&
"لا أُريد ان يكون ما أكتبه الآن موسوماً بالأرض اليباب". هذا ما كتبه تي. أس. اليوت عام 1930 ، بعد ثمانية اعوام على نشر قصيدته الفوضية الشهيرة. وكان يريد بهذه العبارة تعنيف فنان خطَّ البيت ما قبل الأخير من "الأرض اليباب" على غلاف قصيدة جديدة للشاعر.
وبعد سنوات النضج في العشرينات يبدو اليوت في الجزء الخامس من مراسلاته التي تغطي الفترة 1930 ـ 1933 كهلا ما زال يلاحقه نجاح الشباب في تلك القصيدة.
يكتب اليوت في رسالة ، حين دُعي للانضمام الى الجمعية الأدبية الملكية بعدما اصبح مديرا في دار فيبر اند فيبر للنشر ، انه سُمي "بلشفياً ادبياً". ويجد الشاعر في رسالة اخرى من معجب شاب ان كاتبها ما زال يشعر بحنين طاغ الى "الأرض اليباب" بعد ان خيبته قصيدة "أربعاء الرماد" الطويلة التي كتبها اليوت بعد اعتناقه الانغلو ـ كاثوليكية. وفي رسالة أخرى يرد اليوت على صديق شاكياً "ألا أستطيع ان اخترع هراء دون أن يُفترض دوما ًبأني أستعير منها؟" (من الأرص اليباب). وفي نهاية الجزء الخامس من المراسلات يكتب اليوت الى زوجة شاعر شاب مصابة بجنون الارتياب محاولا أن يشرح لها ان "الأرض اليباب" لا تتضمن تلميحات مشفرة اليها وزوجها.
ويصف جيريمي نويل تود في مراجعته الجزء الخامس من مراسلات اليوت في صحيفة الديلي تلغراف بأنها تشكل مادة دسمة لمؤرخي أدب القرن العشرين لا سيما وان الشاعر تعامل في الفترة التي يغطيها هذا الجزء مع كل كاتب كبير تقريباً في زمنه فضلا عن العديد من الكتاب الأقل شأناً.
يضاف الى ذلك ان رسائل اليوت في هذه الفترة تحديدا شهادة على تفاني أرملته الراحلة فاليري اليوت التي أمضت عقودا في تعقب هذا الكم من رسائله وفهرستها في انجاز بحثي نال تثمين محرر الجزء الخامس جون هافندن أدرج اسمها بوصفها محررة معه. ولكن اليوت لم يكن كاتب رسائل فذا. فهو في تراسله مع انداد مثل فرجينيا وولف وعزرا باوند يكتب مسترخيا باسلوب عابث في حين تتضمن رسائل أخرى الى أقارب واصدقاء حميمين لمحات تراجي ـ كوميدية من زواجه الأول البائس تتبدى في وصف السيارة الصغيرة التي ابتاعها لزوجته المريضة دائماً فيفيان بأنها سيارة "تنزلق وتقفز... وتفقد الوعي في منتصف تل شديد الانحدار". ونجد في رسائله الى لاهوتيين وقساوسة تأملات صريحة في ديانته المسيحية الجديدة وإن كانت هي ايضا تجربة بائسة فيكتب قائلا "ان الذي لا يؤمن بأي حياة في المستقبل يؤمن بالجحيم".
يقع الجزء الخامس من رسائل اليوت الصادر عن دار فيبر اند فيبر ، في 928 صفحة. وما زالت هناك رسائل تغطي فترة 35 سنة اخرى.

&