جوزيف برتولوزي يعزفنوتة منتأليفه على آلته الجديدة:جسر روزفلت في نيويورك

إعداد عبدالاله مجيد: أمضى الموسيقار الاميركي جوزيف برتولوزي الشطر الأعظم من حياته الفنية في تأليف الأعمال الموسيقية للفرق السيمفونية. ولكن قطعته الأخيرة كتبها لآلة تعلو أكثر من 41 مترا فوق نهر هدسن. هذه الآلة الموسيقية هي جسر فرانكلين ديلانو روزفلت في مدينة نيويورك. وأصبح برتولوزي منذ خمس سنوات مهجوسا بتعليم هذا الجسر المعلق فنّ الغناء.
بدأت علاقة برتولوزي مع جسر روزفلت المعروف ايضا باسم جسر منتصف هدسن عام 2004 عندما أشارت زوجته مازحة الى ملصق لبرج ايفل وهي تجرب العزف على آلة موسيقية. وتنقل صحيفة نيويورك تايمز عن برتولوزي قوله ان الحادثة اوحت له بإيجاد طريقة للعزف على برج ايفل ولكنه إذ لم يكن يعرف احدا في باريس ولا يتكلم الفرنسية قنع بإيجاد صرح أقرب في بلده.
لم يكن مشروعه سهلا. إذ قام برتولوزي بزيارات الى المكتبة المحلية ليدرس في بطون الكتب هندسة الجسور وقوانينها الفيزيائية وخصائصها المعدنية. تحدث مع مهندس مدني وعرف كيف يمكن لأنواع مختلفة من الدهان أن تؤثر في الأصوات التي يعتزم تسجيلها. والتقى مسؤولين في مديرية جسور نيويورك عدة مرات محاولا اقناعهم بأنه ليس مصابا بلوثة.

بعد نحو عامين وجد برتولوزي ضالته وأصبح جسر منتصف هدسن آلته التي عقد العزم على تعليمها فن العزف. ولكنه بعد ان عثر على الجسر الذي يستوفي كل المواصفات المطلوبة واجه مشكلة ايجاد الوقت لتسجيل موسيقى الجسر. إذ لم تمنح السلطات الموسيقار سوى ثلاثة ايام في عام 2006 ويومين في عام 2007 لتسجيل اصوات من الجسر. وعلى امتداد خمسة

هنا قطعة من أعماله

ايام استعان بمهندس صوت وطلب من عمال جسور تسجيل اصوات من الأجزاء العليا التي لا يمكن للانسان غير المتمرس في إنشاء الجسور ان يصلها. واستخدم برتولوزي ميكروفونات حساسة لالتقاط الأصوات وضرب مقاطع مختلفة من الجسر بمطارق خشبية ومعدنية وجذوع مقطوعة من الأشجار. وخلال خمسة ايام تمكن من تسجيل 1000 عينة صنفها فيما بعد حسب الصوت والنغمة ثم أدخلها في حاسوبه للبدء بتأليف quot;موسيقى الجسرquot;.
كانت عملية تأليف هذه القطعة الموسيقية تختلف عن كل ما صادفه برتولوزي في خبرته الموسيقية. وقال ان الجسر لا يُضبط كما تُضبط آلة الغيتار أو البيانو مشيرا الى ان أجزاء معينة من الجسر حين تُضرب تطلق نغمتين أو ثلاث نغمات في آن واحد. ورغم تمرّس برتولوزي في تأليف الموسيقى لآلات مثل الطبل والأرغن فان النوتات التي كتبها لموسيقى الجسر احتوت اجزاء مختلفة تتوزع على 24 عازفا.

واكد برتولوزي ان العمل كله لم يُخضع لأي مؤثرات توفرها تكنولوجيا الحاسوب. وقال quot;ان ما تسمعه هو الجسر تماما كما يكون صوته. تظن انك تسمع جرسا أو غيتارا ولكن هذه الأصوات كلها هي الجسر نفسهquot;.
في البدء كانت خطة برتولوزي ان يكتب العمل الموسيقي لخمس حفلات وكان يطمح في اقامة سلسلة من الحفلات بمشاركة 24 موسيقيا يعزفون على اجزاء مختلفة من الجسر ولكن شح التمويل ارغمه على تأجيل هذا المشروع.
ما أثمرته فكرة برتولوزي البوم كامل عنوانه quot;موسيقى الجسرquot; طُرح في الأسواق في ايار/مايو الماضي وتبوأ مرتبة متقدمة على قائمة الأعمال الموسيقية الكلاسيكية الأكثر شعبية. بالاضافة الى الألبوم فُتحت في حزيران/يونيو الماضي منشأة دائمة على جسر منتصف هدسن ليتمكن الجمهور من الاستمتاع بهذا الجنس الفريد من الموسيقى. فعلى كل من نهايتي الجسر يستطيع الزائر ان يضغط على أزرار متصلة بمحطة تنصت للاستماع الى اجزاء مختلفة من الجسر تغني أو الاستماع اليها إذاعيا على موجة أف أم. كما يمكن الاستماع الى موسيقى الجسر من راديو السيارة لدى عبور الجسر. وستتناهى الى اسماع سائق السيارة سيمفونية ايقاعية من الفولاذ تحاكي الطبول التي تُقرع في شوارع نيويورك.
برتولوزي ليس أول مَنْ استخدم الجسور آلة موسيقية. ففي عام 2006 وضع الفنان الاميركي بيل فونتانا مجسات اهتزازية على جسر الألفية في لندن لالتقاط اصوات الجسر ثم تحويلها الى موسيقى.