(جسد موشوم) معرضا جديدا للفنانة العراقية بتول الفكيكي
محمد الحمامصي: يستضيف مركز رؤى للفنون بالعاصمة الأردنية عمان مساء يوم الثلاثاء 3 فبراير المقبل المعرض الشخصي السابع للفنانة العراقية المقيمة في لندن بتول الفكيكي. وتتناول لوحات المعرض المسمي (جسد موشوم) تجليات روحيه حميمية للجسد الإنساني بكل عذاباته ومحنه ومعانته ومسراته وانكساراته، وقد صرحت الفنانة بأنها ستتبرع بجزء من ريع المعرضquot; للانرواquot; وذلك دعما للشعب الفلسطينين في غزة. ويستمر المعرض الى 19 من (فبراير) 2009، وقد ضم البرشور الخاص بالمعرض نصا للفكيكي تقدم فيه لمعرضها، تقول:
أللاوعي يدفعني الى أختيار الجسد كونه بيتأ للسعاده و الالم...
المكان يهيمن على جزء كبير من ذاتي لا يمكنني التخلي
عن جغرافية المكان والبشر و الميثوليجيا.....الرموز... كلها
هي خزين الذاكره عن المكان
أغلب أعمالي تعتمد على الشكل وتأثيره على أعمالي كبير
أن الشكل هو الجسد والمضمون هو الروح..
ما قيمة الجسد بلا روح و أين الروح حين يختفي الجسد؟
ألجأ الى الرسم لنفض الالام.. و هكذا مع لحظات الفرح
حين تدفعني لأدون اللحظه وحفظ قوة تأثيرها.
لجأت الى عشتار و أستنطقت حالاتها تجليها عذاباتها
عسفها أوجاعها فرحها حزنها همومها.
أوجاع عري الروح والجسد وسطوة الآخر جسد يقاوم الموت والفناء في لوحات
معرضي الجديد الذي اشتغلت عليها في سنوات مأزومة واغتراب روحي مرير.
وأضافت الفكيكي التي تعد من جيل تشكيلي عراقي لمع أبان عقد السبعينيات والثمانيات: اللاوعي يدفعني الي إختيار الجسد كونه بيتاً للسعادة والالم...المكان يهيمن علي جزء كبير من ذاتي لا يمكنني التخلي عن جغرافية المكان والبشر والميثوليجيا..الرموز... كلها هي خزين الذاكرة عن المكان أغلب أعمالي تعتمد علي الشكل وتأثيره علي أعمالي كبير إن الشكل هو الجسد والمضمون هو الروح..
وتتساءل بتول الفكيكي التي توزعت جدارياتها في مدن مختلفة بينها جدارية في مطار بغداد الدولي: ما قيمة الجسد بلا روح و أين الروح حين يختفي الجسد؟ وقالت: ألجأ الي الرسم لنفض الالام.. و هكذا مع لحظات الفرح حين تدفعني لأدون اللحظه وحفظ قوة تأثيرها.لجأت الي عشتار وأستنطقت حالاتها، تجليها عذاباتها عسفها أوجاعها فرحها حزنها همومه.
