ترجمة حسّونة المصباحي


الفرنسيّ ميشال والباك المواود عام 1958 آشتهر كروائي لا في فرنسا وحدها،بل في العالم.ونالت روايته "الخارطة والإقليم" جائزة غونكور عام 2010. وهذه القصائد مأخوذة من مجموعته التي حملت عنوان:”ملاحقة السعادة" الصادرة في طبعة شعبيّة عن دار"ليبريو" .


1:-ليس مُتَصَالحا

والدي كان بليدا موتحّشا ومتوحّدا بنفسه

منتشيا بالخيبة ،وحيدا أمام جهازه التلفزيّ،

كان يجترّ مخطّطات هشّة وغريبة جدا،

وفرحه الكبير كان أن يراها تغرق.


عاملني دائما كما لو أنني فأر ملاحق

والفكرة البسيطة أن يكون له طفل،كانت،أعتقد ذلك،تثير آضطرابه.

لم يكنْ يتحمّل أن أتجاوزه ذات يوم،

يكفي أن أظلّ حيّا ويقضي هو.


مات في ابريل مُتأوّها ومُتحيّرا

نظرته كانت تشي بغضب لامتناه.

كلّ ثلاث دقائق كان يشتم والدتي،

وينتقد الربيع ،ويضحك هازئا من الجنس.



في النهاية،قبل الإحتضار الأخير،

هدوء قصير عبَرَ صدْره.

آبتسم وهو يقول:”أنا أسبح في بولي"،

ثم آنطفأ بحشرجة خفيفة.


-2:حياة ،صغيرة

أحسستُ انني عجوز بعد وقت قليل من ولادتي

الآخرون يصارعون،يرغبون،يتأوّهون

أنا لم أشعر إلاّ بأسف مشوّه.

لم يكنْ لي أبدا أيّ شيئ يشبه الطفولة.


في عمق بعض الغابات،على بساط من الزّبَد،

جذوع أشجار مُنَفّرة تنجو من الموت بعد ذبول أوراقها،

حولها يكبر جوّ حداد،

قشورها وسخة وسوداء،فيها ينبت الفطر.


لم أكن نافعا لأيّ شيء ولا لأيّ أحد،

هذا مؤسف. الواحد يعيش سيئا عندما يعيش لنفسه.

أدنى حركة تثير مشكلة،

والواحد يشعر أنه تَعس ولكنه كائنا من كان.


هو يتحرك بلا هدف ،مثل حشرة ميكوسكوبيّة ،

هو بالكاد يكون لاشيئا،مع ذلك كم يتعذّب!

يحمل معه نوعا من الدوّامة الحقيرة والسّهلة الحمْل ،والمضحكة بشكل غير محدد.


هو لا يعتقد أبدا أن الموت مشؤوم حقّا،

خصوصا من ناحية المبدأ،بين وقت وآخر يضحك،

وبلا جدوى يسعى الى بلوغ الإحتقار.

ثمّ يتقبّل كلّ شيء،والموت يتكفّل بما تبقّى.



-3:عطلة

وقت ميّت.حفرة بيضاء في الحياة التي تستقرّ.

أشعّة شمس تدور على البلاط.

الشمس تنام.الظهيرة لا تغيّر.

آنعكاسات معدنيّة تتلاقى على الرمل.


في غيلان الهواء الدّبق قليل الحركة ،

نسمع الحشرات تتشابك،

لي رغبة في أن أقتل نفسي ،وأن أنتسب الى طائفة ،

لي رغبة في أن اتحرّك،لكن لن يفيد ذلك.


بعد خمس ساعات او أكثر ستكون السماء سوداء تماما،

سأنتظر الصباح ساحقا الذباب.

الظلمات تخفق مثل أفواه صغيرة

ثم يعود الصباح،جافّا وأبيض، مقفرا من الأمل.


-4:احساس بالبرد

الصباح كان صافيا وجميلا،

كنت تريد أن تحتفظ بآستقلايتك.كنت أنتظرك ناظرا الى الطيور،

مهما فعلت ،سيكون هناك ألم دائما.



-5:عالم خارجيّ

ثمة شيء ميّت في داخلي،

نَخَر غامض وغياب للفرح

أحمل في داخلي قطعة من الشتاء ،

في قلب باريس أعيش كما لو أنني في صحراء.


في النها أخرج لكي أشتري بيرة

في السوبارماركت ثمة شيوخ

بسهولة أ تجنّب فراغ نظراتهم

ولا رغبة لي مطلقا في التحدث الى البائعات.


لا أحمل كرها لأولئك الذين يجدونني معتلاّ وذا ذوق سقيم ،

كانت لي دائما موهبة أن أفسد الأفراح ،والأجواء السعيدة

ولا أتقاسم مع الاخرين غير الآم غامضة،

وتحسّرات ،وخيبات،وتجربة فراغ.


لا شيء يوقف أبدا الحلم المتوحّد

الذي هو بمثابة الحياة والمصير المحتمل بالنسبة لي،

وبحسب الأطباء أنا المُذنب الوحيد.


صحيح انا خجل قليلا ،وعليّ أن أصمت،

أتأمّل بحزن سيلان الساعات ،

الفصول تتعاقب في العالم الخارجي.
&