جورج جحا منبيروت - جاء كتاب الباحث اللبناني ميشيل جحا quot;القصة القصيرة في لبنان .. سير ونصوصquot; في صفحاته التي بلغت حوالى 800 صفحة سجلا توثيقيا لمسيرة هذا النوع من الكتابة القصصية بدءا ببواكيرها منذ ان عرفها اللبنانيون في اوائل القرن العشرين المنصرم.
كتاب الدكتور ميشيل جحا تناول 94 كاتبا وكاتبة مع قصة لكل واحد ووحدة منهم ومختصر لسيرة حياته وحياتها. واشار المؤلف الى ان 26 من هؤلاء الكتّاب والكاتبات ولدوا في ثلاثينات القرن العشرين الماضي.
بلغ عدد صفحات الكتاب 798 صفحة كبيرة القطع. وقد صدر هذا السجل الغني عن quot;الجامعة اللبنانية الامريكية .. مركز التراث اللبنانيquot; و quot; المعهد الالماني للابحاث الشرقيةquot; في بيروت. حمل الغلاف كلمة تقديم من مدير مركز التراث اللبناني الشاعر ني زغيب بعنوان quot;حتى يستمر بنا تراث لبنانquot;.
المؤلف في مقدمة الكتاب قدم عرضا تاريخيا موجزا تناول فيه موضوع القصص في التاريخ العربي القديم مرورا بالعهود المختلفة وصولا الى العصر الحالي.
يستشهد جحا في مقدمة الكتاب بما قاله باحثون ونقاد ومؤرخو ادب في هذا الموضوع. ومن ذلك مثلا الراحل انيس الخوري المقدسي وينقل عنه ان quot; القصة او الحكاية قديمة في الادب العربي ترجع الى اقدم عصور التدوين وقد نقل لنا من اخبار الاقدمين ونوادرهم واساطيرهم وملحهم ناهيك بما ترجم الى العربية كقصص كليلة ودمنة وألف ليلة وليلة.
quot;وهناك من يتحدث عن القصص في التوراة وفي القران مثل.. قصة موسى وقصة يوسف وقصة صالح وثمود. ولعل قصة ادم وحواء هي اول قصة تتناول رجلا وامرأة. ولا شك في ان القصة قد ظهرت منذ زمن بعيد يعود الى بداية وجود الانسان على هذه الارض...quot;
وفي مجال اخر استشهد بقول الراحل الدكتور محمد يوسف نجم quot;ان الادباء كانوا يحتقرون كتّاب القصة ويعدونهم فئة متخلفة من ذوي المواهب الهزيلة.quot; كما نقل عن نجم ان كاتب القصة الراحل كرم ملحم كرم (1903 -1959 ) صاحب المجلة القصصية الاسبوعية quot;ألف ليلة وليلةquot; قال له quot; ان الادباء لا يعترفون للقصة بكيان ادبي ويعدون كاتبها متطفلا على موائد الادب ولا يستحق الا كل اهمال واحتقار.quot;
وينقل ايضا عن نجم في كتابه quot;القصة في الادب العربي الحديثquot; قوله انه ينسب الى احمد حسن الزيات (1885-1968) صاحب مجلة الرسالة قوله انه لا يجد في مجلته الرصينة محلا للقصص. ويستشهد بقول نجم كذلك ان توفيق الحكيم قال له اي لنجم quot;الفرق بين الادب وبين القصة كالفرق بين المناطق العليا في الانسان والمناطق الاخرى.quot; واورد استشهادات اخرى في مجال الاشارة الى تطور النظرة الى القصة.
