"الرجال الذين يبكون طيبون" .. هكذا قال جيته منذُ قرنين ولكنني خائفةٌ من جفاف الدموع في أيامنا هذه. كانَ الرجل أيام جدتي يُعرف بكلمته وصدقه وشهامته وقوته، وأذكر أنّ جدي كان يبيع أرضاً بإعطاء كلمة. لم يُمض يوماً على ورقة... وكانت كلمته " نعم نعم أو لا لا "... لا مساومة ولا غشّ ولا خداع ولا وصولية..

وكبرتُ وكان ومازال جدي مثلي الأعلى. ولكن آخر مرة التقيتُ فيها والدي في ولاية بانسلفينيا في أمريكا ، وهو الرجل الذكي والمثقف والهادئ ، قال لي وهو يودّعني ويضمني إلى صدره: يا ابنتي تغيّرت الدنيا.. الآن أنت سمكة صغيرة في المحيط وأنا خائفٌ عليكِ.

بين ضيعة جدي الطيبة& والمحيط الذي وصفهُ والدي، عمرٌ تمرّد على الأشياء الجميلة.. وغيّر المقاييس .. ليتني بقيتُ في بيتكَ يا جدي... بيت العقد القديم.. بيت الأصالة.. وليتك أيها الغريب لم تكن يوماً صديقي.

أما أنتَ يا أبي فلا تخف.. حتّى الأسماك الصغيرة لا يمكن اصطيادها مرتين.