تحويل الالات القديمة في المنجم الي فنون

صلاح سليمان من المانيا: هل باتت الصناعة والمتاحف التقنية والاشغال اليدوية في اوروبا مرتبطة بالثقافة والفنون؟ هل هناك علاقة بين الثقافة والصناعة؟ هي اسئلة منطقية في عالم اوروبا 2010، علي الفور تتبدد الحيرة في الجواب علي هذا السؤال بالتمعن في اسباب اختيار مدينة quot;ايسنquot; الالمانية كعاصمة للثقافة الاوربية لعام 2010، فالمدينة نموذج للمدن الاوروبية الحديثة التي جمعت بين تداخل النهج الصناعي الحديث واختلاطه بالنهج الثقافي التاريخي القديم للمدن، تشتهر المدينة بأنها احد القلاع الصناعية الالمانية وبها الكثير من الشواهد الصناعية كالمصانع القديمة ومناجم الفحم والقصور والمتاحف التقنية التي دخلت الثقافة من بوابة الصناعة في هذه المدينة وساعدت بشكل رئيسي في اختيارها عاصمة لآوربا الثقافية 2010.
ان زيارة قصر عائلة quot;كروبquot; الصناعية الشهيرة في ايسن هو دليل علي ذلك، فالقصر تحول الي متحف يحكي قصة صناعة الصلب واستخراج الفحم فيquot; ايسنquot;، عائلة كروب هي احدي اشهر العائلات الالمانية التي تخصصت في صناعة الصلب، ترجع جذورها الي اكثر من 400 عام مضت حيث اشتهرت بانتاج الصلب وصناعة الذخيرة والدروع، واليوم هي واحدة من اهم الشركات الالمانية والعالمية في صناعة الصلب في العالم.

أحد المناجم القديمة


هكذا هو واقع الحال في المانيا ومدنها الصناعية العملاقة، لايمكن ان تفصل تفوقها الصناعي عن شأنها الثقافي، لذلك فان التجول في مدينة ايسن يرسخ هذا الانطباع فالمدينة مليئة بمناجم الفحم وصناعة التعدين، بعض مناجم الفحم المهجورة فيها والتي نضب فيها الفحم تحولت الي متاحف مفتوحة يذهب اليها السياح ويتجولون فيها للتعرف علي كيفية استخراج الفحم وحياة العاملين في هذا القطاع يمكن ايضا النزول في المنجم الي اسفل ورؤيته تحت الاعماق والتعرف علي حياة العمال والظروف التي كانوا يعملون فيها، يدرك المرء هنا ان هذه المناجم اثرت بشكل كبير علي ثقافة الناس واصبحت جزء لا يتجزء من من الارث الثقافي العالمي. تجدر الاشارة الي ان تسليط الضوء علي ايسن كعاصمة للثقافة الاوروبية لن يقتصر علي مناجم الفحم والصناعات بل سيشمل كل الجوانب الثقافية الاخري حتي ان هناك مشروعات وخطط ثقافية ستشمل اكثر من 2500 فعالية ثقافية طيلة سنة 2010 تتنوع فيما بين اقامة المعارض والتبادل الثقافي بين ايسن والمدن الاوروبية الاخري واقامة المهرجانات والندوات والقاء المحاضرات اضافة الي العمل علي مضاعفة اعداد السياح الي ايسن، جدير بالذكر ان الاتحاد الاوروبي يقوم بالتدعيم المالي للمدن التي يتم اختيارها كعواصم ثقافية اوروبية.
احد اهم هذه الفعاليات التي بدأ العمل بها في ايسن هو اعادة افتتاح متحف quot;فولكفنجquot; احد اشهر متاحف المدينة ومنطقة الرور بالكامل حيث يضم اعمالا فنية من القرنين التاسع عشر والعشرين، من ناحية اخري سيتم التركيز ايضا علي قصور المدينة وقلاعها القديمة اضافة الي متاحف منطق الرور باكملها.

رمز صناعة المناجم في ايسن والرور


من المعروف ان مدينة ايسن تقع في شمال ولاية الراين وستفاليا في غرب المانيا ويبلغ عدد سكانها حوالي 582.764 وهي في وسط منطقة حوض الرور الغنية بالفحم الحجري، وقد لعبت ايسن والمنطقة المحيطة من الرور دورا كبيرا في زيادة الاقتصاد الالماني في فترة الستينات، ورغم التحولات التي حدثت علي مستوي العالم في السنوات الاخيرة، الا المنطقة ظلت مركزا اقتصاديا هاما علي مستوي المانيا واوروبا، واصبحت بذلك من اكثر المناطق الالمانية جذبا للسياح، وفي هذا الصدد كان رئيس المفوضية الاوربية قد صرح بمناسبة اختيار ايسن عاصمة الثقافة الاوروبية لعام 2010 بأنها ومنطقة الرور هي بوتقة انصهرت فيها كل شعوب وثقافات العالم بأسره اشارة منه الي الكم الكبير من الاجانب الذين عاشوا وعملوا في مناجم الفحم وصناعة الصلب في تلك المنطقة، والذين يقدر عددهم بحوالي 10% من تعداد السكان الاصليين.

قراءة في تاريخ مدينة ايسن يقول انها تأسست عام 800 بعد الميلاد، ومازالت كنيسة quot;يان لوجيرسquot; الواقعة في مركز المدينة شاهدة علي تاريخها، كذلك يعتبر مسرح quot;الكولوسيومquot; المجاور من اهم المسارح الموسيقية في المانيا، وبجانبه قاعات ومتاحف مجاورة عدة، تضم اسن ايضا مركزا ضخما للوثائق التاريخية والسياسية يؤمه عدد كبير من الباحثين والدارسين، اما الطبيعة في هذه المدينة فيهي رائعة، فبجانب الغابات الغناء هناك بحيرة quot;بلادينيquot; التي تعتبر متنفس المدينة الاول حيث يتجمع فيها سكان حوض الرور سواء في اوقات الفراغ او في الاجازات.
توفر المدينة ايضا لزائريها العديد من المقاهي والحانات التي تساعدهم علي قضاء الاوقات الممتعة.
[email protected]