كما قدم الشاعر والجامعي التونسي الدكتور نزار شقرون قراءة في تجربة الفنانة وأبعادها وما يمثله المعرض (الجسد الموشوم) في سياق تجربتها ورؤيتها الفنية، يقول د.شقرون: تستمرّ تجربة الفنّانة بتول الفكيكي في التّواصل مع الموروث الفنّي العراقي الحديث، حيث تُعلي بشكل دامغ من انتمائها إلى المشهد التّشكيلي العراقي رغم استقرارها منذ أكثر من خمس عشرة سنة في بريطانيا، هذا الفضاء المحمّل بإغراءات فنيّة ومفعم بتيّارات وموجات ما بعد حداثيّة كثيرا ما أثّرت في المشهد التّشكيلي العربي فما بالك بسلطة تأثيرها على الفنّان العربي الذي يحيا في صلب دوّامتها، إلاّ أنّ الفكيكي لم تنجذب إلى ما يطرأ سنويّا من متغيّرات الفنّ المعاصر وquot;تقليعاتهquot; بل إنّها واصلت حفر نهرها غير عابئة برياح تحطيم مقولات الفنّ. وإذا ما ذهب الفنّان العربي إلى استقدام quot;الهابنينغquot; وquot;البرفورمانسquot;وquot;فنّ التّنصيبةquot; فإنّها بقيت محافظة على فهمها للعمل الفنّي باعتباره quot;لوحةquot; وquot;نافذةquot; مطلّة على العالم وعلى الذّات، والتزمت بفنّ التّصوير التزامها باللّون وقدرته على إكساب العمل الفنّي جماليّته ورؤيته الآنيّة والمستقبليّة للإنسان العربي. وتمثّل هذه المحافظة موقفا تقنيّا ووجوديّا إزاء ما يتناثر في العالم من حمّى اقتلاع quot;اللّوحةquot; وإلقائها في مزبلة تاريخ الفنّ، وإن كانت هذه الدّعوى قائمة منذ بداية القرن العشرين ومستفحلة أكثر في نهاياته، فإنّ الإصرار على التّمسّك باللّوحة المسنديّة يعدُّ خيارا فنّيّا بدرجة أولى، وموقفا رافضا للانصياع إلى هذه المتغيّرات. وتأخذ سمة المحافظة شكل الثّابت البنائي في تجربة الفكيكي، إنّنا أمام خيط رابط، من عمل إلى آخر، ومن حقبة إلى أخرى، فلا يكون الانقطاع لديها نهائيّا وإنّما ينبني على الاتّصال والتّوالد العجيب، وهو ما يقودنا إلى استجلاء نواة ينبوعيّة للتّجربة ما تفتأ تلد العمل تلو الآخر، فينهض الأسلوب الفنّي من رحم واحد بمثل ما تكون الفكرة الأمّ هي الرّحم المركزي لجميع الأعمال الفنّيّة. وبقدر ما تعيدنا جميع الأعمال إلى رؤية عميقة مركزيّة ومستبدّة بتفاصيل التّجربة، فإنّها تسمح بالتّنويع في الاستخدامات اللّونيّة خاصّة وفي طرق التّعامل مع العناصر التّشكيليّة.
ويضيف د.شقروان: تبيّن تجربة بتول الفكيكي مجازيّا أنّها شجرة بشتّى المعاني، فلا يمكن اليوم أن ننظر إلى المشهد التّشكيلي العراقي الحديث دون أن تقف أمامنا تجربتها بثقلها التّاريخي والرّمزي، فبعد ليلى العطّار تقف بتول في واجهة هذا المشهد، وإذا كانت يد الغدر قد سرقت العطّار من الحياة أي عطّلت تجربتها الفنّيّة إلى الأبد وهي في أوج العطاء فإنّ بتول ما تزال تشاكس غدر الزّمان و المكان لتضاعف من تفتّق تجربتها. ولا يعني أنّها تنتمي إلى هذه الدّائرة التي يريد بعض مؤرّخي الفنّ جرّها إليها، أي دائرة الفنّ النّسائي العراقي، بل إنّها تكسر هذا الطّوق، ولا تستسيغه بمعناه الاختزالي، فكونها امرأة مبدعة وسط حشود الذّكوريّة العربيّة شبه المطلقة فهي لا تنغلق على quot;نسويّةquot; مرَضيّة رغم ما يمكن أن تلهبه