عبد الجبار العتابي من بغداد: صدر عن ديوان المسار للترجمة والنشر كتاب (غابات الماء / انطولوجيا شعراء البصرة) اعداد وتقديم علي الفواز، زينت غلافه صورة لبيت تراثي في البصرة بعدسة المصور الرائد مراد الداغستاني، يقع الكتاب في(288) صفحة من القطع المتوسط، وتضمن سيرة مختصرة لـ (63) شاعرا بصريا من أجيال مختلفة، معززة بعدد من القصائد لكل شاعر، وقد تم ترتيب اسماء الشعراء حسب الابجدية.
وقد كتب الفواز مقدمة لكتابه حملت عنوان (الوقوف عند حافة النقد) بدأها بجملة تساؤلات قال فيها: هل يمكن ان تكون الخيارات المفتوحة امام تدوين اية انطولوجيا شعرية هي محاولة في اعادة رسم خارطة جديدة للمكان المكشوف او العالق عند بقايا الحلم؟، وهل يمكن ان تكون هذه الخيارات هي محاولة في اعادة قراءة تاريخ الشعر المختلف في وجوهه وتياراته ومرجعياته؟ وهل يمكن ان نجعل من هذه الانطولوجيا جغرافيا مفتوحة على تشكلات الفضاء الشعري بكل ما تحمله من حيوات ضاجة بالتحول، والحلم، والهروبات، تلك المرهونة الى حركة غائرة الجريان، تمور بشهوة الاستعادة والتجاوز على الامكنة والبيئات والازمنة المتعددة؟، وهل يمكن ان نتعرف من خلالها على تطورات النوع الشعري وما حققه من تحولات نوعية ومعطيات اغتنت بها القصيدة بارهاصاتها وتوجساتها وعبر رصد ما تمخضت به الموجهات الكونية، تلك المفتوحة على طوفانات هائلة من التطورات المعرفية والتعليمية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي عاشها في المكان والزمان والوظيفة؟
واشار الفواز الى ان هذه الانطولوجيا تسعى الى تجاوز ظاهرة الاختيارات التي اعتادت ان يتعاطى البعض من خلال اختيارات محددة ومقصودة ضمن مقطع زمني له مزاجه ونواياه ومقاصده القهرية والضاغطة، ومعترفا ان: (اعداد انطولوجيا لشعراء البصرة ينطوي على خطورة كبيرة وشرك الوقوع في مثل هذه الانتقائية مقصودة، مثلما يضعنا اعدادها امام الكثير من المشاكل والتعقيدات، تلك التي تبدأ من عقدة الشعور بأن البصرة هي حاضنة الشعراء، بأسواقها ومغامراتها ومدارسها، وان هناك الكثير من الاسئلة تطرح عن الكيفية التي يمكن ان نختارها للدخول الى هذه الحاضنة المفتوحة على غابة الشعراء، تلك الغامرة بروح التاريخ وفيوض الدهشة والغموض والسحر، ولا تنتهي عند تخليق مقاربات تضع هذه الانطولوجيا في سياق يشرعن حيوية اختياراتنا غير الانتقائي من خلال التعاطي مع تجارب شعرائها من الاجيال المختلفة والذين انطلقوا بأرواحهم العارية يرثون شفرات الماء والحرية والغواية.
ويستطرد في رسم فكرته الدالة عن هذه الانطولوجيا من المدينة التي خرج من رحمها هؤلاء الشعراء قائلا: الفضاء الشعري في البصرة هو فضاء الحياة الثقافية الضاجة بالحراك والتنوع، ربما بسبب موروثات المدينة الثقافية، اللغوية، المعرفية التي استوطنت نسغها الوجودي، وربما لانها مدينة مائية تصنع روح الشعري وجريانه، مثلما يصنع الماء الحياة، وربما لانها مدينة تجارية تتبادل فيها الاطياف المتعددة منافعها الثقافية مثلما تتبادل المنافع التجارية، اذ يتحول الشعر الى بضاعة لها رأس مالها ولها اسواقها ولها تكاياها ولها مريديها ولها غواياتها وانماط ثقافتها السرية، وهذا التوصيف جعل الفضاء الشعري في البصرة اكثر عرضة للتعرية واكثر قلقا عند مواجهة التنوعات الثقافية واللغوية التي تتبلبل السنتها ومعارفها عند اغواء المدينة.
