ليست المقابر لأحد.
تتلاشى الروح في ضفة مرآة تعانق الظلمة وشحنتها المحظورة
وتنغلق الأبواب الخاوية بعصف أسود على لفائف وصايا آبائنا.
خشخشة أوراق تسقط من الأشجار في المنحدرات الشاطئية لسنواتنا
المضطرمة التي عشناها بين الغلالات الشفّافة للألم الطويل.
ينبغي أن نصعد الشعلة الصافية للتاريخ ونحمل قرابيننا الأكثر
ترنحاً من التقديس الخائر لصلواتنا المروضة.
وحدها الثمرة المتعفنة تنضج وتكلل بالرماد ميراث الانسان
ميراثنا الذي يحجّر دائماً لحظته المثقلة بطعم الزوال.
هل لنا وفاق مع العفة المتأرجحة
ما بين الطبيعة وما بين اللاوجود، لزهرة الحلم؟
لماذا لا يحصد الفجر في ارتواء حيواتنا المتململة
سنابل توحشاتنا الفولاذية في الأرض المنفتحة على العظام
والروائح الكريهة؟
التنفسات في أسرتنا. نهر عتيق يسترجع نفسه ويسير
بمحاذاة المسلات المحطمة للزمن.
لا قرص العسل في الشجرة ينعطف على جروحنا
ولا الومضة الرصينة في القيثارة
ينبغي لنا أن نتقدم في امتنان عظيم صوب الأريج المصفوف لموتنا
ونفتح مزاميرنا المتلألئة على خلجان الأرض وعلى القناديل.
لا أشرعة في اضمحلال لحظتنا الأسيرة في الملح
ولا صمغ، ولا علامات مقروءة تسهر في الجبين
أمضينا أزمان طويلة نتحرك على الحجارة الغريبة للشواطىء
وتحالفنا مع هياكل الأمطار في الزرقة الملائكية للمراكب.
الحاضر والمستقبل ينبوع احتضار طويل يقتلع الشرارة
المرفرفة في مرايا حيواتنا، ولا يقدم لنا إلاّ ثقل ضجرنا الذي
يتعدد ويتمدد في اللهفة المدوخة لتحركاتنا وصرخاتنا المتلاشية.
معصم صاعقة كبيرة يلّف مصائرنا منذ بدء الخليقة
وما من محارات إلهية نعقدُ تحت ظلالها هدناتنا مع الكلمة
ولآلىء غفراناتها المظلمة.
24 / 2 / 2009 مالمو
[email protected]