تيمة quot;المرأةquot; في أعمالها الفنّيّة، وإذا ما اعتبرناها واحدة من أهمّ الرّسّامات العراقيّات في تاريخ الفنّ التّشكيلي العراقي، فلأنّها مضت في تأصيل تجربتها الفنّيّة، منطلقة من رؤية للعمل الفنّي ومن استقراء للوضع التّشكيلي العراقي، وهو ما بلور لديها مشروعا فنّيّا له مقوّماته الأسلوبيّة وامتداداته في كلّ فترات تجربتها، فما يميّزها عن غيرها هو هذا الامتداد الجمالي من السّبعينات إلى الآن في إطار المحافظة على نهج أسلوبي يكثّف من الشّفافيّة ومن عشق الألوان وتوليد ممكنات اللّون الواحد بتفريعاته وباستدعاء العلامات والرّموز إلى درجة بلوغ العمل الفنّي طور quot;المنسوج الرّمزيquot; الذي يغتني بالسّرد في تشخيصيّة جديدة تجمع بين مباشرة المرجع والانقطاع عنه في الوقت نفسه. وما يزيد في إكساب هذا الامتداد سلطته على التّجربة عدم تغافله على المتغيّرات الحضاريّة التي عايشتها الفنّانة قبل وبعد الغزو الأمريكي لبلدها، إذ أنّ عالمها موشوم بالحدث الحضاري الذي لا تكون الوقائع التّاريخيّة سوى شرارات منه. ولم يدفعها quot;المنفى الاختياري والاضطراريquot; في آن واحد أن تنعزل تماما عن العالم في أوّل حياتها بلندن وهو ما جعلها تشارك في المهرجانات الدّوليّة وتعرض أعمالها في معارض فرديّة وجماعيّة، وإن احتجبت نسبيّا في بعض السّنوات وانقطعت عن هذه المشاركات فذلك كان من باب اعتكاف المتصوّف الذي يخلد إلى مزاره/مرسمه لمجاهدة تجربته وللتّرقّي إلى مدارج العرفان، وسريعا ما عادت بتول إلى غمرة حضورها، وبين الحضور والغياب في تجربتها حياةً وممارسة فنيّة إنّما تختزل quot;النّسغ العشتاريquot; في نبض فعاليّتها الإبداعيّة.
هناك إقرار متواصل بالينبوع الأوّل لفكرة القداسة متمحورا حول المرأة/الأمّ/الآلهة الأولى في الفكر الجمعي الرّافديني والإنساني عموما، وهو ما لا يمكن إنكاره أو تجاوزه، ولكنّ هذه المرأة التي تستحضر في داخلها كلّيّةَ العناصر بماهي quot;حاكمة ما في السّماوات من فوق وما في الجحيم من تحت، مركز القوّة الرّبّانيّةquot; تجسّد في الأعمال الفنيّة لعبة الخفاء والتّجلّي، إنّه تجلّيها فوق الأرض وخفاؤها في العوالم السّفليّة، وقد برزت في المراحل الأولى من التّجربة الفنّيّة بفعل quot;تخلّقquot; العمل الفنّي، أي ولادته، فالعمل الفنّي لا يحيل على مرجعيّة خارجه فحسب وإنّما يسرد أيضا قصّة ولادته هو بالذّات، وهذا ما يعدُّ أساس العمليّة الإبداعيّة. إنّ ما يشغل الفنّانة ليس فعل الإحالة على ما هو خارج اللّوحة فقط ولكن إظهار تفكيرها المستمرّ في بناء عالم اللّوحة، ويأخذ هذا التّفكير بعدا إنشائيّا يتقاطع فيه الوعي باللاّوعي، الوعي بالولادة المستمرّة و بحلول العمل الفنّي في العالم الدّنيوي، واللاّوعي بملامسة غيب العمل الفنّي الذي نختزله في الإدراك التّشكيلي، والذّاكرة البصريّة والثقافيّة للفنّانة، ويجمع هذا اللاّوعي طبقات حضاريّة في كيان الفنّانة. من الصّائب الاعتراف بالقاع الأسطوري الذي يستدعيه العمل الفنّي فتحضر العناصر الأسطوريّة من شخوص ومفردات علاميّة وروحيّة ممتلئة بالحلم والواقع في آن