كامل الشيرازي من الجزائر:يمثل محمد علي خربوش (34 عاما) الفنان التشكيلي العصامي، إحدى الآمال الأكيدة للريشة الجزائرية، ويمتلك هذا الشاب الذي حاول ثلاث مرات الهجرة سرا خارج بلاده موهبة أكيدة وقدرات إبداعية جلية عبّر عنها في ميداني الرسم والكاريكاتور عبر العشرات من أعماله التي تنبض ألقا وحيوية، ما جعل البعض يطلق عليه لقب quot;الرجل الأوركستراquot;.
يقول محمد علي وهو ابن مدينة جيجل (400 كلم شرق الجزائر)، أنّه تعلّق بعالم الألوان منذ صباه، ما دفعه لاحقا إلى تمضية 12 سنة بإحدى دور الشباب، شحذ خلالها عدته في مجال الفن التشكيلي، ما سمح له بصقل مواهبه في الدهن الزيتي والرسم المائي، وأنتجت مراودته للريشة على مدار السنين لوحات جميلة أبرزت جماليات الطبيعة الجزائرية لا سيما مسقط رأسه كورنيش جيجل، ولا تقتصر إبداعات محمد على ما تقدّم ذكره بل تتعدى إلى مستوى ممارسة الغطس والصيد البحري إلى جانب التصوير ورفع الأثقال، وحتى الكهرباء الميكانيكية وكهرباء البناء.
ويمارس هذا الرجل الودود وغير النمطي في الآن نفسه، فن الكاريكاتور، مثلما يسكنه هوس البورتريهات، ويبرز مهاراته في تركيب لوحات جميلة من الأصداف البحرية والحجارة، كما يحسن أيضا الزخرفة على الفلين وبالأخص على الخشب وهو اختصاص يلقى رواجا كبيرا في الجزائر، ويقول عنه أبناء حيه الشعبي quot;لاكريتquot; أنّ محمد علي quot;صاحب نكتة خفيف الظلquot; بحسبهم.
ويعلّق محمد علي:quot;إنّ الطبيعة لا سيما البحر يأخذني بسحره، ما يجعله يحتل عندي جانب الأفضليةquot;، ويبدو هذا الفنان متأثرا ببهاء منطقة جيجل الساحلية وشاطئ quot;كتامةquot;، كما يلفت الفنان الشاب إلى أنّه يستلهم من عطاءات مواطنيه الفنانين على غرار quot;حسين زيانيquot; التي تعرض لوحاته في مختلف مدن وعواصم العالم.
ويبرز جانب هام في شخصية محمد، فقد اندفع في السابق وراء حلم الهجرة إلى ما وراء البحار حيث لطالما طمح للاستقرار في مدينة نابولي الإيطالية الجنوبية، ويسرّ بهذا الصدد:quot; كانت لي مغامرات خرقاء في بحر هائج بحثا عن وهمquot;الألدورادوquot; الأوروبي، لكنها أصبحت الآن ملكا للماضي، لقد وجدت سبيلي أخيرا بعيدا عن خطورة القفز نحو المجهولquot;، علما أنّ محمد علي الذي ينتمي لعائلة تضم 12 فردا، عانى كثيرا من الظروف الاجتماعية والمهنية الصعبة التي عاشها و التي دفعته إلى quot;محاولة الهروب نحو سماوات أخرى اعتقد أنها أرحم.
ويبدي محمد قناعة أنّ الهجرة عبر قوارب الموت quot;عمل لا مسؤولquot;، مفضلا التعبير عن مكنوناته بكيفية مغايرة لمحاولات كادت تجعله ضحية للموج الهائج في البحر الأبيض المتوسط، وهي مر حلة عبّر عنها في لوحة quot;السراب الزائلquot;، السوداوية الألوان، حيث يصوّر في هذا العمل الفني الحزين أمًا وابنتها وهما تتطلعان في شاطئ خال نحو تلك الآفاق البعيدة التي يسبح فيها غروب شمس بانتظار عودة مفترضة لـquot;عمرquot; الذي لم تريانه منذ حاول مع ثلاثة من رفاقه الهجرة السرية باتجاه إحدى بلدان جنوب القارة العجوز.
ويطمح محمد علي في الحصول على مقرّ يزاول فيه نشاطه الابداعي خصوصا مع الشعبية التني صار يحظى بها والدعوات المتهاطلة عليه، ويريد هذا الشاب المُثابر قطع أشواط واعدة وتنويع مجالات الابتكار على أمل افتتاح فضاءات أخرى تراوده، ولسان حاله quot;المستقبل اليوم هو في الجزائرquot;.