إعداد عبدالاله مجيد: يتضح التغير الذي طرأ على صناعة الكتاب من توجه شركات تصنيع الأخشاب وانتاج الأثاث التي بدأت تصمم رفوفها ومكتباتها بحيث تصلح لكل صنف من المقتنيات الديكورية إلا الكتاب.
ولعل شركات تصنيع الخشب اطلعت على التقارير القائلة ان مبيعات الكتب الالكترونية في اميركا تخطت مبيعات الكتب ذات الغلاف الصلب خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي. وقبل عام لا أكثر كان حجم تجارة الكتب ذات الغلاف الصلب يزيد ثلاث مرات على تجارة الكتب الالكترونية، كما تبين ارقام جمعية الناشرين الاميركيين. وتزيد مبيعات شركة امزون من الكتب الالكترونية الآن على مبيعاتها من الكتب ذات الغلاف الورقي. ومن المتوقع ان يتسارع الإقبال على الكتب المرقمنة فيما تغلق تغلق المكتبات أبوابها بصورة متزايدة. فان شركة بوردرز الاميركية التي كانت عملاقا في بيع الكتب بالتجزئة قررت غلق جميع مكتباتها في الولايات المتحدة.
ويسارع الكتاب للحاق بالموسيقى والجرائد التي دخلت العالم الرقمي قبله. ولكن دور النشر تعتقد ان رحلة الكتاب ستكون مختلفة وانها لن تواجه المصير الذي لاقته صناعة الموسيقى والجرائد من قبلها بأيلولتها الى موت بطئ. ويقول محللون ان خبرة دور النشر ستكون مختلفة عما مرت به صناعة الموسيقى والصحف ولكن ليس بالضرورة أحسن.
ويعتبر التحول من الورق الى التوزيع الرقمي مكسبا من بعض النواحي. فان هامش الربح من بيع الكتب الالكترونية أعلى فضلا عن تحرر الكتاب الرقمي من عدة سلبيات ترتبط بالورق. ونقلت مجلة الايكونومست البريطانية عن الخبير في شؤون صناعة النشر بيتر اوسنوس ان أكبر تحدٍ يواجه دور النشر الصغيرة هو ادارة مخزوناتها. فهي إذا طبعت الكتاب بنسخ تزيد على حاجة السوق سيُعاد الفائض من المكتبات، وإذا طبعت أقل ستتكبد خسائر في فترة انتظار الطبعة الثانية (بسعر أعلى). ولكن هذه المشاكل لا توجد بأي شكل لدى توزيع الكتاب رقميا.
ويُلاحظ ان الروايات الرومانسية والقصص البوليسية نالت شعبية واسعة على القارئ الالكتروني، ربما لأن من الصعب معرفة ما يقرؤه المرء في القطار أو الحافلة على كندل، إن كان رواية رومانسية تاريخية أو عملا من اعمال دوستويفسكي. وتقول دونا هايز مديرة دار هارلكوين للنشر ان الرقمنة نفخت حياة جديدة في الكتب القديمة مشيرة الى ان عمر الرواية الرومانسية على رف متجر الكتب يبلغ اربعة اسابيع في المتوسط لكنها اصبحت متاحة بسهولة الآن من خلال التكنولوجيا الرقمية. وقامت دار هارلكوين برقمنة اكثر من 13 الف كتاب من كتبها وبدأت تنشر بعض الأعمال الرومانسية في كتب الكترونية فقط لتقدير شهية القراء اليها قبل اصدارها في طبعات ورقية.
ولكن هذه الأفضليات تواجه مخاطر عديدة تهدد بتقويضها، اولها القرصنة. فان ملفات الكتاب الرقمي صغيرة للغاية، اصغر حتى من الالبوم الموسيقي. وقد يكون هواة المطالعة شريحة أمينة عموما ولكن إغراء الحصول على عمل أدبي مجانا يبقى قويا. وكثيرا ما تظهر كتب الكترونية على مواقع تتبادل الملفات فيما بينها. وتلفت مجلة الايكونومست الى ان مثال اسبانيا يبين ان القرصنة الثقافية يمكن ان تُمارس حتى بين الكهول وفي روسيا أصبحت قرصنة الكتب الالكترونية ممارسة شائعة.
وتشكل القرصنة تهديدا بسبب مشكلة ثانية أكبر هي الطبيعة الاعتباطية على ما يبدو لتسعير الكتاب الالكتروني. وحين بدأت امزون تبيع كتبا الكترونية حددت سعرها بـ 9.99 دولار وكانت تبيعها بخسارة في احيان كثيرة لترويج قارئها الالكتروني كندل. واتضح بالتدريج ان امزون تنتقص من قيمة الكتب كلها، الرقمية منها والورقية. لذا عمدت دور النشر الكبرى الى اغتنام فرصة اطلاق كومبيوتر آيباد اللوحي من أبل لدفع امزون الى تغيير طريقتها في تسعير الكتب. وتتولى دور النشر الآن تسعير كتبها بنفسها وتعطي نحو 30 في المئة من ريع المبيعات الى امزون.