معالجة درامية لـ (مشعلو الحرائق)
كاظم النصار: (خارج التغطية) حياة اخرى لما بعد الحرب

عبد الجبار العتابي من بغداد:
ما زال المخرج المسرحي كاظم النصار يعمل بدأب على مشروعه الذي بدأه قبل سنوات وهو الحياة ما بعد الحرب، وتواصله هذا لم يكن بلا اسباب، وهاهو الان يستعد لعرض عمله المسرحي الجديد (خارج التغطية) بعد ان استكمل تدريباته النهائية عليه، ليشكل حلقة من حلقات البحث لديه عن اجوبة، وفي حوارنا معه الذي حاولنا فيه ان نستقريء افكاره وطموحاته، اعلمنا ان ملاك المسرحية اهداها الى روح الفنان الراحل عبد الخالق المختار (الذي علمنا الصبر على الالم) كما قال.
* حدثنا عن فكرة عملك الجديد؟
- معالجة درامية عن مسرحية (مشعلو الحرائق) لماكس فريش، النص لكريم شغيدل وتقدمها الفرقة القومية للتمثيل التابعة لدائرة السينما والمسرح، ويمثل فيها مازن محمد مصطفى وحسين سلمان واياد الطائي وصادق عباس وشهرزاد شاكر، العمل يقدم رؤية او تصورا بقراءة جديدة للواقع السياسي والامني في العراق وكل البلدان التي تعاني من شبح العنف والارهاب، قراءة فنية سياسية عبر فرقة مسرحية تمثل مسرحية ولا تستطيع استكمال مشروعها بسبب هذه الوقائع.

* ما الذي يتضمنه العمل؟
- المشروع لاينفصل عن مشروعي الذي بدأته مطلع التسعينيات والذي اسماه النقاد بـ (حياة ما بعد الحرب)، قدمت من خلاله 13 تجربة وعرضا تحت هذا المضمون، ولكن هذه المرة يؤشر ويلامس المتغيرات الحادة والنفاثة في المشهد السياسي العراقي والدفاع عن معقل الثقافة بأعتبارها رمز الحياة.
* ما الجديد في هذا العمل؟
- هو المعالجة التي ربما تكون فيها انزياحات كثيرة عن النص، والجديد بالنسبة لي هو العمل على مفهوم الاحتراف عبر الاداء لدى الممثل، اي نسبة كبيرة على الممثل، على الشخصية، وعلى المضمون، ربما عروضي السابقة كانت ترتكز على المنظومة الجمالية الخاصة، وهذا ألتفات الى المعنى بوصفه رسالة الى ما هو اوسع من الجمهور، اقصد كنا في السابق نتحاشى الوضوح الفني العالي بسبب خوفنا من الرقيب، اليوم.. لم يعد لي مبررا الهروب تجاه التعمية المقصودة والشكل هو وسيلة وليست غاية، ونضجت بما يكفي لان اترفع عن الموضات المسرحية.
* من يجب ان يكون الرقيب الان بعد غياب رقيب السلطة؟
- هذه المرة الرقيب هو التصاقنا بمشاكل بلادنا والنظر اليها بعين المعارضة الايجابية وليست السلبية، اننا نريد ان نبني بلدا وحياة عراقية جديدة، وعلى الفنان ان يكون مشاركا فعالا ومحرضا ومراقبا ومؤشرا لمجمل المشكلات التي تمر بها البلاد وعليه ان يكون واضحا في اهدافه المضمونية دون لاتنازل عن الشرط الفني.
* اية لغة استخدمت في عملك هذا ولماذا؟
- استخدم اللغة الوسط التي يفهمها الجميع وليست لغة الشعر والبلاغة، ليست عندي بلاغة في الكلام ولكن المنظومات الاخرى موجودة.
* لماذا لا تستخدم اللهجة العامية؟
- أنا اطمح ان اعرض هذا العمل خارج العراق، وهذا طموح مشروع، ان تصل الرسالة الى اكبر جمهور واسع عربي لذلك لا اريد ان يتعكز الاخرون في فهم هذه الرسالة على صعوبة اللهجة العراقية، انني اريد هذه المرة ان انشر رسالتنا عن العنف والارهاب اللذين دخلا بلادنا على غفلة من الزمن الى اكبر عدد ممكن من الجمهور.
* هل يراودك طموح ان تعرضها في الخارج او تشارك في مهرجانات من خلال اللغة الوسط؟
- نعم.. تساوقا مع كل المخرجين الذين تناولوا هذه الموضوعة مثل الجعايبي وعمله المهم (خمون) وفي اعمال اخرى مع الفارق بالمستويات، وعلي ان اوصل الرسالة، رسالة فهم المثقفين العراقيين لموضوعة العنف والارهاب.
* الى متى تبقى مسرحياتنا تدور في فلك الحرب؟
- المسرح ابن الواقع وهو مرآة للحياة وليس علي اليوم ان أنأى بنفسي عن كل المعضلات التي يمر بها بلدي، انه هروب من مواجهة الحقيقة والواقع، الفنان عليه ان يؤشر كل ذلك وينبه، لا ان يجلس منعزلا ومحبطا ومترفعا عن مجريات بلده السياسية.
ما الذي تمثله هذه المسرحية في مسيرتك؟
- هي امتداد لكل المحاولات المتأنية في مزج ما هو ايدلوجي جمالي.
* بينك وبين اخر عمل قدمته وهو (نساء في الحرب) سنتان لماذا هذه المدة الطويلة؟
- انا اعمل بهدوء وصمت وبروح الباحث وابعد كل ما لايتعلق بمشروعي الذي ذكرته، وادرس النص جيدا ومدى تأثيره ومدى تلقيه وحتى قراءاتي قد اختلفت، فأنا اليوم على عكس الماضي، انا اقرأ في الاديان والمذاهب والتاريخ الاسلامي وفي كيفية تشكل الهويات في بلادنا وابحث عن اجوبة لكل الازمات التي مرت بها بلادنا منذ تشكيل الدولة العراقية الى حد الان، لذلك احتاج من هذا الى وقت طويل لابدأ بمشروع جديد واستوعب كل ذلك التاريخ.
* هل ثمة تاريخ محدد للتخلي عن هذا المشروع؟
- الحياة ما بعد الحرب قائمة لان الحروب كما يبدو انتقلت من حروب الجبهات الى داخلنا ومدننا وقرانا وقصباتنا، انا ادرس النتائج واستخلص منها ثيمات واقدمها كطبق شهي الى المتلقي.