لا شيء يُجسدُ وجدانَ الشعوبِ كالشعر، ففي القصائدِ تكمنُ الذاكرة، وتُخزَنُ الصور، وتندسُ إيقاعاتُ الحياة؛ فالقصائدُ تؤرخ، وتُخلد وتُسهم في تشكيلِ المزاجِ الثقافي؛..حتى أنه قيل: إذا ما أردت أن تتعرفَ على وجدانِ شعبٍ ما...... فأفتح صناديقَ قصائدِه،.... وعندما يتعلق الأمرُ بشعبٍ كالهنودِ الحمر سيكتشف المرءُ أن صناديقَه حُبلى بالإبداعات والمفاجآت.
فقد يتوقع المرءُ أن الهنودَ الذين حُرموا من التواصل مع ماضيهم وتراثهم، وزُج بهم في عالمٍ ليس من صُنعهم أو اختيارهم، ستقتصر قصائدُهم على سردِ مآسيهم وأوجاعهم، ليُفاجأ بعذوبة العلاقة التي تربط الهندي بالطبيعة بكل تفاصيلها وجزئياتها؛ ويكتشفَ عُمقَ وثراءَ المُخيلة الهندية التي رغم قسوةِ التاريخ، وجفاءِ الجغرافيا لا زالت نابضةً بالمحبةِ والحياة، تسكُنها روحٌ إنسانيةُ سمحة،ويغمرها نفسٌ شاعري رقيق، فالطبيعة بكواكبها ونجومها، بترابها وأشجارها، برياحها وأمطارها، بجبالها ووديانها، بطيورها وحيوانها شكلت الفضاء الروحي الذي نهل منه الهنود وأقاموا له كل مظاهر التقديس والتبجيل، كما أنها وهبت قصائدهم قوةَ سحرها، و وهجَ ألوانها، ومنحتهم مَلاذا آمنا من بطش أعدائهم.

عشبُ الصباح

في الربيع...
يغسّلُ قدماي عشب الصباح،
فتبتسم المُروج لي....
وتعانقُ قطرات الندى
النباتاتِ الزرقاءِ،
وتُشرقُ زهورُ النجم..
بينما..
تُطرز العنكبوتُ العجوز...
أشكالاً جميلة،
لتَنْشرُها على شعاع الشمس.
.....

جاري المُختال..
يُمْسكُ جناحَ الشُحرورِ الأحمر،
ليَُصغي للطيرِ الساخر...
يَخترعُ أغاني جديدةَ.
....

عجوزٌ أنا..
لكن...
عندما أَغسّلُ أقدامِي..
في عُشبِ الصباح......
يعودُ الشبابُ لي.
..........

أنا هو


أنا من
اهتم..
أَنا من..
أحبَ بعمق،
بينما اصطنعَ الآخرون.
فهل تراني...؟؟
.......
أتراني..
أم ترى..
طفلاً...،
عجز عن كبت عواطفه؟
لقد جزوا شَعري
وسَحقوا كبريائي...
نَهبوا أرضِيَ..
واختطفوا زوجي.
لكن....
ستبقى للرجلِ الشريف،
روحُهُ الحرة...
والقدرة على الحب..
.......
فخذ يدي
وأعطيني.....
روحَ أجدادي
ليستيقظَ..،
الذئبُ داخلي.
...........

دربُ الدموع


طريقِ طويلِ ورائي..
أتطلع.....
وقلبي مثقلُ بأحزان ناسي
يسكبُ حزناً على ما فقدنا
وها نحن نمضي بعيدا..
بعيدا عن أرض أجدادنا..
في درب الدموع.
.......
ميلا بعد ميل....
ويَوماً بَعد يوم
تقل تحت الشمس أعدادُنا..
يفترسنا الموت ببطء رهيب...
رغم أننا...
لا زلنا نسيرhellip;
في درب الدموع.
.......
تضعف وتسْقط...
على الطريقِ...
مثل ما سقطوا hellip;
بعيونٍ دامعة أَضمها.....
لتودعَ أخر أنفاسها...
على درب الدموعِ
.......

ميلاً بعد ميلِ...
ويَومَاً بَعدَ يَومٍ
نمضى نحو أرضٍ موعودة..
نعلم أننا لن نراها..
فلم يعد بإمكاننا السير...
في درب الدموعِ
.......

ترتفع نحو السماء روحي..
وتحتضن الأرض جسدي.
لاحَ خلاصي..
مع نفسي الأخير..
حانت رحلتي..
نحو بيتي..
على درب الدموع
.............


السراب

في المروج..
يرتعشُ العشب...
لهمس أقدامي..
وترقصُ السماء..
على إيقاع..
أجنحة الطيور الصامتة..
.......

حراكٌ خفي..
في منتصف
النهار المضيء،
هل ثمة شبح..!!...
أم همس الرياح.
....

لا أرى سوى ارتجاف الرياح..
في الأفق هناك..
و بحيرة رفعت إلى السماء..
وبساتين.
...

لكني ألمحهم...
من بعيد..
فهل خرج هؤلاء الرجال عن صمتهم ليمشون معي؟
......

أصلُ الموت....!!


في شروق الحياة،
الأب والأم،
يتناقشا.
......
quot;سيعيش للأبد،
quot;أطفالنا،
quot;عندما يولد الرجال،
quot;سيعيشون للأبدquot;
قال الأب،
قالت الأم.

ولكن العصفور الصغير بكي،
ثم بكت كل الطيور....
quot;كيف أبني عشي..
quot;كيف أحمي عشي.......
quot;إن عاش الرجال للأبد..؟؟؟؟quot;
.......

الــــــــــــنداء

تتراقص النارُ و الرياح...
لتروي أن..
أرواحَ الأسلاف الراقصة..
ستأتي..
لتقودني جيئةً وذهاباً عبر نفسي...
فالعقلُ يَبْحث، والروحُ تَرْقص.
......
رقص الطبول.. نبض القلب..
والذكريات السحيقة.... رؤى..
ستهْمسُ الرياح أحلامَِي.....
ويصير الذئب دليلي
يُريني الأسلاف...
كلهم.......
وقد أتحدوا.....،
صاروا أصواتاً
تتحدث....
تتبادل الحكمة.
.......
ستمضي الأيام...
ويخنق الدخان الزيف..
ويصير همس الرياح صخبا...
و معا... سنرى..
عودة القطعان.