم من المجمعات اللغوية هنا وهناك. في هذه المقابلة الخاصة بـquot;إيلافquot;، تشرح quot;عقيلة رابحيquot; أسرار الجافانية، وتتوقف عند مسارها الأدبي وأشياء أخرى، تابعوا:
bull;بداية، هل لك أن تعرفينا بـquot;الجافانيةquot; ما معناها، هل هي ضرب لغوي أم سلم دلالي من طراز خاصا؟ وماذا عن نظام ورموز الجافانية؟
- دعني أقول لك أنني أفضل استخدام كلمة تجربة بدل مصطلح quot;لغة quot; بالنظر إلى شساعة هذا المفهوم، الجافانية ومقابلها اللاتيني chikagy gavis honalmar، تتكون من ثلاث كلمات وهي تتضمن الحروف الـ15 الموجودة في تجربتي، يعني ويأتي ترتيب الحروف حسب استخدامها، ففي تجربتي نجد أن حرف الشين هو أكثر الحروف تداولا، يليه حرف الكاف، ثم حرف الجيم وهي في مجموعها ثلاث حروف متحركة و12 حرفا ساكنا.
bull;البعض يرى أنّ الجافانية مقتبسة عن اللغة السنسكرتية المستخدمة في الإعلام الآلي، ما رأيك؟ وهل يمكن إيجاد توظيفات ذات جدوى لهذه التقنية في مختلف مناحي الحياة والتكنولوجيا؟
ـ لا أوافق الرأي القائل أنّ الجافانية مقتبسة عن السنسكرتية، فهذه الأخيرة لغة الهنود القدماء والتي تقول الروايات التاريخية أنها اكتشفت عام 6871 قبل الميلاد، لا علاقة لها بتجربتي.
الجافانية اكتشفتها وتخمرت في ذهني، حينما كنت في العاشرة من عمري، حيث بدأت أفكر في إجراء محادثة بنمط مختلف عن اللهجة الجزائرية المحلية، ومع الوقت اهتديت إلى طريقة لتركيب الحروف، كانت طريقة معقدة، لكنني راهنت على نجاحها، سيما بعد أن عثرت على طرف آخر يتواصل معي في هذا الاتجاه، حيث صرت أتحدث الجافانية مع شقيقتي سامية.
أرى أنّ الجافانية ليست مجرد تراميز أو قواعد شكلية يتم تطبيقها، ولست الوحيدة في العالم التي فكرت في ابتكار لغة خاصة للتخاطب، فقد أحصت أبحاث اللغويين أكثر من مائتي لغة جديدة اندثرت جميعها ولم يبق منها سوى quot;الفولابوكquot; وquot;الاسبرانتوquot;، الفولابوك ظهرت عام 1879وجمعت عناصرها من الكلمات الأوروبية المشتركة فيما ظهرت لغة الإسبرنتو عام 1887م، وانتشرت في 90 بلداً وترجمت إليها مئات الأعمال الأدبية والكلاسيكية وتصدر بها أكثر من مائة صحيفة ومجلة، ويعود سر نجاحها إلى بنائها اللغوي الموحد وتكونها من كلمات جذرية مشتركة.
لست أفكر فيما فكر فيه quot;تولكينquot; الذي اخترع لغة وأراد أن يضمن لها البقاء، ولم يجد أفضل من روايات أسطورية يتحدث أبطالها بتلك اللغة.
bull;ما المسافة الفاصلة الآن بين اللغة والمتلقي في الجزائر، ما الذي يمكن لتجربتك إضافته، هل يمكنها إبداع نمط اتصالي جديد؟
ـ المسافة كبيرة، فمعظم الجزائريين لا يجيدون اللغات الأجنبية رغم الانفتاح الحاصل في البلاد، وذاك راجع برأيي إلى غياب سياسة واضحة في هذا المجال، فالمتخرج من الجامعة يجد نفسه في حاجة إلى إعادة تكوين، رغم جهود الفاعلين وما قام به المعهد العربي للترجمة.