واحد. تحضرquot;عشتارquot; بمثل ما يحضرquot;تمّوزquot;، ولكنّه حضور يطرح الأسطورة جانبا، فلا تتماهى الأعمال الفنّيّة مع محتوى الأساطير، بقدر ما تولّد أسطورتها الخاصّة، فبين المرأة والرّجل في لعبة التّشكيل أكثر ممّا بين الكائنين في لعبة الأسطورة. وإذ تبقى المرأة مثالا مركزيّا للحضور، فإنّه حضور مُرتعب وأليم في الغالب، ذاك ما يصوّره ظهورها في العمل الفنّي، بل ذاك ما تنتهي إليه اللّوحة وقد استحالت شيئين عجيبين أوّلهما أنّها quot;فضاء مشهديquot; وثانيهما أنّها quot;جسدquot;،ولكن يأتي حضور المرأة مفتقرا إلى الحركة، كأنّها كائن استاتيكي وهو وجه من وجوه ألمها، ولهذا فهي نقيض الأسطورة. إنّ المرأة الأسطوريّة لها قدسيّة في ذاتها وفي سياق انبثاقها، ولدى متلقّيها، أمّا امرأة بتول الفكيكي فهي تستبطن الشّعور القاسي والمشترك مع غالبيّة النّساء العربيّات بأنّهنّ مازلن رمزيّا في طور quot;الموؤودةquot;، فيكون العالم الأسطوريُّ عالما واهيا أمام ما يحدث في الواقع، وبهذا حاولت الفكيكي أن تجمع بين تمويه الانتماء إلى أسطوريّة خالصة وبين الانتساب اللاّمشروط إلى أديم الأرض العربيّة وهواء السّماء العربيّة، وليست الغاية من استدعاء ما هو أسطوري الانغراس في الخطاب التّأصيلي وإنّما الانطلاق من عصر كانت فيه المرأة، المقدّس بامتياز بينما هي في الوطن العربي بشكل عامّ ما تزال مُدانة وما يزال جسدها موشوما بكلّ علامات التّأخّر رغم كلّ المساحيق القانونيّة والتّشريعيّة المتناثرة هنا وهناك لأنّ المشكل الدّامي هو سيادة النّظرة الدّونيّة للمرأة على أرض الواقع ورضوخ المجتمع لحالة المفارقة بين تشريع حالم وواقع كابوسي.
المرأة /الجسد في الإرث الأسطوري ينبوع الخصب والحياة والقداسة، صورة منتهكة في الواقع المعاصر للمرأة العربيّة. بدأ تجلّي المرأة في ظلّ تشخيصيّة حالمة، ساعدتها الشّفافيّة والألوان ذات الانسيابيّة من مضاعفة الحلم، وتخصيب الذاكرة، وإن كان العنصر الرّجالي يحضر ويغيب في مجمل الأعمال ويقف دوما في المستوى الثّاني لسطح اللّوحة وهو اختيار جمالي ومعرفي، فإنّ وجوده مرتهن دائما بوجود المرأة لأنّه لا يحضر مفردا أو وحيدا، إنّ وجوده المشروط بالمرأة يُدخله إلى quot;حرم المرأةquot; فتنقلب المواضعات لتشير إلى عودةquot;المكبوتquot;، المرأة من الهامش إلى المركز، والرّجل من السّياديّة إلى الارتهان، وربّما قد يستشفّ المشاهد نوعا من التّغنّي النّسوي برياديّة المرأة في ظاهر الرّؤية الفنيّة، ولكنّ ذلك ليس صحيحا لأنّ التّلويح بالحضور المكتنز للعنصر النّسائي لا يحمل إقصاء للعنصر الرّجالي، بل هناك تكامل خاصّة في المراحل الأولى من التّجربة وقد يعزى انفراد quot;المرأةquot; بالظّهور في الأعمال الأخيرة إلى تحوّل في الرّؤية من ثنائيّة الوجود إلى غربة الجسد الطّعين، ومن التّكامل الذي قد كان ظاهريّا ومحكوما بالشّرط الأسطوري(تمّوز/عشتار) وبالشّرط الواقعي الاجتماعي، إلى إعلان اللّوحة/العالم الكياني للفنّانة بسرابيّة ما هو أسطوري وتلاشي ماهو اجتماعي، وكأنّ اضمحلال التّكامل أكّد خيبة الوصال في عالم كلّ ما فيه يعلن عن الانشطار.
