في اصداره الجديد عن دار الحكمة في لندن، المعنون: quot;الهند - شرارة التنمية تحت رماد الفقرquot;. يواصل نجاح كاظم مشواره في تتبع عادات وثقافة الشعوب وسلوكها الاجتماعي. فمن الصين الذي خصص عنها كتاباً استعرض فيه قوة التنين القادمة، ينتقل في كتابه الى الهند.. باعتبارها القوة المرتقبة التي بدأت تتضح ملامحها على المسرح السياسي والاقتصادي العالمي، لتشكل قطباً جديداً ينافس القوى التقليدية.
يناقش الكتاب ايجابيات وسلبيات الهند، محاولاً ان يقيّم الانجازات التي حققتها على مسارات عدة، مسلطاً الضوء على القدرات البشرية التي ساهمت في هذه التحولات، وفي عين الوقت يستعرض التحديات الهائلة التي تواجهها كالفقر الذي يحاصر حوالى 250 مليون نسمة، والامية والبنى التحتية والحاجة الى تعزيز الارتقاء بالانسان.
يبدأ الكتاب برحلة مختصرة في تاريخ شبه القارة الهندية مع بعض التفصيل لقادة الامس الذين شكلوا منعطفاً في مسيرة البلاد، يتبعه جرد سريع لاهم الانجازات في المجالات العلمية والصناعية، اضافة الى التنمية الاقتصادية والمالية ودورها في التحولات الجارية في شبه القارة الهندية
ويتطرق المؤلف في كتابه كذلك الى الجيوبوليتيك والاواصر الابرز التي تربط الهند مع العالم الخارجي، ويتناول كذلك طبيعة المجتمع الهندي والصفات التي يتسم بها، مع تفصيل عن الثقافة والفنون الهندية.
دوّن المؤلف كتابه اثر سفرات عدة للبلد ومشاهداته بعين رائية لكل الظواهر التي تركت مكاناً خاصاً في ذاكرته، فضلاً عن حواراته مع الهنود اثناء عمله الاكاديمي، اضافة الى بحثه في مصادر عدة في محاولة لاكمال الصورة التي رسمها للبلاد واهلها.
والهند بلد متعدد الحضارات والثقافات والالوان، وهو عبارة عن قوس قزح من اللغات واللهجات، وصور متمايزة من ازياء الناس وطعامهم وسلوكهم وطقوسهم.. وفي كل زاوية غالبا ما تجد ما يشد انتباهك من ظاهرة او ممارسة او مغامرة، لهذا يمتاز البلد بصخب هائل وحركة مرور قاتلة ومنافسة غير متناهية، لكن بالمقابل تجده ساحراً، ويمتلك الكثير من الزوايا المخفية بعناية. الى جانب دفء الهنود ورحابتهم وتواضعهم وقدرتهم الفائقة على العمل والابداع.
احدثت التحولات التي تشهدها الهند منذ عام 1991 فجوة كبيرة بين الفقراء والاغنياء، الضعفاء والاقوياء،، والاميين والمتعلمين، وتزداد تلك الفوارق وضوحاً مع اقتراب الهند من مجابهة تحدياتها الكبرى، لذا يمكن القول ان الهند هي بلاد التناقضات بامتياز.
احتوى الكتاب على خمسة فصول، اضافة الى ملاحظات المؤلف، حيث جاء الفصل الاول بعنوان: الهند ماضياً، وناقش فيه تاريخ الهند مروراً بعصر الاسلام وامبراطورية المغول والموجات الاوروبية والاحتلال البريطاني، وصولاً الى حرب الاستقلال. اما الفصل الثاني فيبحث في الهند حاضراً، في حين يستعرض الفصل الثالث اقتصاد الهند، ويتناول فيه القطاع الزراعي والطاقة والمصارف والاستثمار الاجنبي، ويبحث الفصل الرابع في العلاقات الخارجية والجيوبوليتيك. الفصل الخامس والاخير كان تحت عنوان: quot;الاجتماع والثقافةquot; وسعى فيه المؤلف الى ابراز الديانات الهندية ونظام الطبقات والقيم الاجتماعية والازياء والاحتفالات والملاحم التاريخية، الى جانب النتاج الثقافي والسينمائي، مع نبذة سريعة عن المطبخ الهندي وتنوعه.
يعد كتاب الهند اضافة نوعية الى كل ما كتب عن تلك البلاد، اذ يمتاز الكتاب بسعة معرفة الهند وعمق تاريخها وحاضرها الماثل، وفي الوقت ذاته يمتاز ببساطة العرض، مما يجعل منه ملائماً للقارئ غير المتخصص، فضلاً عن الباحثين والاكاديميين.
يقع الكتاب في 240 صفحة من القطع الوسط.