القاهرة: شهد المجلس الأعلى للثقافة المصري الحلقة النقاشية التي عقدتها الجمعية المصرية للأدب المقارن برئاسة د.أحمد عتمان حول نقد ترجمة المجموعة القصصية quot;ترجمان الأوجاعquot;، الصادرة عن مشروع كلمة للترجمة بأبوظبي، تأليف المؤلفة الأمريكية الهندية الأصل جومبا لاهيري، وقد شارك في النقاش والحوار المترجمة مروة هاشم التي قامت بنقل المجموعة القصصية إلى اللغة العربية، ود.أمال مظهر أستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة ود.عبير عبد الحافظ أستاذة الأدب الأسباني بجامعة القاهرة، وأدارت الندوة د.فاطمة خليل أستاذة الأدب الفرنسي بجامعة حلوان، وبحضور نخبة من أساتذة الأدب المقارن والترجمة والنقد والمهتمين بالحركة الثقافية.
في مستهل حديثها، تحدثت المترجمة مروة هاشم عن رحلتها في عالم الترجمة وتجربتها الخاصة في ترجمة هذا العمل بتكليف من مشروع كلمة للترجمة التابع لهيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة موضحة قيمة هذه المبادرة الرائدة في رفد المحتوى الثقافي العربي بأعمال مختارة بعناية ودقة تحقق التواصل بين الثقافات المختلفة في العديد من المجالات، وخاصة الثقافات الجديدة الناتجة عن الامتزاج الثقافي بين أكثر من ثقافة، مثنية على المنهج المتبع في هذا المشروع سواء في انتقاء الأعمال أو التأكد من جودة الترجمة وسلامة النقل. وعبرت المترجمة عن سعادتها بأن تكون ترجمتها لهذه المجموعة القصصية من أوائل الأعمال التي تخضع لمعايير النقد الحقيقي للترجمة من قبل أساتذة متخصصين، ويتم مناقشتها في سلسلة الندوات التي تعقدها الجمعية المصرية للأدب المقارن.
أشارت المترجمة مروة هاشم إلى أن هذه المجموعة القصصية تتألف من تسع قصص قصيرة كتبتها المؤلفة أثناء دراستها في جامعة بوسطن لتصف حياة مجموعة من الهنود المغتربين في الولايات المتحدة الأمريكية وبعضاً من ملامح الحياة في الهند، لتعكس عمق الثقافات ومفاهيم الاغتراب والبحث عن الهوية، حيث تقدم المؤلفة ثقافة جديدة تمزج بين الثقافة الهندية وتقاليدها والثقافة الإنجليزية ورصانتها، والثقافة الأمريكية بتحررها، وأوضحت أن المؤلفة تناولت مواقف إنسانية شديدة الخصوصية يمكن أن تحدث في أي ثقافة من خلال مواقف الحياة اليومية، وقدمت لها وصفا دقيقاً بعبارات هادئة ومتناغمة تفوح منها رائحة التوابل الهندية الحارة، لتنقل حالة الصراع المجتمعي التي يعيشها المغتربون بين القيم الثقافية لموطنهم الأصلي وما يجب أن يتكيفوا معه في وطنهم الجديد، الأمر الذي يجعل أبناء المهاجرين لا ينتمون إلى ثقافة أبائهم وأجدادهم ولا ينتمون إلى الثقافة الجديدة، بل يمثلون ثقافة جديدة تعيش حالة الصراع للبحث عن الذات بين الثقافات المختلفة.
وتحدثت د.أمال مظهر أستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة عن تقييمها لجودة الترجمة ومدى تطابقها وتكافؤها مع المستويات اللغوية والدلالية والثقافية مع النص الأصلي، مشيدة بدقة وأمانة الترجمة ونجاح المترجمة في نقل محتوى النص إلى اللغة العربية دون طمس أو تغيير لمذاق لغة وأسلوب المؤلفة، ومؤكدة على ضرورة الاهتمام بنقد الترجمة من وإلى العربية وأثر ذلك على الارتقاء بمستوى حركة الترجمة العربية.
أما الدكتورة د.عبير عبد الحافظ أستاذة الأدب الإسباني بجامعة القاهرة فقد تناولت نقد العمل المترجم وفق معايير نظريات الترجمة والخطاب وتحليل النص، مركزة على إشكاليات التمايز بين اللغات الأجنبية واللغة العربية، وبراعة المترجمة في تخطي الصعوبات اللغوية دون المساس بمذاق اللغة الأصلية للمؤلفة أو أسلوبها، رغم ما حفل به النص المترجم من تكوينات لغوية وأسلوبية تمزج بين الثقافات الهندية والانجليزية والأمريكية، ووصفت الترجمة التي قامت بها المترجمة بـ quot;المزدوجةquot;؛ حيث إن المترجمة لم تترجم النص من اللغة الإنجليزية فقط وإنما ترجمت النص الهندي أيضاً، إذ أن نص المجموعة القصصية كان مغلفاً بالتراث الثقافي الهندي.
وعرضت الدكتورة فاطمة خليل تقييمها لجودة نقل الأسلوب النسوي الذي اصطبغت به كتابات المؤلفة، ومدى توفيق المترجمة واستشعارها مكنونات الشخصيات وإلمامها بدقائق الصيغ السردية ومستويات الخطاب.
والجدير بالذكر أن ترجمان الأوجاع تُعد المجموعة القصصية الأولى للكاتبة جومبا لاهيري صدرت عام 1999 وحققت نسبة مبيعات هائلة، وحصلت على جائزة quot;بوليتزر في الأدب في العام 2000، وصنفت كأفضل أول عمل أدبي للعام 2000 وفق مجلة quot;نيويوركرquot; الأمريكية، فضلاً عن العديد من الجوائز الأخرى منها جائزة quot;بن/هيمنجويquot; في العام 1999، وأدرج اسم مؤلفتها ضمن قائمة أفضل عشرين مؤلف خلال القرن الحادي والعشرين. وتُعد هذه المجموعة القصصية أول ترجمة لعمل أدبي للمترجمة مروة هاشم ndash; التي درست الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة، وقامت بترجمة عدد من الكتب منها: كتاب quot;عبودية الكراكيبquot; وكتاب quot;فن الحياةquot; وكتاب quot;تقنيات الأداء المسرحي..بناء الشخصيةquot;، وكتاب quot;كيف تصبح ممثلاً موهوباً .. حول أسلوب فن التمثيلquot; عن دار نشر شرقيات، وكتاب quot;الحلقة المفقودةquot; وكتاب quot;ظلال الاستهلاكquot; وكتاب quot;التطريز في الهند وباكستانquot; عن مشروع كلمة للترجمة، كما نشرت العديد من المقالات والحوارات الصحفية في مجلتي quot;نصف الدنياquot; وquot;علاء الدينquot; وإصدارات دار الصدى الإماراتية.