تلازم الألوان التّرابيّة أغلب ردهات التجربة، معلنة بذلك انتماء عالم الفنّانة إلى الأرض، ولكنّ الشّروخ والصّدوع هي سمة هذا العالم/هذه الأرض، ومهما ذهب تكوين العناصر إلى استدعاء العناصر النّباتيّة والأشجار ذات الهالة القدسيّة، فإنّ مفهوم الخصوبة موهوم بسبب quot;زلزلة الأرضquot;، وهو ما يُغدق على اللّوحة بعدها الحركي فالعالم الفنّي ثابت من حيث حضور العناصر المتكرّرة:quot;المرأةquot;، quot;الرّجلquot;، النّباتquot; الأشجارquot;، الأرضquot;، quot;الجدارquot;، ولكنّه دينامي في مستوى بنائيّة هذه العناصر التي تلتقي في بؤرة الانكسار والتّصدّع. وبمثل ما يكون العالم التّكويني مصابا بهذه الدّيناميّة وهذه الشّروخ بشكل مشترك ومجمّع، فإنّ عددا كبيرا من اللّوحات يُفرد لهذه العناصر استقلالها عن الأخرى ليكون التّصدّع مصيرا جماعيّا وفرديّا في الوقت نفسه، وكأنّ خراب الجماعة مُؤذنٌ بخراب الذّات.
يغيب الوجه والرّأس، لا يبقى غير الجسد، بل إنّه يكاد يغيب ليحضر الأثر: الوشم والنّقوش. ها هو الجسد يتحوّل إلى ما يشبه الأشلاء. يتحوّل الجسد في اللّوحة العربيّة إلى صراخ، فليست لوحة فرانسيس بيكون وحدها قادرة على استنطاق الألم الإنساني، وإذا كان بيكون يواجه رعب الواقع الإنساني برعب تمثيل الوجه والأجساد وكأنّها قطع لحم مقطّعة، فإنّ حساسيّة بتول الفكيكي الفنّيّة جعلت من رعب الجسد أكثر نعومة؟ فِعْلاً، من غرابة تمثيل الجسد أن يكون موشوما بالجراح والمآسي وفي الوقت نفسه ناعما بشفافيّة الألوان، أليس وشم الجسد العربي اليوم من قبل قوى الاستعمار الجديد يتمّ بطريقة ناعمة، ألا يذبّح الفلسطينيّون أمام كاميرات عصر الشّاشة الأمريكي ونرى الأشلاء تعرض في شاشات التّلفزيون ونحن بصدد تناول وجبات الطّعام؟ أليس هناك ما هو أنعم من هذه الميتات وألطف من هذا التّلقّي؟ ألسنا نتابع يوميّا أحداث التّفجيرات في أرجاء العراق ونرى الدّم وهو في أقصى نعومته يمسح بلزوجته الطّرقات، ونحن بالطّبع نواصل الأكل؟ ماذا عن لوحة بتول التي تختزل كلّ نعومة القتلة، وتردي القتيل/الجسد العربي طريّا إلى حدود عشق القاتل لضحيّته؟
بعد سلسلة من الأعمال التي اقتصرت فيها بتول الفكيكي على تنويع آثار المتغيّرات على الوجه، تواجه بتول عالما من غير وجه، الجسد كفيل بأن يكون اليوم هو الهويّة، ولكن أيّ نوع من الهويّة وسط خراب العالم؟ وبعدما كان الجسد الأنثوي قرينا لجسد تمّوز هاهو وحده يواجه عذاب الواقع، أعلنت بتول الفكيكي انتهاء عصر الأسطوريّات القديمة، أمام تلاشي الماضي السّعيد وتواري زمنيّة الإيروس، هو الموت وحده يزحف، هي اللّوحة العربيّة تتخلّص من التّشخيصيّة التّقليديّة لتنغمس في عذاب الكيان العربي.