إيلاف: صدر عن دار كلمة للنشر و التوزيع المصرية ديوان جديد للشاعر التونسي سعيف علي يحمل عنوان quot;المرايا لا ترى النور quot; و قد تضمن الكتاب الشعري الجديد اثنتين و عشرين قصيدة موزعة على متون 156 صفحة من القطع المتوسط.
و يأتي الديوان تنويعا و مغايرة لديوان نصف البيمول الصادر منذ اشهر من حيث بنية التوزيع و التقطيع و البحث
يقول الناقد المصري حسام حسين عبد العزيز في المقدمة quot;....إن المتأمل في شاعرية سعيف علي يدرك أنه بالضرورة لا يقرأ شعرا أصم، بقدر ما يقرأ تنويعات لغوية لا تحقق دورها الوظيفي في إطار قوتها التعبيرية، وإنما يقرأ لوحة تكتمل ألوانها غالبا بريشة من يتصدى لقراءتها. من هنا نلتمس طاقة مضافة للمفردة، دورها في إطار بناء السياق الشعري نفسه، ودورها في تحفيز الذائقة لأن تعيد ملء الفراغات التي تُركت هكذا عن عمد، إنني هنا لا أريد الالتفاف حول القيم الدلالية لمفردات الرجل أو قاموسه بوجه عام، فلهذا حديث، وإنما أنظر وأتأمل ما يمكن اعتباره لغة أشارية لشيء ما لم تفصح عنه الشاعرية بشيء من التصميم.
عاد يغني
يرسم بالدمع
خطوط الاستواء
hellip;مدارا
hellip;كوكبا درِّيا
ميناء سفينة لا تعرف أنَّ البحر ماء
....
hellip;.إن كثرة الفراغات والتشتت والتوتر في نماذج بعينها في شعر الرجل، لا يعني وحسب إيمان الرجل بالطرح الحداثي، ولاسيما أن الصورة الشعرية عنده مُصممة بعناية تجعلنا إلى حد كبير نتأرجح بين داع القصدية والفطرة، دون أن نتيقن في واحد منها من فرط ذلك الأداء الفاعل الذي أنتج الصور بالضرورة. فلا نستطيع ndash;مثلا- الاندفاع للإيمان بها كتعبير عن موار داخلي لاواعي، أم هي ملمح سريالي، لكنها في كل الأحوال ترتكز على أجواء هذيانية منضبطة تعكس توتر خاص لانعكاسات العالم المتوتر بدوره، فانعدم الرابط وتراجع المنطق والتآزر، في بانوراما من العبث، أبرز ما فيها إنها تأكيد للغربة وعدم الاندماج في مفردات وتفاصيل عالمها.
أنت اليوم نخل وحيد
شارع واسع طويل
سماءٌ تضيع فيها الكتب
وسَحابةٌ بيضَاء ؛ وجهك المُعْدم بالفرح
****
.......
لم نعد نسمع الراديو،
ربما لأنه لا يذيع غير السَّعادة.
قد لا يحدث شيء في الذبذبة لكنَّنا لم نعد نثق بالكلمات الشعثاء
قالت لنا الذبذبة نهاركم سعيد
غنت لنا فيروز
جلست قبالتنا
طلبت منا أن نضحك قليلا
أن نعترف بالسعادة مرة أخرى
سكتنا خجلا لكننا تعمدنا السؤال
قلنا لها أن شارع بورقيبة و كل من فيه عبور متلهفون،
اسمعي معنا الآن جيدا من مقام جلوسنا كيف تعلن الأحذية أن الحياة صعبة
لعل شيئا يستعِدُّ للانقضاض على ما تبقى من حديث .
لا بدَّ من الحرص قليلا و كثير من الحذر.
لا يذيع الراديو شيئا مهما.
لكنَّنا فهمنا أن أمرا لا بد يحدث خلف بسمة واسعة

******
فكرنا أن الدُّور التي نسكنها لا تفي أيضا بدور الدفء و الأمان.
قلنا دائما أنَّ أمرا ما سيحدث في الشّعر و الحياة ،
عيون تلك الصَّبية التّي عشقناها صغارا لم تعد كما كانت واسعة ومضيئة.
كم أتعبها البقاء بقرب البَاب تنتظر وعودنا بأن نبني دورا أوسع،
أن يكون الماء ماءا بحق
أن نرى قمرا راقصا و نجوما بلا أبواب
نحب الآن أن نقول
أن القصائد لن تكتمل أبدا
لأن العصافير صارت تسكن المدينة ...
لان الكلام ما عاد يمتلك اليقين
سنتفاءل كالفجر في كسل
سنقول للأغنية الفرحة
لعل أمرا ما يحدث تارة أخرى
لعلنا نعود في الصوت بلا كلام سوي