واوضح الفواز ان الانطولوجيا اعتمدت مستويين: استعادي، حيث وضع التجارب الرائدة للشعراء بدر شاكر السياب ومحمود البريكان ومحمد سعيد سعيد الصكار وسعدي يوسف بمثابة الموجّه الذي يمنح فكرة التحديث الشعري في البصري، مشيرا الى ان هذا البحث الاستعادي وضعه عند غياب بعض الاسماء عن الانطولوجيا رغم اهميتهم قائلا: (حيث لايمكن احصاء كل الاسماء ووضعهم في السياق الانطولوجي لان ذلك يعني تعويم الفكرة وتسطيح صيرورتها، / وفي المستوى التعريفي قال: حاولنا ان نقدم التجارب الشعرية التي وجدت نصها خارج فضاء التجارب الرائدة داخل ارهاصات المغامرة الجديدة التي صنعت لها مراكزهات المهيمنة ورموزها الضاغطة،، تلك التي وضعت الكثير من تجارب (الهامش) عند حافة المحو، شعراؤها لم يتلمسوا تاريخ مدينتهم القديمة ولم يمارسوا طقوس التشوف في عوالمها، تجاربهم واعمارهم واحلامهم تشكلت في المخاض، هذا المخاض المتمرد على المتن الضاغط وغير المؤدي الى الاطمئنان).
الفواز اكد في مقدمته : لقد آلينا في اختيارنا الى اخضاع الكثير من المشاركين لمعايير فنية اولا، ومراعاة الجانب الاحصائي ولو بشكل محدود ثانيا خصوصا لمجموعات من الشعراء الجدد، وكذلك اخضاع هذه الانطولوجيا الى تصورات تضع القاريء والباحث امام مستويات وتجارب شعرية تعبّر عن ابرز مراحل وتحولات الشعرية في مدينة تتلمس عبر تشكيلها المائي رائحة الشعر ثالثا، فضلا عن السعي قدر ما تيسر لنا لتأشير بعض ملامح التجديد الشعري وتغاير انماط الكتابة من خلال اختيار عدد من شعراء التجارب الجديدة في الشعرية العراقية في البصرة.
اما الشعراء الذين ضمتهم الانطولوجيا فهم: احمد جاسم محمد، احمد العاشور، احمد مطر، بدر شاكر السياب، ثامر سعيد، جواد الحطاب، حامد عبد الصمد، حبيب السامر، حسن هاني، حسين عبد اللطيف، حيدر الكعبي، خضر حسن خلف، رياض ابراهيم، زهزر دكسن، سالم محسن، سعدي يوسف، سلام ناصر، شاكر العاشور، صفاء خلف، طالاب عبد العزيز، طالب غالي، عادل مردان، عبد الحسن الشذر، عبد الخالق محمود، عبد الرزاق حسين، عبد الزهرة الديراوي، عبد السادة البصري، عبد الستار العاني، عبد العزيز عسير، عبد الكريم البصري، عبد الكريم راضي جعفر، عبد الكريم كاصد، عبدالله خليل، عزيز داخل كاطع، علي الامارة، علي باقر الهاشمي، علي عيدان عبدالله، علي محمود خضير، علي نوير، عماد عمران فياض، عمار علي كاصد، فرات صالح، فوزي السعد، كاظم الحجاج، كاظم محمد لايذ، كاظم نعمة التميمي، كريم جخيور، مجيد الموسوي، محمد راضي جعفر، محمد سعيد الصكار، محمد صالح عبد الرضا، محمد طالب محمد، محمود البريكان، مزعل التميمي، مزيد الظاهر، مسار رياض، مقداد مسعود، منذر خضير / منذر عبد الحر، منصور الريكان، موفق السواد، هادي ياسين علي وهاشم تايه.