كان يسير وحيدا على غير هدى في شوارع المدينة المكتظة بالسيارات والراجلة، قادته قدماه إلى مقهى قريب للاستماع إلى ما يتناقله الناس من أحاديث، جلس على إحدى الكراسي التي كانت مصفوفة بانتظام داخل المقهى، تطلع من حوله فوجد عدد من الشباب يتمازحون مع بعضهم البعض ويقهقون بصوت عال، شرب فنجانا ساخن من القهوة.

اخرج من حقيبته صحيفة كان قد اشتراها يوم امس ولم يتسنى له قرأتها، ثم بدأ يطالع ما فيها، عناوين التي تتصدر الصفحة الاولى، أخذ يتابع الخبر باهتمام واضح، وضع الصحيفة جانبا شاردا بذهنه سابحاً بأفكاره مركزا نظره الى لوحة فنية كانت موضوعة على أحد جدران.

طفل يقف وسط جثث القتلى، دموعه تعكس مايقاسيه بني البشر من رعب وحرمان نتيجة الفقر والحروب.

وبينما هو سارح بأفكاره، سمع احدهم يقول للصديقه الذي يجلس قبالته:

- لقد أعلن عن وظائف حكومية.
-لاتصدق ما ينقل في الاخبار ومايكتب في الصحف، مجرد كلام ووعود يطلقها اصحاب الشأن وها قد مر على تخرجنا سنوات ونحن ما زلنا عاطلين.
- لعلهم يصدقون القول هذه المرة.
- لا اعتقد ذلك.

أشاح بوجهه عنهما وعاد إلى افكاره التي اتخذت منحاً اخر هذه المرة يحدث نفسه بعد أن أشعل سيجارته
- عاطلان عن العمل شيء ليس بالغريب علينا فجميع شبابنا عاطلون عن العمل، نسهر اليالي ونبذل الجهود من أجل الحصول على شهادة والنتيجة هي عدة أسئلة تبقى مطروحة دون جواب.
- لماذا كنا ندرس ونتعب ونسهر اليالي، أمن أجل الحصول على الشهادة، أم لإرضاء أهالينا ليفتخروا أمام الناس والمجتمع؟؟

نظر إلى ساعته الخامسة مساء، مر على جلوسه ساعتان، أحس بضيق شديد في صدره، وبحاجة إلى استنشاق هواء نقي، خرج من المقهى يتأمل شمس الغروب متذكرا سنين عمره التي جعلت منه صحفي عاطل إلا من أخبار يتناقلها عن فرص العمل.

كاتب وصحفي من العراق
&