إعداد عبدالاله مجيد: احيت فرقة نيويورك السمفونية امسية موسيقية في رثاء ضحايا زلزال هايتي. وافتُتحت الأمسية بسيمفونية هايدن رقم 49 اف ماينور ذات الموسيقى التأملية الجادة، اعقبتها سيمفونية شوبرت الناقصة، الجميلة بوقار، واختُتمت بمقطوعات بيرغ الاوركسترالية الثلاث الحزينة.
كان العمل الرئيسي في الأمسية مقطوعة اسمها quot;ضماد الجرحquot; التي الفها الموسيقار الاميركي جون آدمز بصوت الباريتون في عام 1988. وتستخدم المقطوعة مقتطفا من قصيدة وولت ويتمان بنفس العنوان، من وحي عمله في مستشفى ميداني لتمريض الجنود الاتحاديين الذين شوهتهم الحرب الأهلية الاميركية.
في وصف مؤثر لقصيدة ويتمان قال آدمز ان قصيدة quot;ضماد الجرحquot; استحضار حميمي بليغ ومؤثر لفعل السهر على الآخرين والعناية بهم كما مارسه ويتمان، وهي نص متحرر على نحو مدهش من اي مبالغة أو تبسيط في العواطف لكنه نص يتسم بدقة في تصوير التجربة لا يمكن ان يحققها إلا انسان عاش أهوال الكارثة.
ويلاحظ الناقد انتوني توماسيني في صحيفة نيويورك تايمز ان علاقات الموسيقار آدمز الشخصية زادت شدة انفعاله بقصيدة ويتمان، لا سيما ذكريات اصدقاء في سان فرانسيسكو ماتوا بمرض الأيدز في اواخر الثمانينات ومعاناة والده مع مرض الزهايمر وموته البطئ بأحضان والدة آدمز التي كانت تعتني به.
أدى الغناء بالباريتون الفنان توماس هامبسون منشدا قصيدة ويتمان التي يقول فيها quot;الى جرحاي أمضي بخطى حثيثة حاملا الضمادات والماء والاسفنجةquot;. ومع تكشف النص عن وصف تراجيديا الألم وصفا لا يجامل، تنتقل الموسيقى من انضباط تأملي مرورا باهتياج قلق الى حدة موجهة بهبات وترية متدافعة يتخللها صوت البوق ينطلق من أرض المعركة معزيا، لا سيما عندما يصور ويتمان اصطباغ العشب الأخضر بحمرة الدم ويصف quot;اللهيب الحارقquot; الذي يشعر به خلال تمريض جنود بُترت اعضاؤهم ولا يجرؤون على النظر الى اجسامهم.
أداء سيموفونية هايدن وسيمفونية شوبرت ومقطوعات بيرغ كان بالقدر نفسه من الاناقة والتأثير.