الأديبة حبيبة العلوي

كامل الشيرازي الجزائر: لأنهم يؤمنون بحاجة جزائر اليوم إلى فتح حوار ثقافي يطال بُناها العميقة بالسؤال والدرس الجاد؛ بادر مجموعة من النشطاء الثقافيين سمت نفسها quot;الشباب المستقلينquot; بتأسيس شبكة للحوار الثقافي يراها المؤسسون مسوّدة مشروع ثقافي حقيقي جاد وفاعل بالجزائر.
في محاولة متجددة لتغيير الراهن المحلي، يعمل طاقم الحوار الثقافي على تجسيد أفكار بسيطة تتماشى مع مطالب الإبداع والانفتاح والتفاعل في الجزائر، وتقوم استراتيجيتهم بأسسها التسعة، على تسويق النتاجات الثقافية، طرح الأفكار والإشكالات والهموم الثقافيّة في نقاش عام، تشجيع الفعل الثقافي الحرّ، بجانب الانفتاح على التجارب العربيّة والإفريقية والعالميّة في مسلكية لا تخلّ بالأصالة الجزائرية وفرادتها.
وجاء في البيان التأسيسي ndash; حصلت إيلاف على نسخة منه -، إنّ الأمر يتعلق بمجموعة غير سياسيّة ولا حزبيّة ، لا تطمح في لعب أي دور سياسوي أو حزبي، تتطلع إلى إنضاج حوار يقوم على نبذ الإقصاء، ويسعى إلى لملمة كل المنشغلين والمهتمين بالشأن الثقافي الجزائري في تنوّعه وثرائه واختلافاته.
وفي انتقاد صريح للنمطية المتكرسة في تسيير المنظومة الثقافية المحلية، لاحظ عرّابو المبادرة أنّ الحوار الثقافي المأمول لن يكفله ما ظلّ يسمى quot;التنشيط الثقافيquot; الذي يستند في الأساس إلى quot;نشاطquot; الهيئات الثقافية الرسميّة المعتمدة كـquot;الجمعيات الثقافية quot; وquot;مديريات الثقافةquot; وغيرها من الكيانات الثقافية العاجزة.
والبديل يكمن ndash; بحسب البيان - في استحداث نمط آخر من التنشيط الثقافي القائم على منطق العمل الجماعي والتفاعلي الذي سيخلق جو ثقافي حقيقي يكفل إعادة بعث الثقافة الجزائرية من ركودها وغيابها إقليميا وعالميا، باستثناء نجاحات فرديّة متفرّقة تمثّل الاستثناء الذي لا يسقط القاعدة.
وكشفت الأديبة الجزائرية quot;حبيبة العلويquot; عرّابة مبادرة quot;حوار في الثقافة الجزائريةquot;، عن تمكّن الشبكة في وقت وجيز من ضمّ أربعمائة منتسب بينهم الفاعل والمتفاعل والداعم والمتعاطف والمراقب، يجمعهم على اختلاف أمزجتهم وقناعاتهم همّ الانشغال بالثقافة الجزائرية وقناعة الضرورة المرحليّة للعمل التطوّعي الواعي والحرّ الساعي إلى خدمة هدف خلق مشهد ثقافي جزائري مغاير؛ حيّ ونابض حقيقي وأصيل قريب من نبض الشارع وهمومه بعيد عما سماها مهندسو الحوار الثقافي المبتكر عما سموها quot;المهرجاناتيةquot; وquot;الفلكلوريةquot; التي تشبعت منها الجزائر.
وأبرز مؤسسو شبكة الحوار الثقافي رفضهم التصنيفات القديمة التي تقسّم المشهد الثقافي الجزائري إلى قطب فرنكفوني وآخر معرّب، ما أفرز قطبان جامدان لا تحاور ولا تفاعل بينهما، كما رأوا أنّ الوقت حان لالتفاف الجزائريين حول مطلب بناء ثقافة جزائريّة أصيلة ونابضة، تتنزّه عن إغراق اللغة ـ التي هي في أصل وضعها أداة تواصل وحوار، وإن كانت تشكّل ملمحا من ملامح الهويّة ـ في دسائس الصراعات الأيديولوجية العقيمة والبائسة.
وأشار هؤلاء المثقفون الشباب الذين ينشطون في دروب الشعر والرواية والقصة والمسرح والإعلام وغيرها، إلى حراكهم الحثيث على مدار 26 شهرا على شبكة التواصل الاجتماعي quot;الفايسبوكquot;، ولفتوا إلى إتاحة تلك الحركة الافتراضية حظا غير قليل من الحريّة والتفاعل الكفيلين ببناء حوار منفتح وجاد وحرّ، في انتظار تدعيمها بالعمل الميداني المنفتح على كل القطاعات.
وأبدى مؤسسو شبكة الحوار الثقافي حرصهم على ضمان استقلالية حركة وخط سير الفريق، فضلا عن استعدادهم لتبني أي مبادرة ثقافية مبدعة تحوز الاجماع، والتعاون مع مؤسسات وجمعيات وفضاءات مؤمنة بالمبادئ المُشار إليها، حتى تتشكّل فعاليات ثقافية ميدانيّة تقوم على روح مغايرة تنتصر لمناخ جديد متحرر من القيود البيروقراطية، ولا يجتر الكائن والسائد.
ويهيب الفريق بالمثقفين الجزائريين في الداخل والخارج للانضمام إلى المبادرة سواء بالانخراط أو الدعم أو النقد أو المساءلة، والإسهام في بناء أساس حوار ثقافي جزائري مغاير مسؤول منفتح حرّ وفاعل.