وقال جحا ان quot;لم تهتم المجلات التي اصدرها لبنانيون في لبنان او في مصر منذ الثلث الاخير من القرن التاسع عشر وحتى الثلث الاول من القرن العشرين بالقصة القصيرةquot; واورد هنا مجلة الجنان (1870- 1886) لسليم البستاني او مجلة الضياء (1898 -1906) لابراهيم اليازجي او مجلة الجامعة (1898-1910) لفرح انطون او مجلة المرأة الجديدة (1921-1926) لجوليا طعمة دمشقية وهي اول مجلة نسائية في لبنان وقال quot;لا نجد للقصة القصيرة اي اثر بينما نجد ان سليم البستاتي قد بدأ ينشر في الجنان روايات مسلسلة يترجمها او يؤلفها.quot;
ويعرض جحا في الحواشي اراء تتحدث عن quot;اولquot; رواية عربية فيمر على quot;غابة الحقquot; لفرنسيس المراش التي صدرت في حلب سنة 1865 وصولا الى القول ان الاولى هي رواية اللبناني خليل الخوري quot;وي اذن لست بافرنجيquot; التي صدرت سنة 1859 ثم جرى quot;اكتشافهاquot; واعيد اصدارها السنة الماضية في القاهرة كما صدرت هذه السنة في بيروت.
ويورد ان اول من كتب القصة القصيرة من ادباء لبنان كان ادباء المهجر الامريكي الشمالي quot;امين الريحاني وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة الذي بلغت عنده القصة القصيرة نضجها.quot;
قال المؤلف ان هدفه لم يكن وضع دراسة اكاديمية quot;quot;فيها تنظير وتعليل وتحليل وتطبيق لنظريات نقدية... بل الهدف وضع بيواجرافيا لكتّاب القصة اللبنانيين... ومما نهدف اليه اختيار نماذج من القصص القصيرة. قصة لكل قاص...
quot;ولقد تناولت هؤلاء القصاصين وفقا للتسلسل الزمني لولادة الكاتب.. الاقدم اولا لكي يظهر التطور الذي طرأ في كتابة القصة القصيرة في لبنان وليس وفقا لاسماء الكتّاب بحسب الترتيب الهجائي...quot;
اضاف ان القصص التي اختارها متفاوتة القيمة من حيث الجودة وان الكتّاب متفاوتون من حيث الشهرة ايضا. اضاف انه تناول 94 كاتبا وكاتبة اولهم امين الريحاني الذي ولد سنة 1876 واخرهم بسمة الخطيب المولودة سنة 1975 وبينهم 35 من النساء quot;واغلبهم كتاب كتبوا الرواية والقصة الطويلة ومنهم من مارس النقد الادبي او الخواطر والرسم وحتى نظم الشعر...quot;
ومما يلفت نظر القارىء مثلا بين هذه الاسماء اسم كاتبة عصامية هي عواطف سنو ادريس التي ولدت سنة 1923 ولم تستطع اكمال دراستها لانها تزوجت باكرا من وفيق ادريس وانجبت خمسة ابناء وانصرفت الى الاهتمام بعائلتها. الكاتبة التي مازالت تكتب وتمارس الرسم لم تصدر اي عمل لها حتى سنة 1988 . ومنذ تلك السنة حتى 2004 بلغ ما اصدرته ستة اعمال.
درس جحا في الجامعة الامريكية في بيروت ونال درجة دكتوراه من المانيا ثم قام بالتدريس في الجامعة الامريكية في بيروت والجامعة اللبنانية والجامعة اللبنانية الامريكية.
قال الكاتب quot;وألفت النظر الى ظاهرة تتمثل بوجود أسر من القصاصين امثال الدكتور سهيل ادريس وزوجته عائدة مطرجي ادريس.. وجبران مسعود وزوجته جوزفين كلاس مسعود وشقيقه انطوان مسعود.. وتوفيق يوسف عواد وشقيقه اميل يوسف عواد.quot; وهناك اخرون فات المؤلف ذكرهم في هذا المجال ومنهم سعيد تقي الدين وشقيقه خليل تقي الدين.
ولفت المؤلف النظر الى ان 26 من كتاب وكاتبات القصة القصيرة في لبنان ولدوا في ثلاثينات القرن العشرين.
(رويترز)