محمد الحمامصي من القاهرة: أصدرت دار الشروق العمل الأدبي الضخم quot;رباعية الإسكندريةquot; للكاتب البريطاني لورانس داريل (1912-1990)، ترجمة الأستاذ فخري لبيب، هذه الرباعية التي عدّ داريل بفضلها على أنه أحد أبرز كتاب الأدب الإنجليزي الحديث من أمثال هنري ميللر وجيمس جويس، وتدور أحداث هذه الرباعية في الإسكندرية خل الحرب العالمية الثانية، وتُعتبر رواية quot;جوستينquot; - الجزء الأول منها واحدة من أشهر الأعمال الأدبية في التاريخ الحديث.
والروايات الثلاثة الأولى ـ كما يشير داريل ـ مرتبطة بنمط يقوم على الإقحام بين عناصر أخرى، إنها شقيقات لبعضها البعض وليست تابعة أو متممة لبعضها البعض، الرواية الأخيرة فقط هي التي قصد بها أنها متممة حقا، مع إطق العنان لبعد الزمان، لقد قصد بالمجموعة كلها أن تكون تحديا للرواية التقليدية التي تقوم على شكل مسلسل: رواية اليوم المشبعة بالزمن.
تتكون الرباعية من رواية جوستين quot;Justinequot; الصادرة عام 1957، ورواية بلتازار quot;Balthazarquot; الصادرة عام 1958، ورواية ماونت أوليف quot;Mount olivequot; الصادرة عام 1958، وأخيراً رواية كليا quot;quot;Clea الصادرة عام 1960.
وتتحدث رواية جوستين عن امرأة تعيش في حمأة خطيئة لا تزهدها، إنها تتذوق كل ما تراه عيناها، لكنها أبدا لا ترتوي، فهي تنهل من ماء ملح آسن يزيد من لهيب ظمئها، تعيش في الإسكندرية إبان الاحتلال البريطاني لمصر في أجواء منفلتة أخلاقياً بين الطبقة البريطانية المنغلقة في الإسكندرية، بينما تزيح الرواية الثانية quot;بلتازارquot; الستار عن أحداث رواية جوستين، على لسان بطلها بلتازار، فتبدو لنا نفس الوقائع القديمة عبر الرؤية الجديدة، وكأنها قصة أخرى مغايرة للأولى، بل وتفوقها رهافة حسن وإثارة.
وفي الرواية الثالثة نعرف أن ماونت أوليف هو أول سفير بريطاني في مصر، وحوله شخصيات تبدو في جوستين وبلتازار ثانوية وغير فعالة ومؤثرة، ولكنها هنا جزء أساسي من خيوط الأحداث، وتتكشف لنا رؤية جديدة لنفس الوقائع التي تدور علوية ما بين القاهرة والإسكندرية في مجتمع الأجانب، ويتشابك معهم المقهورون والهامشيون من أبناء مصر.
ثم اختتم المؤلف هذه الرباعية برواية كما يشير هو تشكل تتمة الروايات الثلاثة السابقة وفصل الختام لها، على الرغم من أنه يمكن قراءة أيا من الروايات الأربعة دون العودة إلى ما سبق أو ما لحق من أجزاء الرباعية إلا أن متعة قراءة الأربع روايات بشكل متتابع تكشف للقارئ بين السطور حقيقة ما يريد المؤلف الكتابة عنه.
يذكر أن لورانس داريل كاتب وشاعر بريطاني ولد في الهند البريطانية عام 1912، وتزوّج أربع مرات وتوفي في فرنسا عام 1990، وتعتبر رباعية الإسكندرية هي مجموعة الروايات التي وضعت اسمه في مصاف النجوم، صدر له ما يفوق الخمسون كتاباً في مجال الرواية والشعر وأدب الرحلات والسيرة الذاتية، فصدر له 11 ديوان شعر، كما صدرت له خمس روايات قبل رباعية الإسكندرية ولاحقت الروايات الخمس نجاحاً نقدياً.
ودفع نجاح رباعية الإسكندرية داريل إلى تكرار التجربة مرة أخرى، فأصدر رواية ثورة أفروديت quot;The Revolt of Aphroditequot; على جزءين، الرواية الأولى بعنوان تونج quot;Tuncquot; عام 1968 والرواية الثانية بعنوان نونكوام quot;Nunquamquot; عام 1970.
ثم أصدر خمس روايات مسلسلة تحت عنوان خماسية أفينيون The Avignon Quintet، وتألفت من خمس روايات: السيد: أمير الظلام Monsieur or, The Prince of Darkness: صدرت عام 1974 - ليفيا: دفنوا أحياء Livia or, Buried Alive: صدرت عام 1978 - كونستانس: ممارسات منفردة Constance or, Solitary Practices: صدرت عام 1982 - سباستيان: حكم العواطف Sebastian or, Ruling Passions: صدرت عام 1983 - كوينكس: الحكاية الممزقة Quinx or, The Ripper's Tale: صدرت عام 1985.
وكانت آخر عهده بالروايات وتفرّغ لكتابة سيرته الذاتية وما رآه في رحلاته حول العالم.
وإلى جانب نشاطه الأدبي، عمل داريل بالسلك الدبلوماسي البريطاني، فعمل في سفارات بريطانيا في أثينا باليونان، والقاهرة بمصر، كما عمل الملحق الصحفي لبلاده في الإسكندرية بمصر، إضافة إلى بلجراد بيوغوسلافيا.