قبسات من حياة راحل الأدب الكبير غازي القصيبي


الآلاف شيعوا غازي القصيبي في الرياض


مثقفون ومفكرون وأدباء يتحدثون عن رحيل الأديب الاستثنائي

شهادات كتَاب وشعراء ونقّاد لبنانيين في الشاعر د.غازي القصيبي

حركة في مبيعات إصدارات القصيبي في يوم وفاته

المنامة تبكي تلميذها وسفيرها غازي القصيبي


القصيبي باغت الكويت بقسمه فاستحقّ وشاحها

توفي صباح اليوم الوزير القصيبي في مستشفى الملك فيصل التخصّصي في مدينة الرياض عقب تردّي حالته الصحية خلال الأيام الماضية بعد أن تمّ نقله إلى المستشفى قبل شهر ونصف من مملكة البحرين التي ذهب إليها لقضاء فترة للنقاهة لم تتجاوز الشهرين من إجرائه لعملية جراحية بسبب إصابته بمرض سرطان المعدة في الولايات المتحدة الأميركية في شهر تشرين الثاني - نوفمبر من العام الماضي.

القصيبي الذي يعتقد بأنّه أحد ضحايا الأخطاء الطبيّة القاتلة تعرّض لوعكة صحية أفقدته أكثر من 40 كغ من وزنه ادخل على أساسها إلى المستشفى التخصصي الذي أمر بنقله إلى أميركا حيث أجريت له العملية إلاّ أن الوعكة الأخيرة قبيل الشهر التي عاد بموجبها إلى المستشفى التخصصي وهو نقطة البداية لعلاجه لتكن هي آخر أيامه المعدودة ولتعلن وفاة الرمز السعودي الأكبر أدبيًّا وعمليًّا.

ورحلت الوزارة... والدبلوماسية

القصيبي المعروف بأنّه عراب التجديد لعدد من الوزارات الحكومية كيف لا وهو المتنقل بين وزارات الصناعة والكهرباء إلى الصحة ثم إلى المياه والكهرباء وأخيرًا إلى وزارة العمل التي كان فيها منذ العام 2005 على الرغم من مطالباته الحثيثة بالاستقالة إلاّ أنّ طلب العاهل السعودي بالبقاء أجبرته على تحمل عبء أكبر الوزارات في السعودية وهي غالبًا ما تكون مرمى النقد من قبل المختصين والمتعاملين معها والكتاب نتيجة لخططه الجديدة وسياسته التي ترمي إلى خلق السعودة بكافة القطاعات الخاصة.

غازي quot;حياة في الإدارةquot; الذي بدأ بوظيفة عادية في قسم ملفات طلبة جامعة الرياض انتقل ليكون الأكبر بين قياديي الوزارات قبل أن تكون محطة الاستراحة له هي سفارة البحرين التي عيّنها العاهل السعودي السابق الملك فهد ونقله بعدها ليصبح سفيرًا لبلاده في المملكة المتحدة وهو منصب يعادل منصب الوزارة في السعودية خصوصًا في بلاد الإنكليز ليعود بعدها وزيرًا متوّجًا للمياه والكهرباء بنسخة جديدة.

القصيبي الأديب...

لم تكن سيرته كأي سيرة أدبية بل سيرة محفوفة بالكثير من الجدل واللغط خصوصًا من المنتمين للتيار الإسلامي ولعل نتاج القصيبي الأدبي الذي أتاح له وزير الثقافة والإعلام السعودي quot;فسحquot; جميع كتبه تتويجًا لعطاءات الرجل السبعيني لم تعزيه في مرضه كون هذا القرار جاء متأخرًا ليعلن ولادة كتبه في بلده قبل أسابيع من مغادرته لها محمولاً على أعناق الكثير من محبيه وبعض من quot;مناهضيهquot;.

قصته الشهيرة مع الملك فيصل في فسح أحد دواوينه الشعرية المعروفة باسم quot;معركة بلا رايةquot; هي الأكثر شهرة في تاريخ الأدب السعودي حيث دافع الكثير من المحتسبين عن موقفهم برفض هذا الديوان الذي يعتبرونه مهاجمة للدين الإسلاميالأمر الذياستدعى تشكيل لجنة ضمت الكثير من كبار الدعاة الإسلاميين والوزراء الذين ذهبوا برؤيتهم أن القصيبي بعيد عن كل تلك الافتراءاتالأمر الذياستدعى الفيصل إلى فسحها.