المثير، أنّ الجزائري له قابلية سريعة للاكتساب اللغوي، فهو يتأقلم بسهولة مع لغة البلد الذي يعيش فيه أو يهاجر إليه، وتبقى أفضل طريقة لتعلم اللغة هي التعامل بها طبعا لا اقصد على المستوى الرسمي ولكن بالقدر الذي يمكننا من اكتساب هذه اللغة أو تلك (وهذا ما تأكدت منه من خلال تجربتي)، ورغم وجود بعض المؤسسات الخاصة التي تلقن اللغات الأجنبية من خلال المستويات إلا أن عامل الأداء لا يزال ناقصا.
bull;ماذا يمثل لك الإبداع وماذا يعني لك الأدب، وهل طقسك اللغوي يميل إلى التحديث أم المواربة وما هي أهم مرجعياتك أو متكآتك الفكرية، الأدبية، القرائية؟
ـ الإبداع هو كل نشاط يعبر عن ذات الإنسان وعن مرجعياته الفكرية والثقافية، هو قدرة ذهنية وعقلية ويعتبر الأدب رافدا من روافد الإبداع المتشعبة، كنت مولعة منذ نعومة أظافري بالشعر والنصوص الأدبية، استهوتني حكايات ألف ليلة وليلة، قرأت للمتنبي، نزار قباني، محمود درويش، غادة السمان، الطيب صالح، أدونيس.
كما اقرأ للتجارب الجديدة، لذا أحاول دائما أن أصنع لنفسي نصا متميزا بعيدا عن تجارب الآخرين، فأنا لا أريد أن أكون نسخة مكررة عن غيريه، لكن هذا لا يمنعني من الإطلاع على ما كتبه القدامى والمحدثون، فأنا أقف موقفا معتدلا بين التحديث والمواربة، وأعتقد أن المبدع بحاجة إلى قاعدة صلبة ينطلق منها، فلا يمكن لأي واحد مهما كانت موهبته أن ينطلق من فراغ، ولا يمكنه أن يظن أنه أفضل من غيره، وليس بخاف أنّ الغرور والنرجسية هما quot;العدو اللدود لكل مبدع.
bull;هل تعتقدين أنّ معظم المبدعات العربيات لا زلن مهمشات وضحايا في الغالب للذهنية الذكورية؟
ـ لعل هذا ما يجعلني أرفض عبارة أدب يكتبه الرجل، وأدب تكتبه المرأة، ذلك أن المرأة استطاعت أن تثبت ذاتها ككاتبة واستطاعت أن تنافس الرجل في مجال الكتابة الإبداعية، وخير دليل على ذلك هو النجاح الباهر الذي حققته أديبات وكاتبات على المستوى العربي والعالمي أمثال أحلام مستغانمي بذاكرة الجسد التي كانت بلسان رجل، وكذلك فضيلة الفاروق، وغيرهنّ ممن كتبنّ أدبا متميّزا وراقيا.
المرأة المبدعة تعيش في ظروف نفسية قاهرة صنعها المجتمع الرجالي الذي ولّد لها ضغوطا تعيقها عن الكتابة، في صورة المبدعة الجزائرية التي لا تجد أين تنشر كتاباتها، ولا تحظى بالتحفيز اللازم.

bull;ماهي مقاربتك للتجارب اللغوية والإبداعية الشابة في العالم العربي؟ وهل ثمة ما يمكن انتظاره على صعيد الكاتبات الشابات ومستقبل الأدب النسوي؟
-هناك العديد من التجارب الإبداعية التي تعد بمستقبل زاهر في الجزائر وعلى مستوى العالم العربي، لدينا أسماء متميزة في الشعر وفي الكتابة القصصية و في مجال الرواية، المهم أن نأخذ بأيدي هؤلاء ونشجعهم ونوفر لهم الأرضية الخصبة حتى يواصلوا في عطائهم.
bull;حدثينا عن تجربة منتدى الإبداع الأدبي الذي تتولين رئاسته؟
- المنتدى تأسس حديثا، وهو فرع عن الرابطة الجزائرية للثقافة والفكر التي تضم نخبة من الأدباء الجزائريين، يتكون المنتدى من مجموعة من المبدعين الشباب الذين أخذوا على عاتقهم مهمة المساهمة في دعم الفعل الثقافي، وسعينا لمقاربة عديد الاشكالات التير تخص راهن النقد وأسئلة الرواية العربية، وكذا أفق الصحافة الأدبية.

على أي سماء نفترق / أقصد نلتقي؟
ـ نفترق على سماء المحبة والأخوة مثلما التقينا عليها..نشكر جريدتنا الغرّاء quot;إيلافquot; على هذه الاستضافة، وتحية طيبة إلى جميع طاقمها.
عقيلة رابحي في سطور:
bull;من مواليد 10 أكتوبر 1980
bull;خريجة معهد الإعلام العالي للتسيير بجامعة الجزائر عام 2002
bull;حاصلة على دبلوم دراسات معمقة في إدارة الأعمال بجامعة الجزائر 2004
bull;شاركت في ملتقيات إبداعية عديدة في الجزائر والعالم العربي
bull;لها مخطوط مجموعة قصصية بعنوان quot;تفاصيل الرحلة الأخيرةquot;
bull;حصلت على جوائز عديدة في الإبداع الأدبي وحفظ وتذوق الشعر.