وعلى الرغم من أن وفاة القصيبي لم تعلن رسميًّا حتى الساعة من الديوان الملكي السعودي، إلاّ أنّ رسائل العزاء أخذت طريقها في هواتف السعوديين وأحاديثهم الخاصة. وأمضى القصيبي البالغ من العمر 70 عاماً سنته الأخيرة متنقلاً بين عدة مستشفيات في أميركا والبحرين والسعودية طلباً للعلاج من مرض في المعدة.

ويشغل الدكتور القصيبي منصب وزير العمل الذي تسلمه منذ العام 2005 وحتى الآن، وهي الوزارة الرابعة التي يتسلمها بعد الصحة والصناعة والمياه وعدد من المناصب الحكومية المهمة سواء في وزارة الدفاع السعودية التي عمل لها مستشاراً قانونيًّا أو المؤسسة لسكك الحديد.

وتسلم أيضاً سفارتي السعودية في البحرين وبريطانيا. وعرف عن الدكتور القصيبي اهتمامه وانشغاله الكبير بالأدب فيغالبية تفريعاته من الشعر والرواية والقصة القصيرة وغيرها التي أغنى بها المكتبة العربية.

والدكتور غازي يحمل شهادة الدكتوراه من جامعة لندن في العلاقات الدولية، كما أنه حاصل على ماجستير العلاقات الدولية من كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية.

وولد القصيبي في الهفوف (شرق السعودية) في مارس 1940 وبدأ تعليمه فيها حتى انتقل إلى مملكة البحرين الجارة الشرقية للسعودية وواصل تعليمه الأولي فيها حتى انتقل إلى القاهرة وحصل منها على شهادة الحقوق وبداية انطلاقته الأدبية على المستوى العربي.

وعرف عن القصيبي نتاجه الأدبي الغزير في كل حالاته العملية والمرضية، وقبل وفاته بساعات كانت الصحف السعودية تنشر خبراً عن أنه بصدد إطلاق قصة quot;الزهايمرquot; وهي آخر اصداراته والثالثة خلال مرضه الذي امتد لأكثر من عام كامل.

ومن المنتظر أن تحظى مراسم النعي والصلاة ودفن الفقيد بزخم رسمي وشعبي كبير جداً على كل المستويات السعودية وخارجها، إذ إن القصيبي يحتفظ بشعبية كبيرة جدًّا يكاد لا يعرف سرها إلا هو، فهو من جهة مسؤول حكومي لفترات طويلة، ومن جهة أخرى كان لسنوات طويلة خصماً لطائفة من المتشددين في السعودية، وأخيراً فهو أديب تمنع بعض رواياته وكتبه من الدخول إليها، وعلى الرغم من ذلك يجد شعبية كاسحة تفسر نفسها بنفسها بأن الرجل كان على الدوام توحي كل أفعاله وأقواله بالصدق والإيمان.

ومن أشهر أعمال الدكتور غازي quot;شقة الحريةquot; و quot;العصفوريةquot; وquot;دنسكوquot; وquot;أبو شلاخ البرمائيquot; وquot;سبعةquot; وquot;سعادة السفيرquot; وquot;الجنيّة وquot;معركة بلا رايةquot; وquot;أشعار من جزائر اللؤلؤquot; وquot;للشهداءquot; وquot;حديقة الغروبquot;.

وله إسهامات صحافية متنوعة أشهرها سلسلة مقالات quot;في عين العاصفةquot; التي نُشرَت في جريدة الشرق الأوسط إبان حرب الخليج الثانية وله مؤلفات أخرى في التنمية والسياسة والإدارة وغيرها منها quot;حياة في الإدارةquot; و quot;التنمية، الأسئلة الكبرىquot; وquot;عن هذا وذاكquot; وquot;باي باي لندن ومقالات أخرىquot; وquot;الأسطورة، دياناquot; وquot;أقوالي غير المأثورةquot; وquot;ثورة في السنة النبويةquot; وquot;حتى لا تكون فتنةquot;.